الأربعاء، 8 أغسطس 2012

مشروع قانون النسبية لـ13 دائرة في لبنان لماذا دفعت به 8 آذار ورفضته 14 آذار؟

======== أنيس محسن

تظهر خارطة توزيع الدوائر وفق مشروع القانون الانتخابي (النسبية في 13 دائرة) الذي اقره مجلس الوزراء اللبناني يوم السابع من آب، الأسباب التي استوجبت وضعه من قبل قوى 8 اذار، وتلك التي دفعت بتيار المستقبل وقوى 14 اذار الى رفضه، وخصوصا "المستقبل"، بصوت مرتفع وبنبرة وصلت برئيس تيار المستقبل سعد الحريري الى حد تأنيب رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بل وبلهجه فيها تهديد بالعمل على منع تمريره في مجلس النواب.

يلعب تقسيم الدوائر وفق مشروع القانون، الذي يجب ان يوافق عليه مجلس النواب كي يصبح نافدا، دورا في تحديد شاغلي المقاعد النيابية في انتخابات العام 2013 من خلال تجميع او تشتيت الأصوات. وهنا صورة عامة عن تلك التقسيمات وتأثيرها:

بيروت دائرتان:

1 ـــ الاشرفية – الرميل – المدور – المرفأ – الصيفي – الباشورة وعدد مقاعدها النيابية 9 نواب.

كان نواب هذه الدائرة، وجل الناخبين مسيحيون وأرمن، بحاجة الى اصوات السنة في الدائرة التي اصبحت الدائرة الثانية وفق القانون الحالي، وبفصل الاكثرية السنية وضم الاحياء الارمنية الموالية لحزب الطاشناق (متحالف مع عون وحزب الله) بعضها الى بعض، واضافة الباشورة ذات الغالبية الشيعية، يمكن لتحالف الارمن ـــ الشيعة مع مسيحيي عون ان يحسموا الدائرة لمصلحتهم، او على الاقل منازعة قوى 14 اذار على نصف او اكثر من نصف المقاعد، فيما كان نواب هذه الدائرة في الدورتين الاخيرتين مئة في المئة لقوى 14 آذار.

2 ـــ رأس بيروت - دار المريسة – ميناء الحصن – زقاق البلاط – المزرعة – المصيطبة (10 نواب)

بإمكان تيار المستقبل حسمها اذا انتخب نوابه كل المجتمع السني، لكن اذا دخل سنة اخرون مؤثرون ضده، او اذا تمكن السلفيون من فرض نفسهم كقوة كبيرة بالتحالف مع الجماعة الاسلامية (الامر الى الان مستبعد)، وبالتالي تشرذم الصوت السني، ففي حينه يمكن لشيعة المصيطبة وزقاق البلاط ان يقلبوا المعادلة وقد تكون الدائرة كلها او معظمها بيد 8 اذار. كما انه بموجب النسبية ومع وجود 8 اذار القوي لن يتاح للمستقبل وقوى 14 اذار الفوز بكل المقاعد.

الجنوب: دائرتان:

قسم الجنوب الى دائرتين سوف يكون تيار المستقبل وجنبلاط خاسران في كليهما:

1 ـــ صيدا – صور – جزين – الزهراني (12 نائبا)

مدينة صيدا هي في غالبيتها تصوت لتيار المستقبل، لكن هناك قوى اخرى لا يستهان بها: اسامة سعد له موقعه في المدينة وكذلك الجماعة الاسلامية، والان الحالة الاسيرية السلفية، فضلا عن الصوت الشيعي في المدينة الموالي لطرفي المعادلة الشيعية حزب الله وامل.

اما صور والزهراني فهما عمليا لحركة امل اكثر مما هما لحزب الله، الذي بالطبع يمتلك ثقلا وازنا في هاتين المنطقتين، وجزين هي لمصلحة عون، وبذلك يمكن القضاء تماما على تيار المستقبل في هذه الدائرة.

2 ـــ بنت جبيل – النبطية – مرجعيون – حاصبيا (11 نائبا)

تعتبر منطقة العرقوب السنية موالية لتيار المستقبل، او للحالة السنية في لبنان، لكنها في محيطها الشيعي لا تعد ذات تأثير يذكر، بل ان نائبها السني يختاره عادة الشيعة. الامر ذاته ينطبق على حاصبيا الدرزية، ونائبها الدرزي تختاره عادة حركة أمل. في تقسيم هذه الدائرة الغلبة الواضحة والتي لا يعلى عليها ستكون لمصلحة امل وحزب الله، وبالتالي لن يتاح للاخرين تجميع النسبة اللازمة لخرق لائحة الثنائي الشيعي.

البقاع: 3 دوائر:

1 ـــ زحلة (7 نواب)

اللعبة الانتخابية في زحلة تتبع في اتجاهاتها التحالفات العائلية في المدينة وفيما البقاع الاوسط سني ومؤيد كبير لتيار المستقبل، فإن الوضع المالي السيئ للمستقبل قد يلعب دورا في تغيير الواقع الذي هو الان لمصلحة 14 اذار.

كما ان وجود تيارات اخرى موالية لقوى 8 اذار وللسلفيين قد تؤدي الى خرق لائحة 14 اذار حتى ولو بقي ميزان القوى على وضعه الحالي.

2 ـــ راشيا – البقاع الغربي (6 نواب)

تبقى قوى 14 اذار اللاعب الأهم فيها، لكن وجود قوى سنية ومسيحية مؤثرة ومنضوية في تحالف 8 اذار، وبفعل النسبية، قد لا يسمح لـ14 اذار باحتلال المقاعد الستة.

3 ـــ بعلبك – الهرمل (10 نواب)

لن يتغير واقعها وهي تماما لحزب الله وامل، ولن تؤثر النسبية في نتائجها.

الشمال: 3 دوائر:

1 ـــ عكار – المنية – الضنية (10 نواب)

الدائرة هذه تبدو لمصلحة المستقبل وقوى 14 اذار، لكن فيها ايضا وجود لقوى 8 اذار، وبفعل النسبية لن تكون قوى 14 اذار المهيمنة الوحيدة على التشكيل النيابي.

2 ـــ طرابلس (8 نواب)

بوجود ميقاتي والصفدي وكرامي، وظهور الحالة السلفية التي تصب لمصلحة ميقاتي، قد لا يكون لتيار المستقبل و14 اذار وجود فاعل نيابيا في المدينة، او اقله لن يتكمن المستقبل من ايصال الا عدد قليل من مرشحيه.

3 ـــ زغرتا – بشري – الكورة – البترون (10 نواب)

زغرتا تصب لآل فرنجية والكورة فيها وجود قوي للحزب السوري القومي الاجتماعي، والبترون للقوات والكتائبوقوى 14 اذار لكن استثمر فيها جبران باسيل (صهر عون ووزير الطاقة) الكثير، بشري وحدها موالية تماما للقوات اللبنانية. نتائج انتخابات 2013 في هذه الدائرة لن تشبه نتائج 2009، وسوف يكون لقوى 8 اذار قول حاسم فيها.

جبل لبنان: 3 دوائر:

1 ـــ جبيل – كسروان (8 نواب)

فيما بدأت تظهر في كسروان قوى عائلية وبدا ان القوات اللبنانية فعلت وجودها في المنطقة، فإن الصوت الشيعي في جبيل يصب مئة في المئة لمصلحة ميشال عون، ما يوازي بالتالي ميزان القوى في كسروان، ولا يسمح بكسر عون، ان لم نقل انه سوف يحقق له الفوز في هذه الدائرة.

2 ـــ بعبدا – المتن (14 نائبا)

في دائرة بعبدا كتلة شيعية ليست الاكبر لكنها الاكثر تماسكا وهي موالية بنسبة تزيد على 80% ان لم نقل اكثر لأمل وحزب الله، وفي المتن وجود فاعل لأرمن حزب الطاشناق، وبالتالي فإن خسارة عون شعبيته في بعبدا يجري تعويضها في استمرار وجود ثقل له في المتن وبتأييد الطاشناق له. في المحصلة، ما يمكن ان تخسره 8 آذار عبر النسبية، بوجود قوي لـ14 اذار في الدائرة، لن يوازي الخسارة المحققة فيما لو جرت الانتخابات على اساس الدوائر الصغرى الأكثرية.

3 ـــ الشوف – عاليه (13 نائبا)

الشوف ـــ عاليه في المحصلة لجنبلاط و"المستقبل" لو تحالفا، لكن يمكن المراهنة هنا على احداث خلاف بين المستقبل وجنبلاط، فالاخير تاريخيا كان المسيطر في الشوف قبل مجيئ تيار المستقبل وسيادته الساحة السنية هناك، حيث بات يتحكم بجنبلاط، لكن ضمها الى دائرة واحدة مع عاليه ذات الاكثرية الدرزية، يحرر جنبلاط من اسر المستقبل في الشوف، وفي حال عدم اتفاقهما، تسمح للقوى الموالية لـ8 اذار بالنفاد بقوة من خلال قانون النسبية.

بناء على ما سبق، واذا ما تمكنت القوى التي تقف خلف قانون الانتخاب المطروح، من تمريره في مجلس النواب، حيث الحاجة فقط الى النصف + 1، فإن لبنان سوف يكون رسميا تحت السيطرة الكاملة وغير القابلة للدحض لقوى 8 اذار، واستطرادا لمحور ايران في المنطقة، كون سوريا لن تكون بذات القوة اذا بقي نظام الأسد، وسوف تكون خارج "محور الممانعة" اذا خسر النظام، وبالتالي يمكن التعويض نسبيا بالهيمنة عبر عملية "ديموقراطية" على لبنان، وانشاء محور "طهران ـــ بغداد ـــ بيروت".