الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

"العرب رقعة الشطرنج وليسو بيادقها"*





أنيس محسن

انقسم العرب منذ 2011، أي بداية ما كان أطلق عليه "الربيع العربي"، بين مؤيد ومستنجد بالولايات المتحدة الأميركية ومرجعه الإقليمي المملكة العربية السعودية - يطلق عليه صفة "الاعتدال"؛ وبين معاد لها ومناد بمواجهتها بل دحر كل متحالف أو متقارب معها من القوى السياسية، وبعده الدولي في موسكو ومربط خيله الاقليمي في طهران.
بين نهاية تموز وبداية تشرين الأول 2013، تغير كل شيء... تجربة حكم تنظيم الاخوان المسلمين في مصر الذي استفاد من خلو "الربيع العربي" من قيادات وأحزاب وقوى منظمة وامتطى الحكم، لاقت فشلاً ذريعاً ومكنت الدولة العميقة في النظام المصري من استعادة المبادرة والانقضاض على الاخوان وزج قياداتهم في السجون وتجريم التنظيم قانونيا - مستغلاً غضب الشعب الذي انْفَضّ سريعاً عن الإخوان بسبب أفعالهم.
في سوريا، حيث بدأت الثورة "سلمية... سلمية"، وحولها النظام - بشطارة دوائر الاستخبارات الروسية والإيرانية - إلى حرب "داعش والنصرة"، فشيطنها، بتآمر قذر من الغرب... انقلب الوضع على الجميع بين النصف الأول من ايلول وبداية تشرين الأول: أوباما الذي لا يجد ثمن وقود لمحركات طائرته الرئاسية ليلتحق بقمة آسيا والمحيط الهادي، يتراجع عن ضربة وعد السوريين بها - وان كانت موضعية - ضد نظام بشار الأسد. وروسيا التي طالما أدانت الدور الأميركي ضد حليفها الأسد، طرحت مبادرة الكيميائي التي تلقفتها من وزير خارجية العم سام، جون كيري، فذهب سلاح التوازن الاستراتيجي الأسدي مع إسرائيل أدراج الرياح، وها هو يدمّر... وإيران المختلفة منذ أول أيام "الثورة الإسلامية" مع "الشيطان الأكبر" تصالحت معه (ولو جزئيا حتى الآن).. وبات من كانوا بالأمس أعداء يجلسون في مربع واحد ويتبادلون المجاملات: فبوتين مرتاح لاقتناع الولايات المتحدة بعدم توجيه ضربة للأسد وقبول مبادرة الكيميائي؛ وكيري معجب بالسرعة "الضوئية" لاستجابة الأسد لأمر التعري "الكيميائي"؛ وأوباما يهاتف حسن روحاني الفرح بالمكالمة.
لطالما كان الثوريون العرب، في زمن السوفيات، يقولون إن القيادات التقليدية العربية بل قيادات شعوب "العالم الثالث" التقليدية ليست سوى بيادق في رقعة شطرنج الصراع العالمي. اليوم بات المشهد أكثر وضوحاً: العرب شعوبا وقيادات "ثورية" و"تقليدية" ليسو سوى رقعة الشطرنج ولم يرتقوا حتى إلى أن يكونوا بيادقها!!

* العنوان ومضمونه وخلاصة المقالة، مستقاة من مقالة كتبها الأستاذ الياس خوري في "القدس العربي" في 16 أيلول بعنوان: "الشطرنج الدموي في سوريا".