الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

فداء عيتاني الذي أعرفه


أنيس محسن

أعرف فداء عيتاني منذ كان متدرباً في جريدة النداء، وأعرفه فيما بعد صحافياً هجومياً إلى حد لا يحتمل.
كنت أختلف معه في بعض التفاصيل، وربما كثيراً في الاسلوب... لكن كنت أعرفه أنساناً صادقاً مع نفسه ومعتقداته.
اليوم ولجت مدونته الجميلة "صحافة غير منضبطة" للمرة الأولى، فاستعدت فيها ذاك الشاب، الثائر والمتمرد وغير المنضبط، وإلى جانبه زميلنا وصديقنا وائل يهجران اليسار الكلاسيكي نحو يسار جديد... ويفشلان، مثلما فشلنا نحن من سبقهم في اليسار.
في كل كلمة من مقالاته التي نشرها على المدونة.. رأيت إنساناً عاد إلى زمننا الثوري الجميل، مندفعاً نحو ثورة جديدة، وكأنه لا يتعب من البحث عن حلمنا المفقود، عله يصحح أملنا المنكسر.
يسأل كثر عن سبب تأييده للثورة السورية وهو المدافع العنيف عن قوى 8 آذار والهجّاء إلى درجة "الصلافة" لقوى 14 آذار ورجالاتها... إذ يصنف من هو في هذا الموقع على أنه "ممانع" و"الممانع" يجب أن يصطف إلى جانب نظام آل الأسد ظالماً (كل الوقت) أو مظلوماً (ولا اعتقد ذلك)، ومداه الاستراتيجي الإيراني، و"المقاومي" في غزة وجنوب لبنان.
لم أجد في هذا التساؤل سوى ترهات "ثقافوية" وصحافة "تسطيحية"، هي سمة هذه الأيام من التهافت، وتعدي جهلة ومنتفعين ومتملقين وسماسرة على مهنة "الحقيقة.. كل الحقيقة للجماهير" واغتصابهم لها.
لكن ما لا يعرفه أولئك، ان فداء، هو... هو ذلك الشاب الذي ينتشي بالثورة والتمرد... بل أسمح لنفسي القول أنه لو لم يسبر غور الثورة السورية في ميدانها، لأيقنت حينها أنه قد تبدل وتغير ولم يعد فداء الذي أعرفه.
 إن الموقع الطبيعي لفداء هو تأييده الثورة السورية، أما نقده لبعض الممارسات، فهو نابع من شخصيته الصادقة، التي قد نختلف معها وعليها، لكن ما لن اتفق معه، هو التشكيك بصدقه وإنسانيته التي تنساب في ثنايا كل حرف كتبه من ريف حلب.
أيها المتهافتون الشامتون الشتامون... اذهبوا إلى مدونة "صحافة غير منضبطة" لتعرفوا فداء اليوم كما عرفته قبل عشرين سنة.
بيروت 31/10/2012

الاثنين، 29 أكتوبر 2012

أيها اللبنانيون كفّوا عن زج الفلسطينيين في مشاكلكم

أنيس محسن

الفلسطينيون يفضلون قراءة جريدة "الأخبار" اللبنانية عن غيرها.. لأنها "ممانعة" وتشتم إسرائيل وأميركا.
في "الأخبار" في 29/10/2012 كان ثمة من يشيد بموقف وزيرة الخارجية الأميركية والسفراء الأوروبيين الرافضين لتغيير حكومة نجيب ميقاتلي، الممثل فيها بقوة "حزب الله" وأطراف أحزاب من بقايا "الحركة الوطنية اللبنانية" و"انعزاليين تائبين".
بل أن الصديق إبراهيم الأمين في مقالته "أزمة 14 آذار: إحباط على الطريقة المارونية" يرى أن "هناك أعدادا إضافية من المشاركين غير اللبنانيين، من فلسطينيين وسوريين" شاركوا في نشاطات 14 اذار في وسط بيروت...
لماذا هذا الزج بالفلسطينيين دائما تارة من قبل صحافة 14 آذار وتارة اخرى بواسطة اعلام 8 آذار- يا عمّي فكّوا عنّا- نحن لا نريد وغير راغبين ومستنكفين ورافضين لأي دور في المشاكل اللبنانية، وان شارك فلسطيني ما في اي تحرك، سواء لمصلحة 8 او 14 اذار والكل يعرف ان ثمة فلسطينيين مؤيدين لـ"الممانعة" أو لـ"الاعتدال"، هذا التحرك لا يمثل سوى من شارك به، علما ان مشاركات كتلك هي نادرة.
مثلا خلال احداث طريق الجديدة يوم الأحد قبل الماضي، اتهم الفلسطينيون بالمشاركة بالسلاح الثقيل في الاشتباكات... الكل يعلم انه ليس لدى الفلسطينيين سلاحا ثقيلا!! ثم قتل فلسطيني كان على دراجة، لم يكن مسلحا، انما وجد في زمان ومكان خاطئين، فسارع رسميون واعلاميون باعلان مقتل فلسطينيين حاولوا مهاجمة قوة من الجيش اللبناني.. كل التحقييقات، رغم بيان رسمي من جهة امنية، تشير الى انه مدني يعمل جزارا في صبرا وكان متوجها الى مسلخ بيروت. الفيديو المسرب يؤكد انه اصيب برأسه وكان ممدا على الارض ولا يوجد سلاح الى جانبه!!
رئيس "التيار العوني" ميشال عون اعلن في "مانيفيستو" عقب اجتماع لتكتله، ان 70 فلسطينيا و30 عنصرا من الجيش السوري الحر شاركوا في اشتباكات طريق الجديدة. بيان الجيش اللبناني تحدث عن اعتقال 4 فلسطينيين يشتبه بمشاركتهم في احداث طريق الجديدة ليل 21 - 22 تشرين الأول الجاري.
بات من المطلوب، بل الملح ان يتحمل قادة الفصائل وهيئات المجتمع المدني الفلسطينية المسؤولية وان يتصدوا بكل وسيلة سلمية ممكة، عبر الاتصالات المباشرة، و/أو فضح الجهات المحرضة، اعلاميا وشعبيا بغض النظر عن موقعها في "الممانعة" و"الاعتدال"، التي تعمل على زج الفلسطينيين في احداث ليس لهم فيها ناقة او جمل، انما فقط لإثارة الغرائز ودائما لاتهام طرف محلي بأنه لا يمتلك شعبية، ولذلك فهو يجند "الأغراب"... و"أغراب" لبنان منذ عقود هم الفلسطينيون، ثم السوريون، وقد نجد لاحقا "أغرابا" من جنسيات اخرى.
29/10/2012


الأحد، 21 أكتوبر 2012

الإعلام عندما يصبح لعبة أولاد يقودها هواة




عن تغطية تلفزيون الجديد للاشتباكات في طريق الجديدة بعد تشييع اللواء الحسن


أنيس محسن

من يستمع إلى تغطية تلفزيون "الجديد" ليل الأحد – الإثنين 22/10/2012، للاشتباكات التي شهدتها طريق الجديدة في بيروت، يقتنع بأن حرباً أهلية قد اندلعت، وأن الصباح سيكشف عن دمار رهيب، وبالتالي لا مدارس ولا أشغال ولا حياة في العاصمة!
الحوار كان بين "مراسل" تلفزيون "الجديد" و"المذيعة" – المكان: طريق الجديدة. الزمان: بعد منتصف ليل ا لأحد – الإثنين 22/10/2012 على شاشة "الجديد".
المراسل ينقل مشاهداته، ويلعب دور المراسل الحربي: "معارك عنيفة تدور على محور الجامعة العربية (كلية الهندسة) – مبنى كلية الإعلام السابق في الجامعة اللبنانية مقابل الجامعة العربية وبمحاذاة نقابة المهندسين، خلف تعاونيات لبنان..الخ. يسمع المراسل صوت انفجارات ويؤكد أن سلاحا خفيفا ومتوسطا، وربما ثقيلا يستخدم في المعركة وهي باتجاه واحد من كلية الهندسة – الجامعة العربية (التي يسيطر عليها انصار تيار المستقبل) باتجاه الكولا والمبنى القديم لكلية الإعلام – الجامعة اللبنانية (حيث ثمة وجود لحركة أمل). المراسل نفسه ينقل عن شهود عيان يشكلون مصدرا موثوقا له ان اشتباكات تدور في الشياح.. مصدر اطلاق انار مخيم صبرا!! وقد دخل سلاح ثقيل على ساح المعركة عبارة عن رشاش مضاد للطائرات عيار 23 ملم. الفلسطينيون (السنّة) [بالتأكيد] دخلوا [الى جانب انصار "المستقبل" (السنّة أيضا)] المعركة، بدليل استخدام هذا السلاح الثقيل... المذيعة تردد صدى معلومات المراسل، وتنقل عن مصادر خاصة بـالجديد دخول فلسطينيي صبرا المعركة بسلاح ثقيل". [هذا هو مضمون الحوار الذي كان يدور بين المراسل والمذيعة على مدى أكثر من ساعة، (وهو ليس نصاً دقيقاً وحرفياً)]
ننهض صباح الإثنين 22/10/2012، على باب الله نحو أعمالنا، بالطبع حركة الشارع في بيروت خفيفة، فاليوم السابق شهد تشييع رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن، وما رافقه من توتر أمام مقر الحكومة (السراي الكبير) في وسط بيروت (ساحة رياض الصلح). لكن لا حرائق ولا قتلى ولا سيارات مدمرة في الشوارع.. والتلاميذ يتأبطون هذا الكم الهائل من الكتب والكراسات اليومية في حقائبهم ويسيرون محنيّو الظهور من ثقل ما يحملونه.. سيراً باتجاه المدارس القريبة، أو انتظاراً للحافلات التي ستنقلهم الى المدارس البعيدة.
لكن لا حرائق ولا قتلى في الشوارع، والسيارات نظيفة تماما، لا بقايا معارك عليها.. سوى أن الوجوه مقفهرة "قرفاً" مما يحدث في "سويسرا الشرق".
اذا، إما أن الناس تآمروا ونظّفوا آثار المعركة عن سياراتهم وبيوتهم ومن الشوارع التي لا أثر لركام الدمار فيها، أو أن "الجديد"، للأسف: كاذب!!.
بالطبع، بالنسبة لي، كوني صحفي "عتيق" وقد غطيت معارك عسكرية عندما كنت بعمر مراسل "الجديد" (الحربي)، بل وكوني من جيل خبر واختبر الحرب الأهلية وحروب الإسرائيليين على لبنان، لم اكن محتاجاً إلى انتظار الصباح لأدرك أن ما كان يذاع ليلاً لم يكن سوى مثالا آخر على تهافت الإعلام.. واعلاميي "المرئي والمسموع" الجدد.
ما كنا نسمع من إطلاق نار، لم يتعد بالتأكيد السلاح المتوسط، أي الـ"بي كي سي"، حداً أقصى، وهو بغالبيته سلاح خفيف يتراوح بين كلاشنكوف وM16 وربما "ناتو فال".
ثم أن من يعرف صبرا وشاتيلا، ديموغرافيا وجغرافيا الآن، لا يحتاج إلى إجراء اتصالات ميدانية ليعي أن المخيم [المشهور بالمجزرة الإسرائيلية المرتكبة فيه في العام 1982 وحصاره الذي دام عامين 1986 – 1987 على يد حركة "أمل"]، بات ساكنوه الفلسطينيون أقلية ليس في المحيط، انما في الداخل، حيث بعض من فقراء لبنان والعمال السوريين والعمال الأجانب يشكلون غالبية في هذا المخيم. كما أنه جغرافيا لم يعد متصلاً بشكل مباشر مع الضواحي والأحياء التي يسكنها شيعة لبنانيون (فيما عدا منطقة الحرش البعيدة عمليا وجغرافيا عن المدينة الرياضية وكذلك الشياح) بل مع أحياء يسكنها لبنانيون سنّة.
ومن يعرف قليلاً التاريخ الحديث جدا في لبنان، والذي لا يحتاج الى تدوين كونه لم يمض عليه زمن كي يصبح تاريخا مدونا، يعرف أن المخيمات، وخصوصا مخيمات بيروت، ليس فيها أي سلاح ثقيل، كونها كانت قد بادرت بعد اتفاق الطائف الى تسليم سلاحها، بعدما انسحب المقاتلون الفلسطينيون من كل المواقع خارج المخيمات وسلموا طوعا كل سلاح كان بحوزتهم، الى الجيش اللبناني في شرق صيدا، ومن داخل مخيمات بيروت تم تسليم السلاح اما الى الجيش اللبناني او الى "حزب الله" [بعض الفصائل، كما استطيع أن أؤكد نقلا عن نفسي وليس عن أحد اخر، قد سلمت سلاحها الثقيل وما كانت تملكه من متفجرات الى "حزب الله"].
السؤال الذي يمكن أن يطرحه من لا يعرف "تضاريس" الإعلام في لبنان في هذه الأيام، هو: هل ثمة تحريض وراء ما كان "الجديد" يذيعه ليل الأحد – الإثنين، بقصد توريط الفلسطينيين في الأمر، أو خلق فتنة سنّية – شيعية؟
أستطيع الإجابة بضمير مرتاح، نفياً، بـ"لا".
إذاً، لماذا تورط "الجديد" بهذا الهراء؟...
الإجابة بسيطة جداً: بما أن ألإعلام أصبح لعبة أولاد يقودها هواة، اختلط أمر "السبق الصحافي" على هؤلاء، مع مبدأ التدقيق في المعلومات قبل بثها، وهو أمر ليس جديداً البتة، فلم يمض كثيراً على حادثة إعلان "الجديد" و"LBC" مقتل المخطوفين اللبنانيين في سوريا، وهو ما تسبب في فوضى أمنية كبيرة في حينه، وغيرها من أخبار تبث من المراسل/ة، الجاهل/ة مباشرة للمستمعين/المشاهدين.

صورة كاريكاتورية
الحوار الذي كان يدور بين المراسل والمذيعة، لم يكن بين الميدان وغرفة التحرير، انما من المبنى نفسه. المراسل على سطح مبنى تلفزيون "الجديد" في شارع جبل العرب في محلة وطى المصيطبة، الذي يبعد نحو كيلومتر واحد تقريبا عن المدينة الرياضية وليس على تماس ابداً مع منطقة الشياح، أما غرفة التحرير فهي في المبنى نفسه على بعد نحو 5 طبقات، فقط!!
.... عيب!!!!!!!!!!