الاثنين، 21 فبراير 2011

أنا والحجاب وحزب الله

وائل ح.
أيام الدراسة الثانوية، حصلت لي قصة مع حزب الله. أرويها.
كنت في السابعة عشر من العمر، وقد توليت إصدار وتحرير نشرة "ثورية جماهيرية" أطبعها على الآلة الكاتبة (!)، وألصق صفحات الآي 4، على صفحات الآي 3، وأنسخ نحو اربعين عدداً منها على آلة تصوير عادية في مكتبة تقع في الشارع الموازي لبربور، أخبئها في شنطتي المدرسية، وأعبر بها حواجز حرّاس بيت الأستاذ، الذين يرمقونني بنظرة لا مبالية أو استهزاء في أغلب الأحيان، لأقوم بتوزيعها في الأيام التي تلي، على زملاء صفي، وأصدقائي.
كان اسم هذه النشرة .."النفير".
حرّرت ونشرت وطبعت خمسة أعداد من هذه المجلة – النشرة (وأنا أؤكد أنها كانت تشبه المجلة، بالأبيض والأسود، أكثر من شبهها للنشرات).
المهم، كان لدي في ذلك الوقت صديق، من عائلة متوسطة، يسكن في منطقة مار الياس، وهو أساساً من إحدى قرى إقليم التفاح.. فنحن أبناء القرى كنا لا نزال نعرّف عن أنفسنا في ذلك الوقت، بصفتنا القروية.
هذا الصديق، كان يحضر بعض الحلقات الإذاعية لحزب علماني قومي في منطقة رأس بيروت، قبل أن تنقلب أحواله، ويصبح مناصراً لحزب الله.. وقيل، والرواية على لسان صديق مشترك، إن اخته، تلك الفتاة الجذّابة، والجميلة، تزوجت فجأة أحدهم، ولبست التشادور، وربما أكون لمحتها يوماً، لا يظهر منها إلا وجه طفولي ناصع البياض، وقيل، نقلا عن الصديق المشترك إياه، إن هذا قد يكون دافع الصديق الأول للاقتراب من حزب الله، حتى أصبح من أشدّ مناصريه، ولا أعرف عنه اليوم شيئاً.
المهم، كنت كناشر لمجلة النفير – صوت الجماهير الطلابية (!)، أبحث عن جمهور قرّاء، وكان هذا الصديق من بينهم، فأعطيه المجلة، ونتحاور بشأن تلك المساحة الواسعة التي تجمعنا، في العداء لإسرائيل..

ولا أنكر، كنت شديد الإعجاب بحزب الله.. ومما كتبته وهو الآن بين يدي، – حمداً لله أن بعض الماكيتات لا تزال بحوزتي وكذلك الآلة الطابعة –، مقال رأي بعنوان "إسلام المقاومة الإسلامية وصهيونية منتحلي الإسلام"، (العدد الأول بعد العدد صفر – تشرين الثاني 1992)، وفيه:
(في لبنان صرخات الله أكبر الكربلائية تسطّر بأحرف من دماء قصّة الانتصار على الجيش الذي لا يقهر.. وفي مصر رجال أخذوا من الإسلام ذقونا مرخية، كتاباً يتزينون به وسجادة صلاة، ويقومون بقتل إخوانهم العرب المسيحيين وبزرع الفتن وباستغباء الشعب الفقير.. ولمن ننتصر؟ للّذي انتصر له عباس الموسوي، وراغب حرب، وعزالدين القسام.. للإسلام الواعي، للإسلام الحرية، للإسلام العدالة الاجتماعية).
كنت قبل ذلك في شباط من العام نفسه، 1992، قد شاركت غاضبا في مسيرة تشييع الشهيد عباس الموسوي، وكلماته لا تزال تتردد في أذني وفي قلبي، "سنخدمكم بأشفار العيون". وكنت في كل ذلك، قد أعلنت أمام الملأ أنني ملحد ملحد ملحد.

ولكن قبل هذا المقال، كنت قد نشرت ما أسميه اليوم محاولة قصة كتبتها بعنوان "الحجاب"، وهي تحكي عن صبي اسمه علي، لديه جارة اسمها فاطمة، من عمره، يسترق النظر إليها.. وكانت محجبة.. وأقتطع (النفير- العدد صفر تشرين الأول1992:)
(قال لها إن وجهها جميل، وعينيها ساحرتان، قال إن وجنتيها عطرتان، وشفتيها رائعتان، وشعرها...وهنا لاحظت فاطمة أن قلمه توقف.. وحاولت أن تفهم السبب، وما أن حدّقت بمرآتها الصغيرة حتى فهمته... ومنذ ذلك اليوم وهي تحاول أن تجيب على هذا السؤال، لماذا نزع الحجاب حرام؟؟؟؟)
المهم، أنني في نهاية هذه القصة القصيرة جعلت فاطمة تنزع حجابها، وباتت الصورة عند علي أكثر اكتمالاً.. وإشراقاً.
(فاطمة شعرها أسود).

لم يكد العدد الأول بعد الصفر يصدر (عدد تشرين الثاني 1992)، حتى جاءني هذا الصديق الذي حدثتكم عنه، ليخبرني أن الأخوة في التعبئة التربوية يريدون مقابلتي.
طرت فرحاً.. فأنا معجب بهذا الحزب المناضل.. وأنا توّاق الى الالتقاء بهؤلاء الرجال الذين يبعثون الرهبة في نفسي، ويشعرونني بالاعتزاز والفخر في الوقت نفسه.
تحدد الموعد، وذهبت إلى بئر العبد، سألت عناصر حماية حزب الله هناك عن مقرّ التعبئة التربوية، دلّوني على الطابق الأول أو الثاني من مبنى سكني حسبما أذكر. دخلت خجلاً ومتردداً، وألقيت التحية بالسلام عليهم، وأخبرتهم أن موعداً قد تحدّد بيني وبين مسؤول التعبئة التربوية آنذاك.. الدكتور حسين الحاج حسن.
وعلى مدى ساعتين ربما، أو أكثر، او ربما أقل.. حاورني الدكتور الحاج حسن، لم يحاول إقناعي البتة باعتناق المذهب الاثني عشري، ولا بالعودة إلى الإسلام، بل كان حوار حول الحرية، والحرية الشخصية، والتقاء المناضلين، شيوعيين او إسلاميين أو قوميين، على معاداة.. إسرائيل.
وخرجت من الحوار مسروراً، ومتفائلاً، فالإسلامي يحاور علمانياً، والاثنان متفقان على.. محاربة إسرائيل! (هو كان دكتوراً وانا طالب ثانوي، هو أصبح نائباً ووزيراً، وأنا مهاجر).
المهم، أنني سارعت في العدد الثالث من مجلتي – النفير (كانون الثاني شباط 1993)، وفي قسم استحدثته على عجل تحت عنوان الموقف الثقافي، لأسطّر موقفا، وفيه:
(الأخوة في التعبئة التربوية في حزب الله غاضبون.
الأخوة في التعبئة التربوية في حزب الله حانقون. والسبب؟ قصة نشرتها (النفير) في العدد صفر.
الخلاف ليس على القصة، على الحجاب، الخلاف الحقيقي هو على مفهوم الحرية لدينا ومفهوم الحرية لديهم. ما هي الحرية الثقافية والفكرية؟ هذا هو السؤال.
(...)
ولكن إذا كان الحجاب خياراً حراً، فهي الحرية بحد ذاتها.
(...)
ومنطقتنا لا يتم تحريرها الا بتحرير مجتمعنا من كل ظلامة فرضت عليه فرضاً، لأن الأعمى لا يقود شعبا إلى الحرية، ولأن السجين لا يحرر سجناء، نعيد نشر قصة الحجاب، رمزاً لإزاحة كل حجاب داخلي وأجنبي).
هذه قصتي مع حزب الله.. عشت وكبرتُ وأنا أدرك حجم الخلاف الكبير معه، أتغاضى عن الدماء التي سفكها، او سفكتها المخابرات الإيرانية، من مفكّرين ومناضلين يساريين ومقاومين في الثمانينيات، حرصاً على نقاء صورة المقاومة في ذهني.. ولكنني لا أغيّر موقفي الأول من.. الحرية، بل أطوّره.. أقع في تجارب خاطئة، أنتقد الذات، أفكر، ولا أتوقف عن التفكير.
واليوم أقول، بلغة ابن السابعة عشر نفسها، لقد خذلتني يا حزب الله، وطالما أنت توجّه سلاحاً ضد رأي، أو تسكت أقلّه عن العنف السياسي المجرم في البلاد، أو تحاول إبعاد الشبهات عن القاتل، أو تنزل إلى شوارع وزواريب وقرى الوطن لتقاتل بالسلاح دفاعاً عن السلاح، أو تهين حلمي بدولة عادلة وديمقراطية في لبنان، فأنا.. ضدّك.
لستُ معهم، لكنني، وبشكل أوضح، ضدّ الديكتاتورية المذهبية المسلحة، وضد الطائفية المقنّعة بالمقاومة، وضد التصفيق لوليّك الفقيه وهو يقتل نيدا سلطان أغا، ويفتك بأحرار إيران، بأطيافها السياسية المتعددة.
وأتعاطف، كإبن السابعة عشر، مع ابنة الثامنة عشر، المدوّنة الأسيرة طل الملوحي، التي تقبع في سجن حليفك الآخر.
ولو أصدرتُ مجلة النفير في هذه الأيام (!)، لكان عنوان الغلاف:
فلتنصبّ كل جهود القوى السياسية المدنية في مواجهة الفاشية المذهبية.
لا لاصطياد مقاوميها الأبطال الذين نحفظ لهم في ذاكرتنا ما قدّموه للوطن من دماء، بل حفظاً للوطن من كابوس الانهيار.
نحن نحبّ فلسطين حرّة.. ونحب لبنان حرّاً أيضاً.
فارجع إلى عائلتنا.
وابقَ ناصعاً في ذاكرتنا عن مارون الراس وبنت جبيل.
ولا تقسّمنا، فصالحنا معك.
ولا تخونّا، فنحن إخوة.
نحن تعلمنا حبّ فلسطين قبل لبنان، ولكنّ بعض الحبّ وفنونه معدٍ، فنحبّ لبنان أيضاً، بلداً ديمقراطياً متعدداً تعددياً غنيّاً ثرياً عربياً يعيدنا إلى العروبة.
هذا لبنان، إذا كان تحويله لثكنة متقدمة في الحرب الثورية الجهادية ضد الاستكبار (من بوشهر الى غزة الإمارة)، سيفتّته وسيدفعه نحو انهيار مجتمعي وسقوط كلّ أفق وحدة وطنية أو تعايش مدني، فمن أخبرك أننا جاهزون للتضحية باسماعيل؟

الخميس، 17 فبراير 2011

الرهان على عودة مصر
المستقبل - الثلاثاء 15 شباط 2011 - العدد 3913 - الصفحة الأولى - صفحة 1



ميشال نوفل
اذا كانت عودة مصر الى ممارسة الدور الاقليمي الذي يفرضه موقعها الجيوسياسي المحوري وقيمتها الاستراتيجية، تعيد الأمور الى نصابها في المنطقة وتقلق بعض "الأشقاء" والأقطاب، فإن أحداً في الأوساط الديبلوماسية الغربية لا يتوقع أن تندفع القاهرة تحت ضغط التغيير الثوري الذي أسقط نظام مبارك الى إلغاء اتفاقية السلام مع اسرائيل أو الدخول في مواجهة دراماتيكية مع الولايات المتحدة. بل يُرجح أن تتجه مصر في سياق "الربيع الديموقراطي" للنسج على المنوال التركي في حقل السياسة الخارجية، أي التمايز في اطار العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة لاستعادة المكانة المفقودة.
واستناداً الى التحليلات التي تتداولها الدوائر الديبلوماسية وتشغل أكثر ما تشغل عواصم القرار في الغرب، سيكون على الادارة الأميركية أن تعتاد من الآن وصاعداً على "اعادة تموضع مصرية" تضع حداً لزمن كانت واشنطن تعتبر القاهرة "ورقة في الجيب"، وعلى أن "الشراكة الاستراتيجية"، كما في الحالة التركية الأميركية، تتسع لأن تكون مصر شريكاً بهذا القدر أو ذاك، لا أن يتقرر مصير المعادلة من جانب واحد.
وثمة من يقول ان استعادة مصر بعض التوازن على صعيد المكانة والدور في الوطن العربي والشرق الأوسط، يعيد الأطراف الفاعلين في العلاقة العربية الايرانية والعلاقة العربية التركية والتوازنات الاقليمية، الى احجامهم الطبيعية بحيث لا يعود العالم العربي مجرد ملعب لسياسة المحاور. حتى الحضور التركي الذي افترضنا أنه يقدم الموازن الايجابي لـ"الاختراق الايراني" والبديل من تراجع الدور العربي، فأنه يصبح بلا جدوى ويعمّق حالة اختلال التوازن الاقليمي في غياب مصر تستعيد دور القاطرة العربية لتحدث مع تركيا التوازن المطلوب مع ايران، فضلاً عن التوازن الصحيح بين الأتراك والعرب.
إذاً، لا بأس من استعادة مصر دورها تحت سقف العلاقة الاستراتيجية مع أميركا، إذا كان ذلك لا يمنعها من أن تصبح شريكاً لديه القدرة على ممارسة الضغط والممانعة في مواقف وسياسات أساسية، مثلما هي الحالة التركية ازاء الحليف الأميركي واسرائيل. ولا ننسى أن الدولة التركية منعت الأميركيين في عز الحرب على العراق من عبور مجالها الجوي للوصول الى شمال بلاد الرافدين، كما حرمتهم من استخدام قواعدها العسكرية، علماً أن أنقرة عضو في حلف شمال الأطلسي وتربطها بالولايات المتحدة رابطة مأسسة أكبر وأكثر تعقيداً من علاقة مصر وأميركا. وهذا يعني أن هناك مجالاً للتمايز والاستقلالية، وعلينا أن نخرج من دوامة "عليك أن تكون ملحقاً أو صدامياً" في العلاقات والاصطفافات الدولية، ما يمكن أن يصحح ويصلح أموراً كثيرة في المنطقة، خصوصاً في ادارة الصراع العربي الاسرائيلي وديبلوماسية التسوية السياسية.
حقيقة ساطعة أن مصر تغيرت بعد ثورة 25 يناير، ولم يعد في الامكان العودة الى الوراء، أقله لتبدل مناخات الثقافة السياسية والاجماع على بناء الدولة المدنية الديمقراطية، واذا صحت الفرضية القائلة ان جزءاً من الحراك الشعبي الذي بلغ الذروة في ميدان التحرير، مصدره المطلب الاجتماعي الاقتصادي، فإن الجزء الآخر المتعلق بالكرامة والحرية يقود الى المطلب السياسي بشقيه الداخلي والخارجي. والأمر الأكيد ان قدراً من الشعور بالمهانة عند المصريين مرده الى انتهاء المكانة وان فقدان الدور والمكانة كان من عناصر الغضب الشعبي المصري، وهذه مسألة خطيرة في الجيوبوليتيكا المصرية، يجب التفكير فيها بصورة جدية لكونها ستعود الى طاولة البحث لمجرد التقدم في الورشة الاصلاحية الآيلة الى ارساء شرعية دولة القانون. وبالتالي سيكون على النخب الجديدة في القاهرة استعادة المكانة بمصر من خلال العمل لإخراج البلاد من الفراغ الجيوستراتيجي الذي أحدثه غيابها عن المسرح الجيوسياسي. ولهذا السبب تحديداً نفترض ان الحاكم الجديد في مصر، سواء كان عسكرياً تخلى عن بذلته أو مدنياً يستند الى المؤسسة العسكرية (التي ستضطلع بدور مهم في المرحلة المقبلة بصفة كونها حامية للدولة والنظام)، أمامه النموذج التركي في حقل بناء القوة المحورية، وإن كانت التجربة التركية في التحول الديموقراطي تنطوي على مفارقة هي وجود أحزاب سياسية راسخة في الحياة السياسية واللعبة البرلمانية، استطاعت أن تفرض نفسها موازناً للمؤسسة العسكرية، فضلاً عن التقاليد المؤسساتية للدولة السلطانية التركية.
لقد ارتكبت أخطاء استراتيجية فادحة في عهد مبارك من نوع عدم التنبّه لمخاطر أزمة انفصال جنوب السودان وانعكاساتها على أمن مصر الاقليمي، وتهافت الدور المصري في الموضوع الفلسطيني الى درجة المشاركة في الحصار الاسرائيلي المضروب على قطاع غزة ومحاولة التشويش على المبادرة التركية..
ولأن محرك ثورة الشباب جمع بين الخبز والكرامة، فإن من الصعب أن نتصور أن يقبلوا بالمهانة التي فرضت على "أم الدنيا" وبوابة السلام والحرب. بل ان القيادات الجديدة في مصر لن تجد مفراً في التفكير في الاتجاه الذي يجب أن تسير عليه في المستقبل، وسيكون عليها بالضرورة أن تبدي رأيها في عملية التغيير في المنطقة، وربما تصبح مرشداً للتغيير العربي في المدى القريب أو المتوسط.
كل هذا يختصر بإعادة تموضع مصر على المسرحين العربي والشرق أوسطي، وهي عملية ستكون لها ارتداداتها على صعيد السياسة الاسرائيلية والعلاقة العربية الأميركية، من دون أن تعني الالتحاق بالمحور الايراني ـ السوري الذي استفاد في صعوده من غياب مصر.
ميشال نوفل

الأحد، 13 فبراير 2011

النموذج التركي المفضل لدى الجيش والخيار بين النظامين الرئاسي والبرلماني

عمرو موسى الأوفر حظا بين المرشحين لقيادة المرحلة المقبلة في مصر

أنيس محسن

أما وقد انزاح نظام حسني مبارك عن كاهل مصر، ونجح شباب مصر في إطلاق أهم ثورات القرن الواحد والعشرين في دول ما يسمى بالعالم الثالث، وفي الدولة الواقعة في القلب منه ومن المنطقة العربية وإفريقيا، فإن السؤال المطروح.. وماذا بعد؟
فالثورة انطلقت ولم تصل إلى غاياتها النهائية بعد.. وقبل ولوج النهايات الكبرى من مثل شكل مسار التنمية ومستقبل علاقات مصر الإقليمية والدولية، فإن الأنظار تتجه إلى المرحلة الأكثر قربا، أي استحقاق تولية قائد مدني جديد للبلاد، وشكل الحكم القادم.
يقول مصدر مصري مطلع ومتابع لمسار التطورات منذ ما قبل الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير)، عندما انطلقت ثورة شباب مصر، أن البنان تؤشر إلى الأمين العام الحالي لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية المصري الأسبق عمرو موسى، الذي سيكون على رأس السلطة المقبلة.
ويضيف المصدر نفسه، أن الشخصيات المطروحة اسماؤها لمنصب الرئاسة، اذا اتفق على نظام رئاسي، او رئاسة الوزراء اذا كان النظام برلمانيا، ليست مقبولة شعبيا أو من قبل المجلس الأعلى للقوات المصرية المسلحة، الحاكم الفعلي حاليا وسلطة الظل في المستقبل.
فأسماء مثل أيمن نور أو محمد البرادعي لا تمتلك ثقلا شعبيا ولا قبولا من الجيش، وجماعة الإخوان المسلمين لا تضم أشخاصا بقدرات كرزمائية على مستوى قيادة البلاد وهي، وفق المصدر، وعلى الرغم من أنها الأكثر تنظيما، إلا أنها لا تمثل أكثر من 7% في أحسن الأحوال من الشارع المصري المائل بمعظمه نحو نموذج مدني: لا عسكري ولا ديني، لقيادة البلاد.
ويؤكد المصدر، أن إبعاد عمرو موسى عن الساحة الداخلية المصرية من قبل نظام حسني مبارك عبر ابعاده عن وزارة الخارجية في العام 2001، وبعد التأييد الشعبي الواسع الذي حظي به جراء مواقفه المناهضة لإسرائيل، وإطلاق المغني الشعبي شعبان عبد الرحيم اغنيته المشهورة "انا بكره إسرائيل وأحب عمرو موسى"، هذا الإبعاد لم يقض على شعبيته التي احتفظ المصريون له بها رغم عدم وجوده المباشر في الساحة الداخلية، وقد بدا ذلك جليا في الاستقبال اللافت له في ميدان الحرية في الأيام الأولى للثورة، خصوصا وان مواقفه كانت اقرب الى مطالب الشباب.
ويشير المصدر الى ان الجيش قد يكون يفضل مدير المخابرات السابق في نظام مبارك ونائبه لأيام قليلة عمر سليمان، كونه لواء في الجيش المصري وقائدا للمخابرات العسكرية ثم مديرا للمخابرات، لكن شعبية سليمان ضعيفة جدا، والجيش واع لهذا الأمر، وفي أي مفاضلة سوف يختار عمرو موسى، ولا أحد غيره كمرشحه في الإنتخابات المقبلة.
وعن دور الجيش المصري في المرحلة المقبلة، يشير المصدر إلى أن الجيش يدرك تماما أن طرفين حققا الإنتصار في ثورة 25 يناير، الجيش والشعب، وبالتالي فإن السلطة يجب ان تذهب إليهما، وبما أن حصة الشعب ستكون دعم ترشيح عمرو موسى، فإن حصة الجيش ستكون استراتيجية.
ويوضح المصدر، وفقا لما يتم تداوله في أوساط الجيش، أن النظام القادم في مصر سيقتدي بالمثال التركي، حيث أن الجيش هو سلطة الظل والضامن للدستور ولتبادل السلطة ومنع الإستفراد بها، وذلك من خلال منع السياسيين من التأثير في قرارات الجيش، وحصر قرار تسمية وزير الدفاع به، كممثل له في السلطة الإجرائية، وإنهاء حالة أن يكون الرئيس هو القائد الأعلى للجيش، الذي لا قائد له سوى المجلس الأعلى الذي سيرأسه وزير الدفاع المختار من قبل هذا المجلس.
وما يجري تداوله الآن، هو المفاضلة بين نموذجين للسلطة: النموذج الرئاسي غير المفضل تبعا للتجربة المريرة لمبارك، والبرلماني الذي يبدو أن الجيش يسيعى الى إقناع اللاعبين الرئيسيين به بدعم من شباب ثورة 25 يناير، فيكون رئيس السلطة الإجرائية الذي يختاره البرلمان عبر انتخابات عامة تشارك فيها كل الأحزاب، اما رئيس الجمهورية، واقتداءا بالنموذج التركي، فيكون رئيسا بروتوكوليا.
وكان عمرو موسى كرر في الثالث من شباط (فبراير) أنه سيكون مرشحا لرئاسة الجمهورية، ثم أعلنت أوساطه أخيرا أنه سوف يسلم أمانة الجامعة العربية خلال قمة بغداد في نهاية آذار (مارس) المقبل، ليتفرغ بعدها لحملته الإنتخابية، التي انطلقت عمليا، ومن دون تخطيط منه، عبر "الفيس بوك" ومن قبل مجموعة شباب "الفيس بوك" الذين اشعلوا جذو ثورة 25 يناير ونجحوا حيث فشلت كل الأحزاب وبخلاف كل توقعات الداخل والخارج، ويبدو أن مرشحهم للرئاسة هو الأوفر حظا بدعمهم وبدعم الجيش الذي كان إلى جانب ثورتهم.
كما أن موسى، بدأ في تأمين غطائين له: داخلي عبر تأكيده في مقالة نشرت في 13 شباط (فبراير) الجاري، أن موقفه من إسرائيل لم يتغير منذ كان وزيرا لخارجية مصر وخلال توليه أمانة الجامعة العربية، وخارجي عبر تأكيده أنه يحترم كل المعاهدات الدولية التي وقعتها مصر.

النموذج التركي المفضل لدى الجيش والخيار بين النظامين الرئاسي والبرلماني

عمرو موسى الأوفر حظا بين المرشحين لقيادة المرحلة المقبلة مصر

أنيس محسن

أما وقد انزاح نظام حسني مبارك عن كاهل مصر، ونجح شباب مصر في إطلاق أهم ثورات القرن الواحد والعشرين في دول ما يسمى بالعالم الثالث، وفي الدولة الواقعة في القلب منه ومن المنطقة العربية وإفريقيا، فإن السؤال المطروح.. وماذا بعد؟
فالثورة انطلقت ولم تصل إلى غاياتها النهائية بعد.. وقبل ولوج النهايات الكبرى من مثل شكل مسار التنمية ومستقبل علاقات مصر الإقليمية والدولية، فإن الأنظار تتجه إلى المرحلة الأكثر قربا، أي استحقاق تولية قائد مدني جديد للبلاد، وشكل الحكم القادم.
يقول مصدر مصري مطلع ومتابع لمسار التطورات منذ ما قبل الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير)، عندما انطلقت ثورة شباب مصر، أن البنان تؤشر إلى الأمين العام الحالي لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية المصري الأسبق عمرو موسى، الذي سيكون على رأس السلطة المقبلة.
ويضيف المصدر نفسه، أن الشخصيات المطروحة اسماؤها لمنصب الرئاسة، اذا اتفق على نظام رئاسي، او رئاسة الوزراء اذا كان النظام برلمانيا، ليست مقبولة شعبيا أو من قبل المجلس الأعلى للقوات المصرية المسلحة، الحاكم الفعلي حاليا وسلطة الظل في المستقبل.
فأسماء مثل أيمن نور أو محمد البرادعي لا تمتلك ثقلا شعبيا ولا قبولا من الجيش، وجماعة الإخوان المسلمين لا تضم أشخاصا بقدرات كرزمائية على مستوى قيادة البلاد وهي، وفق المصدر، وعلى الرغم من أنها الأكثر تنظيما، إلا أنها لا تمثل أكثر من 7% في أحسن الأحوال من الشارع المصري المائل بمعظمه نحو نموذج مدني: لا عسكري ولا ديني، لقيادة البلاد.
ويؤكد المصدر، أن إبعاد عمرو موسى عن الساحة الداخلية المصرية من قبل نظام حسني مبارك عبر ابعاده عن وزارة الخارجية في العام 2001، وبعد التأييد الشعبي الواسع الذي حظي به جراء مواقفه المناهضة لإسرائيل، وإطلاق المغني الشعبي شعبان عبد الرحيم اغنيته المشهورة "انا بكره إسرائيل وأحب عمرو موسى"، هذا الإبعاد لم يقض على شعبيته التي احتفظ المصريون له بها رغم عدم وجوده المباشر في الساحة الداخلية، وقد بدا ذلك جليا في الاستقبال اللافت له في ميدان الحرية في الأيام الأولى للثورة، خصوصا وان مواقفه كانت اقرب الى مطالب الشباب.
ويشير المصدر الى ان الجيش قد يكون يفضل مدير المخابرات السابق في نظام مبارك ونائبه لأيام قليلة عمر سليمان، كونه لواء في الجيش المصري وقائدا للمخابرات العسكرية ثم مديرا للمخابرات، لكن شعبية سليمان ضعيفة جدا، والجيش واع لهذا الأمر، وفي أي مفاضلة سوف يختار عمرو موسى، ولا أحد غيره كمرشحه في الإنتخابات المقبلة.
وعن دور الجيش المصري في المرحلة المقبلة، يشير المصدر إلى أن الجيش يدرك تماما أن طرفين حققا الإنتصار في ثورة 25 يناير، الجيش والشعب، وبالتالي فإن السلطة يجب ان تذهب إليهما، وبما أن حصة الشعب ستكون دعم ترشيح عمرو موسى، فإن حصة الجيش ستكون استراتيجية.
ويوضح المصدر، وفقا لما يتم تداوله في أوساط الجيش، أن النظام القادم في مصر سيقتدي بالمثال التركي، حيث أن الجيش هو سلطة الظل والضامن للدستور ولتبادل السلطة ومنع الإستفراد بها، وذلك من خلال منع السياسيين من التأثير في قرارات الجيش، وحصر قرار تسمية وزير الدفاع به، كممثل له في السلطة الإجرائية، وإنهاء حالة أن يكون الرئيس هو القائد الأعلى للجيش، الذي لا قائد له سوى المجلس الأعلى الذي سيرأسه وزير الدفاع المختار من قبل هذا المجلس.
وما يجري تداوله الآن، هو المفاضلة بين نموذجين للسلطة: النموذج الرئاسي غير المفضل تبعا للتجربة المريرة لمبارك، والبرلماني الذي يبدو أن الجيش يسيعى الى إقناع اللاعبين الرئيسيين به بدعم من شباب ثورة 25 يناير، فيكون رئيس السلطة الإجرائية الذي يختاره البرلمان عبر انتخابات عامة تشارك فيها كل الأحزاب، اما رئيس الجمهورية، واقتداءا بالنموذج التركي، فيكون رئيسا بروتوكوليا.
وكان عمرو موسى كرر في الثالث من شباط (فبراير) أنه سيكون مرشحا لرئاسة الجمهورية، ثم أعلنت أوساطه أخيرا أنه سوف يسلم أمانة الجامعة العربية خلال قمة بغداد في نهاية آذار (مارس) المقبل، ليتفرغ بعدها لحملته الإنتخابية، التي انطلقت عمليا، ومن دون تخطيط منه، عبر "الفيس بوك" ومن قبل مجموعة شباب "الفيس بوك" الذين اشعلوا جذو ثورة 25 يناير ونجحوا حيث فشلت كل الأحزاب وبخلاف كل توقعات الداخل والخارج، ويبدو أن مرشحهم للرئاسة هو الأوفر حظا بدعمهم وبدعم الجيش الذي كان إلى جانب ثورتهم.
كما أن موسى، بدأ في تأمين غطائين له: داخلي عبر تأكيده في مقالة نشرت في 13 شباط (فبراير) الجاري، أن موقفه من إسرائيل لم يتغير منذ كان وزيرا لخارجية مصر وخلال توليه أمانة الجامعة العربية، وخارجي عبر تأكيده أنه يحترم كل المعاهدات الدولية التي وقعتها مصر.