الثلاثاء، 20 يوليو 2010

عامان على استشهاد عرفات:

رجل التسويات المتمسك بالثوابت
المستقبل - السبت 11 تشرين الثاني 2006 - العدد 2442 - الصفحة الأولى - صفحة 1



http://www.almustaqbal.com/stories.aspx?StoryID=204521

انيس محسن
العدوان نفسه والتناقضات نفسها لكن القائد القادر على مواجهة العدوان وتقريب المسافات غاب، فتباعد اهل البيت حتى باتوا قاب قوسين من حرب داخلية لا تبقي ولا تذر.
اليوم يكون قد مر عامان على استشهاد الرئيس الراحل ياسر عرفات في ظروف لم تتوضح بعد، فيما زادت الايام من حنين الفلسطينيين لزعيمهم التاريخي الذي كان قادراً بحسه وحدسه على استقراء المخاطر واستيعاب التناقضات وتجنب الوصول الى الحائط المسدود مهما قست الظروف.
قلما تمكن قائد من جمع هذا القدر من التناقضات الإيجابية، فهو كان صاحب التسويات والوسطية التي لا تقف امامها عقد، والمتمسك بالثوابت التي لم يحد عنها رغم عشرات محاولات الاغتيال والضغوط التي لاحقته منذ تأسيسه حركة "فتح" في العام 1965 ورغم 3 سنوات من الحصار الاسرائيلي له داخل مكتبه في المقاطعة في رام الله، حث لم يتخلَ ولو لحظة عن حلم الدولة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف.
وعرفات الذي توفي في 11 تشرين الأول العام 2004 اثر مرض غامض المّ به بعد نحو ثلاثة اعوام على محاصرته بالمقاطعة، كان على الرغم من الخلافات مع "حركة المقاومة الاسلامية" (حماس) ممسكا بزمام المبادرة وقادراً على استخدام هذه الخلافات لتقليل الضغط الخارجي على سلطته، وهو ما ليس قائما اليوم، حيث الخلاف بين "فتح" و"حماس" وضع الحزبين الاكبر في الساحة السياسية الفلسطينية في مهب المحاور الاقليمية والدولية.
واجه عرفات حركة "حماس" في العام 1997، حيث وضع مؤسس الحركة الشيخ احمد ياسين في الاقامة الجبرية ووضع الرجل الثاني في الحركة عبد العزيز الرنتيسي رهن الاعتقال، في حين حافظ المجتمع الفلسطيني على استقراره.
ويأتي احياء الفلسطينيين لذكرى رحيل عرفات في ظل ازمة داخلية خانقة نتجت عن الحصار الدولي الذي فرض على الحكومة الفلسطينية بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية الاخيرة.
وشهدت الاراضي الفلسطينية حالاً من الفلتان الامني كان ابرزها الاشتباكات التي تكررت بين افراد من القوة التنفيذية التي شكلها وزير الداخلية سعيد صيام من حركة "حماس" وافراد من الاجهزة الامنية.
وفي حين واجه عرفات الكثير من الازمات الداخلية، والتي كان اخرها الحصار العسكري الصارم عليه في مكتبه، لم تنقطع رواتب الموظفين الفلسطينيين منذ انتخابه رئيساً للسلطة الفلسطينية في العام 1996، كما يحدث اليوم.
وواجه عرفات منذ العام 2001 حصاراً لا مثيل له في التاريخ، بالمكان داخل جدران مكتبه في المقاطعة، وسياسياً حيث قاطعته الولايات المتحدة بالتوافق مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون القابع في غيبوبته منذ قرابة العام، لكن القضية لم تحاصر، وبقيت حاضرة في كل محفل.
رحل عرفات والاحتلال لم يرحل والاستيطان لم يرحل والجدار لم يرحل، رحل عرفات وحلمه لم يتحقق في تحرير مدينة القدس، والأكثر ايلاماً، ان رجل التسويات الذي كان قادراً على اجتراح الحلول لم يعوض بمثيل ولم يتمكن الفلسطينيون من ارساء مؤسسات تحل مكانه، فسادت الفوضى التي تكاد تأكل ابناء الوطن الواحد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق