الخميس، 29 يوليو 2010

Pink Floyd Reunites for Palestinian Benefit Concert

Pink Floyd Reunites for Palestinian Benefit Concert
Palestine Note July 13, 2010
http://palestinenote.com/cs/blogs/music/archive/2010/07/13/pink-floyd-reunites-for-palestinian-benefit-concert.aspx
Washington
For the first time in half a decade, rock legends Pink
Floyd reunited for a benefit concert in England to
raise money for young Palestinian refugees, MSNBC
reported Tuesday.
Roger Waters and David Gilmour, joined by a full stage
of keyboardists and drummers, both picked up the guitar
to play for the more than 200 fans gathered to see the
Oxfordshire concert. The reunion was unpublicized prior
to the curtain's rise.
The proceeds from the benefit concert went to the
Hoping Foundation, an organization that focuses on the
"next generation" of young Palestinians, mostly refugees. Their projects include a film workshop, a scouting group in the Balata refugee camp near Nablus, and a UN Relief and Works Agency yearbook. The event raised over half a million dollars to benefit the group.
The Pink Floyd duo played a number of classic and fan
favorites, including "Wish You Were Here" and "Another
Brick in the Wall (Part Two)."
Waters has been involved in pro-Palestinian activism
for years. In 2006 he spray painted "tear down the
wall" on Israel's West Bank separation wall in the city
of Bethlehem. He also worked with the United Nations to
produce a short film about the wall's impact on life in
the West Bank.
A slew of musicians, including Elvis Costello and The
Pixes recently cancelled concerts in Israel in protest
of Israel's Israel's policies toward the Palestinians
and the deadly attack on a Gaza-bound aid flotilla on
May 31st.

الأحد، 25 يوليو 2010

حقوق الإنسان الفلسطيني: في ضبط التباس المصطلحات والأرقام والتواريخ

المستقبل - الاحد 25 تموز 2010 - العدد 3721 - نوافذ - صفحة 11



أنيس محسن
المراقب لدفق التصريحات منذ أن طرح اللقاء الديموقراطي النيابي بزعامة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط أربعة اقتراحات قوانين حول الحقوق الإقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين أمام الجلسة التشريعية العامة في مجلس النواب اللبناني في 15 حزيران (يونيو) الماضي بصفة معجل مكرر، يمكنه أن يستنتج، بلا عناء، البعد السياسي، أولا وأخيرا، للردود المتوترة ازاء الموضوع. لكن ما يمكن ان يثير الدهشة تلك الأخطاء الهائلة في استخدام المصطلحات والأرقام والخروج بنتائج لا تقل خطأ وخطيئة عن الاستخدامات الخاطئة نفسها.
يمكن القفز قليلاً عن منطق الأمور واعتبار ان البعض، نواباً أو مسؤولين في الأحزاب، أو حتى بعض الأكاديميين، يجهلون مصطلحات حقوق الإنسان وكذلك الأرقام الصحيحة والوقائع الزمنية المتعلقة بالمسألة قيد البحث، لكن أغلب من يكثر من الاستخدام الديماغوجي للمصطلحات والنتائج المزعومة للحقوق، إنما يقترف إثم التزوير الشكلي والموضوعي عن سابق اصرار وترصد، غير عابئ بالمصلحة العامة اللبنانية اولا والفلسطينية ثانيا ولا بالمصلحة الخاصة ذات الصلة بالطائفة التي يدعي الدفاع عنها.
وقبل ولوج عملية دحض المزاعم تلك، لا بد من الإشارة إلى أنه في التوقيت الزمني، فإن طرح حقوق الفلسطينيين لم يبدأ مع مقترحات قوانين جنبلاط (حاول البعض ان يعطيها زمنا راهنا لربطها بمؤامرات خارجية)، إنما بدأ منذ العام 1995 حين نشرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في أواخر تموز (يوليو) وثيقة أطلقت عليها إسم: "فلسطينيو لبنان وخيار المصالحة التاريخية مع الذات والاخرين". ثم، بعد 13 عاماً مع "إعلان فلسطين في لبنان" لمنظمة التحرير في 9 كانون الثاني (يناير) 2008، وبينهما سلسة ورش عمل ومؤتمرات ونشاطات وحملات لمنظمات المجتمع المدني الفلسطيني واللبناني والدولي المقيم في لبنان، حول حقوق العمل والتملك، اعتبارا من اقرار قانون التملك للأجانب في العام 2001 الذي حرم الفلسطيني من ملكية منزل للسكن وحتى من تسجيل ملكه او توريثه، وصولاً الى مسيرة الحقوق المدنية في 27 حزيران (يوليو) الماضي.
ضبط المصطلحات والأرقام
لا بد، في البداية، من الوقوف أمام المصطلحات الحقوقية الانسانية التي استخدمت بغير مضمونها والأرقام التي رميت على عواهنها من دون حسابات، اذ أن البعد السياسي في الأمر يتضح من خلال تشريحها، علمياً ومنطقياً.
1 - في المصطلحات:
استخدم معارضوه كما بعض مؤيدي حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، مصطلحات حقوق الانسان، المشروحة ضمنا في الاعلان العالمي لحقوق الانسان وفي العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبالحقوق المدنية والسياسية، وفي كل الاتفاقيات والمواثيق ذات الصلة بحقوق الانسان، استخداما يسئ الى تلك المفاهيم.
فعلى سبيل المثال وليس الحصر، لطالما استُخدم مصطلح "الحقوق الإنسانية" Les droits de lhomme (وهو استخدام موجود ايضا في البيان الحكومي لحكومة الرئيس سعد الحريري)، على انه "الحقوق الأساسية" Les droits fondamentaux، في سياق خاطئ عمدا أو عفوا، اذ أن الحقوق الانسانية هي ذاتها "حقوق الإنسان" Droits de lHomme، وتتضمن بالتالي كل الحقوق: الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، فيما الحقوق الأساسية ترد في نظرية العالم إبراهام مازلو والتي تناقش ترتيب حاجات الإنسان وقد وضعها في ترتيب هرمي يبدأ بالحاجات الأساسية اللازمة لبقاء الفرد، وهي: الحاجات الفسيولوجية وحاجات الأمان والحاجات الإجتماعية والحاجة للتقدير والحاجة لتحقيق الذات.
عندما يتحدث بعض المسؤولين الرسميين او الحزبيين عن الحقوق الإنسانية، فإن ما يقصدونه، وهذا من خلال الشرح الذي يقدمونه لما يفهمونه من تلك الحقوق، انما هي ما يضعه مازلو في أول سلم الاحتياجات، أي الحاجات الفسيولوجية مضافا اليها بعض عناصر الحلقة الثانية من الهرم، اي المكان الذي يؤوي وليس التملك. وأحيانا يكون المقصود من مصطلح الحقوق الإنسانية: المساعدات الإنسانية Laide humanitaire وهي لا تندرج بأي شكل من الأشكال في مصطلحات حقوق الإنسان الواردة في كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيره من المواثيق الدولية، التي تضمن في مقدمة الأشياء كلها حق الشعور بالكرامة الإنسانية La dignité humaine.
في مقابل الأخطاء المقصودة او العفوية لاستخدام معارضي الحقوق الفلسطينية لمصطلحات حقوق الإنسان، ينبري مؤيدون لبنانيون، بل مطالبون فلسطينيون، سواء كانوا سياسيين او ناشطين مدنيين، في استخدام خاطئ ايضا، حيث يطرحون مصطلح "الحقوق المدنية" Les droits civils، فيما المقصود الحقوق الإقتصادية والإجتماعية les droits socio-économiques، غير مدركين ان الحقوق المدنية تتضمن كل العناصر التي تقود الى التوطين، المرفوض فلسطينيا كونه يناقض حق العودة المنصوص عليه في القرار الدولي 194، والمحرم لبنانيا كون مقدمة الدستور اللبناني تنص صراحة على رفض التوطين.
فالحقوق المدنية تندرج ضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وهي حقوق دستورية للدولة. وتنص المادة 25 من العهد في البند 3 على "أن يَنتخب (الإنسان/المواطن) ويُنتخب، في انتخابات نزيهة تجرى دوريا بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري، تضمن التعبير الحر عن إرادة الناخبين".
هذا الحق لا يطلبه الفلسطيني، ولا يعطيه اللبناني، اذ أن الأول متمسك بحق العودة والثاني برفض التوطين، ويتوجب، بناء عليه، عدم استخدام الحقوق المدنية، والاكتفاء بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية - الاجتماعية والثقافية، والتي تنص في المادة السادسة على "الحق في العمل، الذي يشمل ما لكل شخص من حق في أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية، وتقوم باتخاذ تدابير مناسبة لصون هذا الحق".
2 - في الأرقام:
ما نحن بصدده حقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية حصرا للاجئ الفلسطيني، جزء منها يؤمنه مورده الناتج عن الضرائب والرسوم التي يدفعها من صلب مدخوله، وجزء آخر المجتمع الدولي الملزم فيه كونه مسؤول عن نكبة الفلسطيني وتهجيره من أرضه، وذلك عبر وكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، وقسم ثالث عبر التحويلات المالية للفلسطينيين العاملين في الخارج الى ذويهم في لبنان. أي لن تكون هناك تكاليف على الخزينة اللبنانية.
ما هو وارد أعلاه يقود الى تفاصيل رقمية عن حقيقة ما يتداول في بعض الأوساط ويشاع عن تكاليف ستتحملها الخزينة اللبنانية. فقد تكفلت "الأونروا" والصليب الأحمر الدولي منذ لحظة لجوء الفلسطينيين الى لبنان بتأمين كلفة إيواء اللاجئين وإطعامهم، ولاحقا بنت "الأونروا" المنازل على أراض استأجرتها ودفعت قيمة ايجاراتها نقدا، كما بنت المدارس والعيادات الطبية فأمنت من موازناتها التعليم والطبابة، أما الإستشفاء فتعاقدت مع المستشفيات اللبنانية الخاصة وبالتالي لم يستسشفي الفلسطيني على حساب الخزينة اللبنانية يوما واحدا. ومن دون ان نلجأ الى استخراج مجموع ما صرفته "الأونروا" بدقة في لبنان، فإن الرقم يتجاوز عشرات مليارات الدولارات.
واعترافاً بأن العنصر الفلسطيني أساء لنفسه كما للبنان بمشاركته في الحرب الأهلية اللبنانية، الناتجة عن تصارع طائفي يمتد عميقا في تاريخ لبنان حتى قبل ان تتبلور كيانات ما بعد سايكس - بيكو ويمكن رصد 3 حروب طائفية في اعوام 1840 و1860 و1958، بالتأكيد ليس للفسطيني دور فيها. اذا ينبغي الاعتراف بتلك الإساءة، لكن ما هو معروف أيضا أن منظمة التحرير كانت تصرف في لبنان شهريا اكثر مما تنفقة الخزانة اللبنانية على مدى نحو 7 سنوات على الأقل من العام 1975 وحتى العام 1982، والدليل أن سعر صرف الليرة حافظ على مستوى عال الى ان خرجت مؤسسات منظمة التحرير من لبنان فانهارت العملة اللبنانية تماما.
اذا اراد المرء احصاء ما سبق عليه ان يحصيه من خلال قيود الحسابات المحفوظة. لكن ما لا يمكن احصاؤه على وجه الدقة، بل انه يقدر بمئات مليارات الدولارات، الواردات الناشئة عن تحول ميناء بيروت ومطارها الى مقاصد تجارية وترانزيت بعدما اقفلت موانئ فلسطين وخصوصا حيفا ومطار اللد جراء مقاطعة الدول العربية لإسرائيل، ومد انابيب النفط من رأس تنورة في السعودية الى الزهراني ومن الموصل في العراق الى طرابلس بدل مصفاة حيفا، واحتلال مصارف لبنان مكانة مصارف فلسطين، علما ان الرأسماليين الفلسطينيين كانوا اخرجوا اموالهم من فلسطين وأنشأوا عشرات المؤسسات الخدماتية والمصرفية والمصانع وخلافه في لبنان.
أما ما لا يمكن تقديره بثمن، فمساهمة الأكاديميين والفنانين الفلسطينيين في النهضة التربوية والفنية في لبنان، حيث في كل مكان لفلسطيني اثر.
خلاصة القول ان الخزانة اللبنانية لم تتكلف يوماً شيئاً على الفلسطيني، بل كان الوجود الفلسطيني احد عوامل ملء تلك الخزائن. والأمر لن يتغير بل سوف يكون افضل في حال سمح للفلسطيني بالعمل قانونا في لبنان، وهذا سوف يكون محل إثبات في فقرات لاحقة.
قبل محاولة حصر العدد الحقيقي للاجئين الفلسطينيين الذين لا يزالون يقيمون على الأرض اللبنانية، يجب التذكير بأنه عند النكبة، لجأ مئة ألف فلسطيني ونيف الى لبنان، ومعهم مئة الف لبناني: لم يكونوا سياحاً في فلسطين انما كانوا بغالبيتهم، عمالاً وبينهم بعض أصحاب الرساميل.
لكن عودة الى الحاضر: تقول ارقام الاونروا ومديرية الشؤون السياسية التابعة لوزارة الداخلية ان عدد الفلسطينيين المسجلين في سجلاتهما من فئتي لاجئي الـ48 ومطلع الخمسينات وفي الـ67 ومن بقي من الداخلين الى لبنان بين اعوام 1970 و1982 يتراوح بين 450 الفا و550 الفا على وجه التقريب.
لكن هذه الأرقام لا تأخذ في الاعتبار انه تم في نهاية خمسينيات القرن الماضي وبين 1962 و1964 وفي مرسوم تجنيس 1993، تجنيس نحو مئة الف فلسطيني هم غالبية من مسيحيي وشيعة فلسطين اللاجئين الى لبنان وعدد قد يوازيهما من السنّة. هؤلاء يجب انقاصهم من العدد الإجمالي.
كما ان هناك عددا كبيرا من اللبنانيين الذين عادوا من فلسطين تسجلوا في سجلات "الأونروا" كلاجئين ولا تزال قيودهم موجودة في تلك السجلات. يجب ايضا انقاصم من العدد الاجمالي.
ولا يوجد احصاء دقيق لمن هاجر من الفلسطينيين الى اوروبا واميركا او من يعمل في بلدان الخليج العربي واستقر فيها. لكن يمكن الاستدلال من كون غالبية سكان مخيم تل الزعتر المدمر، وهو كان اكبر مخيمات لبنان، هاجروا فعلا بين العام 1976 والعام 1986 ومثلهم سكان مخيمي جسر الباشا وضبية ونحو نصف عدد سكان المخيمات الباقية ومن يعيشون خارج المخيمات. اما مخيم نهر البارد، ثاني اكبر مخيمات لبنان بعد عين الحلوة، فقد كشفت الحرب التي دمرته ان عدد سكانه لم يلامس الثلاثين الفا، وثمة من يرى ان عدد سكان عين الحلوة لا يتجاوز الـ50 الفا. أما باقي المخيمات، وهي صغيرة، فلا تتجاوز كلها 50 الفا. واقل من هذا العدد قليلا موجود خارج المخيمات. ولنقل انهم مئة الف، فيكون عدد اللاجئين في لبنان اقل من 250 الفا. وبكل الاحوال فإن التقديرات تشير إلى أن عدد الفلسطينيين يراوح بين 180 الفا و240 الفا. اما سبب التمسك بالأرقام الدفترية في قيود الاونروا ومديرية الشؤون السياسية واللاجئين، فهي للتهويل وتبرير الاتهام بالعمل على توطين الفلسطينيين، وسوف نكون امام نقض تلك المزاعم لاحقا.
ضبط التواريخ والوقائع
استخدم معارضو حقوق الفلسطينيين مرحلة ما بين 1969 و1982 التي روجعت فلسطينيا وانتقدت، للتعميم بهدف تحميل الفلسطينيين كل المسؤولية عما حصل قبل وبعد، لكن التاريخ لم يبدأ بين هاتين السنتين ولم ينته بهما.
السؤال هو: هل امتلك في حينه الفلسطيني كل تلك القوة لتغيير واقع يراد القول انه كان راسخاً لولا وجود الفلسطينيين، وهل يؤدي اعطاء الحقوق، وهي عملية طبيعية واخلاقية، الى تقويض لبنان مجددا؟
باختصار، شهد لبنان قبل ان يطأ أي فلسطيني مشاكل جمّة في 1845 و1860 و1958، لكن لم يكن للفسطينيين قدم او ساق في تلك الأحداث.
وبكل الأحول فإن العامل الفلسطيني لم يكن يوما عنصر صراع في تركيبة لبنان، قبل نهاية ستينيات القرن الماضي ومطلع سبعينياته، وما حصل كان أن السلطة المركزية ضعفت في لبنان، ما سمح بدخول الفلسطينيين مدعومين من الانظمة العربية المهزومة في ما يسمى دول الطوق التي لم ترد حربا جديدة مع اسرائيل من حدودها، ومن بعض القوى اللبنانية التي رأت في هذا الدخول امكانية لتحقيق نصر على الطرف الآخر. فاختلط الحابل بالنابل، وبات الفلسطينيون العامل الأقوى في البلاد، ويشاركهم السوريون تلك السيطرة، ثم التفرد بها.
اذا في التواريخ والوقائع، لم يكن للفلسطينيين من تأثير سوى في مرحلة لا تتعدى 12 سنة (1970 - 1982) فيما كان للسوريين تأثير في مرحلتين الاولى امتدت من 1976 الى 1982 والثانية من 1986 الى 2005، وكان اكثرها تأثيرا بين 1990 و2005. ودخول العاملين الفلسطيني والسوري انما جاء من انقسام لبناني على الهوية اساسا، بدأ مع الاستقلال في 1943 وخبا عقدا وبعض العقد قبل ان يعود اعتبارا من 1958، صعودا احيانا وهبوطا في احيان اخرى.
معزوفة التوطين المملة
بات التوطين هاجسا مرضيا في لبنان، وتعبيرا يستخدم بأبعاد عنصرية تطاول الفلسطينيين حصرا، وكأن التعبير هذا وضع في اللغة خصيصا للدلالة على "الخطر الفلسطيني" من "الوطن البديل" الذي يعمل عليه الفلسطينيون بدعم من المجتمع الدولي.
أولاً في التعبير لغوياً، التوطين أو إعادة التوطين يعني بالانكيزية Settling، وبالفرنسية sédentarisation ومعناه: اقامة أو نقل مجموعة من الناس في بلد أو من بلد الى بلد اخر واسكانهم في غير موطنهم الأصلي. ولا يحمل فعل التوطين بالضرورة اعطاء الجنسية (المواطنة) للمُوَطّنين ويقع في ترتيب حقوق الانسان ضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .اما المقصود سياسيا بتعبير "التوطين"، لبنانيا في ما يبدو، هو التجنيس، والتجنيس Naturalization أو Naturalisation هو اكتساب المواطنة (الجنسية) في بلد ما، علما ان المواطنة لا تسقط بفعل الانتقال من بلد الى بلد آخر وهو يقع ضمن الحقوق المدنية والسياسية.
يحرم الدستور اللبناني في مقدمته التوطين، كما أن كل برامج ومواثيق منظمة التحرير والفصائل تؤكد على حق العودة، إن وفقا للقرار 194 او بغض النظر عنه. وقد نص اعلان فلسطين في لبنان على رفض التوطين صراحة. وعندما زار الرئيس محمود عباس، وكذلك مبعوث السلام الأميركي لبنان في الفترة الأخيرة، شدد كل منهما للجميع ان لا حل للقضية الفلسطينية على حساب لبنان وان لا توطين على ارضه.. ألا تكفي تلك التطمينات بالتالي؟
ان اغرب ما يمكن ان يسمعه انسان هو القول ان "ترفيه" الفلسطينيين يجعلهم يتمسكون بالبقاء في لبنان وعدم العودة الى وطنهم. ويستخدم هنا شعار "حق العودة" على انه "رفض التوطين". لكن هل حق العمل والسكن هما "ترفيه"؟
ان الرفاهية وفق ترتيب مازل تقع في النسقين الرابع والخامس من هرم الاحتياجات، فيما حق العمل والسكن يقعان في النسقين الأول والثاني من الهرم المؤلف من 5 مراتب. فأين الرفاهية في حقوق لا تتعدى الأساسيات؟
من الوقائع المشوهة ايضا ما قيل عن المخيمات - "البؤر الأمنية". السؤال هو من يحاصر المخيمات تلك كيف يسمح بدخول مجرمين ومحكومين وارهابيين اليها، فالمخيمات اجمالا محاصرة منذ ما بعد حرب المخيمات في 1986، اليس السؤال الكبير هو هل من سبب لا علاقة بالمخيمات فيه يجعل الكثيرين ومن مشارب وانتماءات وولاءات مختلفة يصرون على بقاء المخيمات "بؤرا امنية"؟.
في تصحيح الوقائع: بعد قرار حل المليشيات مطلع تسعينيات القرن الماضي، بادرت الفصائل الفلسطينية الى تسليم سلاحها الثقيل والمتوسط في المخيمات الى القوى الأمنية اللبنانية أو الى فصائل المقاومة وخصوصا "حزب الله"، وانسحبت المجموعات العسكرية من قواعدها في اقليم التفاح وسلمتها مع السلاح الى الجيش اللبناني، وعادت الى المخيمات، قبل ان يستولي "حزب الله" على تلك المواقع من الجيش اللنباني وليس من الفصائل الفلسطينية. ومن وما بقي خارج المخيمات ليس للفلسطيين دخل فيه وان كانت اليافطة المعلقة على تلك المواقع هي فلسطينية، وبالتالي هو سلاح اقليمي مسؤولية ازالته تقع على اللبنانيين الذي اقروا سحبه في اطار مقررات طاولة الحوار التي لم تنفذ ليس، بالتأكيد، بسبب ممانعة الفلسطينيين. ان حل هذه المسألة قرار وطني لبناني - اقليمي، وليس للفلسطينيين بالتالي تأثير فيه.
ومن المزاعم التي سمعت خلال فترة الهجوم على الحقوق الفلسطينية الاساسية في لبنان، ان الفلسطينيين هم من اساؤوا بحق انفسهم عندما خرجوا عن طوع الدولة.. للتذكير، كانت المخيمات قبل 1969 تدار امنياً ويكفي دركي واحد وعنصر من المكتب الثاني ان يحكم مخيماً بكامله. كان ممنوعاً على الفلسطيني الانتظام في الاحزاب او تشكيل حزب او احياء مناسبة مثل النكبة او التقسيم، وكان المنهاج المدرسي يغيب عنه التاريخ الفلسطيني كليا. كان على ساكن المخيم تقديم طلب للسماح بزائر له من خارج المخيم ان يزوره، وكان ممنوعا على ساكن المخيم ان يبني سقفا اسمنتيا فكانت كل المنازل بسقوف من "الزينكو". لم يكن المخيم "غيتو"، بل سجناً بكل ما لكلمة سجن من معنى. كان الفلسطيني القاطن جنوب نهر الليطاني ممنوعاً من التوجه شمالاً بلا تصريح من مخابرات الجيش، وكان ممنوعاً على الفلسطيني القاطن شمال النهر ان يتوجه الى جنوبه بلا تصريح، وكان ممنوعاً ان ينتقل الفلسطيني من مخيم الى اخر الا بعد موافقة امنية لبنانية!!
لقد صرح الرئيس فؤاد شهاب بعد سنوات من تركه الحكم بأنّ "الإجراءات اللبنانية القاسية ضد الفلسطينيين"، في عهده، وعهد خلفه الرئيس شارل حلو، "كانت نتيجة سياسات مخططة مسبقاً وجاهزة"، وأضاف: "(...) لقد وضعت هذه السياسة، وأعطيت أوامر مشددة إلى ضباط الأمن، خصوصاُ في الجنوب، وفي المخيمات، وفي البلدات الحدودية". وشهاب والحلو حكما في الفترة من 1958 الى 1970.
مراجعة الذات تحتاج الى آخرين
سعى الفلسطينيون الى تقييم التجربة في لبنان في وقت مبكر، ليس فقط بهدف تعيين مكامن الخلل، انما لعدم تكرارها والخروج بالتالي من الاستقطابات التي يزخر لبنان بها.
في اواخر تموز (يوليو) 1995 اصدرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - فرع لبنان وثيقة تحت عنوان "فلسطينيو لبنان وخيار المصالحة التاريخية مع الذات والاخرين"، تضمنت مراجعة مبكرة وجريئة ووزعت بشكل محدود لبنانيا وفلسطينيا ونشرت كاملة في صحيفة النهار، ويمكن اقتطاف بضع فقرات منها.
تقول الوثيقة (ص 9 الفقرة الثانية) "ان واجب اي فلسطيني مخلص لفلسطينيته ان يضع في أول اهتماماته مصلحة البلد المضيف وسيادة القانون... القانون ليس ببعده القمعي (...) بل القانون بمعناه الشامل وتحديدا لناحية كرامة الانسان وحقوقه اياً كان الانسان".
وتؤكد ان "صاحب الوطن (...) له الحق كاملا في السيادة، والضيف (...) له الحق كاملاً في الكرامة والعدالة. ان عاقلا لا يستطيع ان يرى تناقضاً، ومن يدفع الأمور عكس ذلك، فإنه ولربما، من حيث لا يدري يضر نفسه قبل أن يضر غيره" (ص 10 الفقرة 3).
ويذكر ان الوثيقة استحوذت على اهتمام الكثير من المثقفين لكن خصوصا اليساريين ولم تلق اهتماما لا رسميا ولا من الطرف الاخر المعني بالمسألة الفلسطينية في لبنان.
في 9 كانون الثاني (يناير) 2008 صدر "إعلان فلسطين في لبنان" وقال ان "الانصاف يقتضي القول ان ذلك الوجود الفلسطيني في لبنان، بحجمه البشري والسياسي والعسكري، قد اثقل كثيرا على هذا البلد الشقيق ورتب عليه اعباء فوق طاقته واحتماله، وبالتأكيد فوق نصيبه المعلوم، من واجب المساهمة في نصرة القضية الفلسطينة (دولة مساندة) الامر الذي اصاب دولته واقتصاده واجتماعه الانساني وصيغة عيشه اصابات بالغة ما عادت خافية على احد. كذلك من الانصاف القول ان التورط الفلسطيني في لبنان، على نحو ما شهدنا، وبخاصة في اثناء حروب 1975 - 1982، انما كان في مجمله قسريا بفعل ظروف داخلية وخارجية اشبه ما تكون بالظروف القاهرة".
وتعلن وثيقة منظمة التحرير "التزامنا الكامل، بلا تحفظ، سيادة لبنان واستقلاله، في ظل الشرعية اللبنانية بجميع مكوناتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، ومن دون اي تدخل في شؤونه الداخلية" و"تمسكنا بحقنا في العودة الى وطننا فلسطين، رافضين بحزم وثبات جميع اشكال التوطين والتهجير. والى ان نعود من حقنا ان نعيش بكرامة."
وتؤكد ان "السلاح الفلسطيني في لبنان، ينبغي ان يخضع لسيادة الدولة اللبنانية وقوانينها، وفقا لمقتضيات الامن الوطني اللبناني الذي تعرفه وترعاه السلطات الشرعية".
وتتمسك الوثيقة "بحقوقنا الاساسية، كلاجئين مقيمين قسرا ومؤقتا في لبنان، وكجزء من شعب فلسطيني يكافح من اجل حريته واستقلاله على ارضه. ان حقوقنا هذه غير مشروطة بقضية السلاح، ولا نفكر في اي معالجة بأسلوب المبادلة".
ان هذه المراجعات تحتاج الى مراجعة مقابلة، علمية ودقيقة عن الدور الفسطيني في الحرب الأهلية اللبنانية، وحول كل الوجود الفلسطيني في لبنان، عسكريا في مرحلة سبعينيات القرن الماضي، ومدنيا قبل وبعد ذلك.
تلافياً للإنفجار
بعيدا عن الاقتصاد والسياسة والسجالات الفارغة، فإن اعطاء الفلسطينيين حقوقا مستحقة لهم، سوف يخفف من امكانية الخرق الامني للمخيمات وللشباب الفلسطيني من قبل قوى متطرفة تتخذ من الأماكن المهمشة مسرحا لها.. ولو استمر الوضع على حاله فسوف تكون المخيمات رقعة مثالية للتطرف. اما مسألة "فتح الاسلام" في نهر البارد والمجموعات المتطرفة في تعمير عين الحلوة فتسأل عنها جهات لبنانية، اذ كيف تمكنت من العبور عبر الحواجز الأمنية اللبنانية لتتموقع في المخيمين؟
ثم ان عدم اعطاء الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للفلسطينيين يتعارض مع خطاب القسم لرئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان، الذي انتخب توافقياً في أيار (مايو) 2008، والذي مثل خطوة متقدمة يبنى عليها في نسج علاقات لبنانية ـ فلسطينية سليمة، حيث قال: "إن التزامنا مواثيق الأمم المتحدة، واحترامنا لقراراتها، يعود لقناعتنا الراسخة بالشرعية الدولية المستمدة من مبادئ الحق والعدالة..." وأكد: "أن رفضنا القاطع للتوطين، لا يعني رفضاً لاستضافة الأخوة الفلسطينيين، والاهتمام بحقوقهم الانسانية، بل تأسيساً لحق العودة حتى قيام الدولة القابلة للحياة".
وتم كذلك التطرق لأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، في البيان الوزاري لحكومة الوحدة الوطنية الأولى في عهد الرئيس سليمان برئاسة فؤاد السنيورة، ومن ثم حكومة الوحدة الوطنية الثانية في عهد الرئيس سليمان برئاسة سعد الحريري التي أوردت الشأن الفلسطيني في بيانها الوزاري متحدثا للمرة الأولى في تاريخ الحكومات اللبنانية عن "العمل على صعيد توفير الحقوق الانسانية والاجتماعية للفسطينيين المقيمين على الأراضي اللبنانية".
اخيراً، ما لا بد من التحذير منه ان الابقاء على المخيمات في حالها الحاضرة وعزلها اكثر فأكثر عن محيطها وتصاعد حالة الفقر فيها سوف تتسبب بانفجار اجتماعي امني، لبنان بغنى عنه وحله بيده.. الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للفلسطينيين دعما لحق العودة ومنعا للتوطين والحيلولة دون بقاء المخيمات "بؤرا أمنية" والتعبير هذا يعود الى زاعمه وليس للواقع.

الثلاثاء، 20 يوليو 2010

"حرية العراق" حرب أميركية منسوخة من "عملية شيكيناه"

دراسة بريطانية: الحكومة الاسرائيلية أحيت في العام 2001
خطة قديمة للاستيلاء على حقول النفط في جنوب العراق
المستقبل - الخميس 3 نيسان 2003 - العدد 1263 - العراق تحت الحرب - صفحة 10

http://www.almustaqbal.com/stories.aspx?StoryID=4137

إعداد: أنيس محسن
استعادت اسرائيل منذ بدء الغزو الاميركي ـ البريطاني للعراق احلام التنعم بنفط وغاز العرب والمنطقة. وفي هذا السياق، اطلق وزير البنى التحتية الاسرائيلي جوزف بارتسكي تصريحاً نشرته صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية يوم 31 آذار الماضي قال فيه انه يريد من الولايات المتحدة، بعد بسط سيطرتها على العراق، فحص امكان اعادة تشغيل خط انابيب النفط من الموصل الى حيفا، ومد اسرائيل بالنفط العراقي.
تصريح كهذا ليس مستغربا، اذ ان الحركة الصهيونية وضعت منذ البدء نصب عينها السيطرة على اهم منابع النفط، التي تقع ضمن خارطة اسرائيل الكبرى، ولما كان من غير الممكن انشاء اسرائيل الكبرى جغرافياً، كان الاتجاه بسط سيطرة اقتصادية على المنطقة من خلال فكرة شمعون بيريس عن الشرق اوسطية، التي اساسها تفوق اسرائيل العسكري والاقتصادي على المنطقة، وضمان مشاركتها دول المنطقة ثرواتها، خصوصاً النفط والمياه، المادتين الاساسيتين اللتين تحتاجهما الصناعة الاسرائيلية وتفتقدهما اسرائيل بحدودها ضمن فلسطين التاريخية.
كانت الانظمة العربية، التابعة للاستعمار البريطاني او تلك الدول المستعمرة مباشرة، قبل العام 1948 تغض النظر عن البنية الاقتصادية الصهيونية في فلسطين التي ينميها حكام لندن المستعمرون، لكن بعض قادة حركة التحرر تنبهوا باكرا الى هذه المسألة. فأشار قادة الأحزاب الشيوعية العربية المشاركون في المؤتمر السابع للحزب الشيوعي السوفياتي في موسكو في العام 1935 الى الخطر الناجم من التحالف الصهيوني البريطاني، لا سيما سيطرة الصهاينة اقتصادياً في فلسطين، وتمركز الرساميل الصهيونية في المدن الكبرى، وتحديدا حيفا، حيث كان البريطانيون قد وثقوا اهتمامهم في الميناء بعد مد خط انابيب نفط الموصل حيفا، كما قال رئيس وفد الحزب الشيوعي الفلسطيني رضوان الحلو، الذي حذر من سيطرة الرأسمال الصهيوني على نواحي الاقتصاد الفلسطيني.
وبعد نحو 45 سنة على احتلال فلسطين طرحت اسرائيل، التي لم يخبُ اهتمامها بالنفط، في المحادثات الثنائية التي اعقبت مؤتمر مدريد التعاون في مجال النفط مع دول الخليج العربي، وتم الحديث كثيرا عن خط الغاز الطبيعي من قطر الى اسرائيل، فضلا عن مشروع مد انبوب الغاز الطبيعي من مصر الى اسرائيل، وهو المشروع الذي لم يكتمل بسبب رفض سوريا ولبنان الاشتراك في مشروع خط الغاز العربي اذا اشتركت اسرائيل فيه. ثم ان شركة النفط الاسرائيلية ومسؤولي حزب الليكود والاحزاب اليمينية عندما كانوا في المعارضة ابان حكومة ايهود باراك، اعلنوا جهاراً، بعد ان اكتشفت كميات من الغاز الطبيعي بمقادير تجارية في بحر غزة، انه كان خطأً كبيراً اعطاء السيادة للسلطة الفلسطينية على المياه الاقليمية في قطاع غزة وبالتالي السماح لها باستغلال الثروات الباطنية هناك. وجاءت التطورات لتؤكد هذا التوجه من خلال اعادة اسرائيل فرض سيطرتها المباشرة على حقول الغاز الفلسطينية، ووضع حد لمساعي استغلال السلطة الفلسطينية لهذه الحقول، بعد ان ارست عقوداً مع شركات مصرية واوروبية لبدء التنقيب.
والخطير في الامر ان دراسة تحت عنوان "خطط اسرائيل الحربية للسيطرة على النفط العربي ـ عملية شيكيناه" وضعتها مجموعة بريطانية مؤيدة للحقوق الفلسطينية ونشرت على الشبكة الدولية في كانون الثاني 2002، تناولت خطة اسرائيلية لاحتلال منابع النفط في جنوب العراق، وهي في المضمون على الاقل لا تختلف عن خطة "حرية العراق" التي تنفذها الولايات المتحدة بمساعدة بريطانيا الآن.

المستشارون النافذون في وزارة الدفاع الأميركية مرتبطون مباشرة بعالم الأعمال

شركات تعمل في حقل المنتجات الحربية فازت
بعقود قيمتها 77 مليار دولار في 2001 و2002
المستقبل - الجمعة 4 نيسان 2003 - العدد 1264 - العراق تحت الحرب - صفحة 10


http://www.almustaqbal.com/stories.aspx?StoryID=4295




فتحت استقالة رئيس مجلس سياسة الدفاع التابع لوزارة الدفاع الأميركية ريتشارد بيرل ملف هذا المجلس، الذي تتقاطع مصالح عدد من أعضائه مع شركات صناعة السلاح والشركات المرتبطة بأعمال مع وزارة الدفاع. وفي هذا السياق نشر مركز النزاهة العامة، وهي منظمة أهلية تهتم بكشف الصفقات المشبوهة ونزاهة الرسميين في الحكومة الأميركية، تقريراً عن المصالح التي يرتبط فيها أعضاء المجلس مع الشركات الأميركية التي حازت عقوداً دفاعية.
وموضوع مجلس سياسة الدفاع، ليس بالأمر الجديد، فالمعلوم أن أكثر من 100 شخص يخدمون في إدارة الرئيس جورج بوش هم مسؤولون وأعضاء سابقون في شركات الطاقة الأميركية والعالمية. وقد أشير الى عدد منهم كمتورطين في صفقات مشبوهة، ومن ضمنهم الرئيس جورج بوش ونائبه ديك شيني، على الرغم من أن التحقيقات لم تتوصل الى دليل دامغ على تورطهما شخصياً.
تقاطع مصالح
واللافت أن من بين الأعضاء الثلاثين في مجلس سياسة الدفاع، وهم مستشارون في وزارة الدفاع الأميركية تعينهم الحكومة الأميركية كمستشارين في البنتاغون، 9 على الأقل مرتبطون بشركات رست عليها عقود دفاعية بقيمة 76 مليار دولار في العامين 2001 و2002، وأربعة أعضاء معروفين أنهم أعضاء في مجموعات الضغط، إحدى هذه المجموعات تمثل أكبر 3 من متعهدي العقود العسكرية.
ووفق النظام التأسيسي للمجلس، من المفترض أن يقدم الأعضاء قائمة بمصالحهم المالية كل شهر الى البنتاغون، لكن القائمة لا تنشر علناً. وأبلغ المتحدث باسم البنتاغون المايجور تيد ودسورث مركز النزاهة العامة أن "نموذج القائمة تلك مبني على معايير وضعها مكتب العقود الذي يراجع النماذج المقدمة للتأكد من أنها تطابق أخلاقيات الحكومة".
وفي قائمة المتعاقدين الذين يملكون روابط مع أعضاء مجلس سياسة الدفاع شركات كبرى مثل "بوينغ" و"بي آر دبليو" و"نورثروب غرومان" و"لوكهيد مارتن" و"بوز آلين هاملتون"، وشركات أصغر حجماً مثل "سيمانتيك كورب" و"تكنولوجي ستراتيجيك اند اليانس كورب" و"بوليكون" وغيرها.
وتفوز الشركات الحربية بعقود لعدد من الأسباب، لكن لا توجد دلائل دامغة على أن أعضاء مجلس سياسة الدفاع الذين تربطهم علاقة بهذه الشركات يقدمون نصائح تجعلها تفوز بالعقود.
قضية بيرل
وكان رئيس مجلس المستشارين في الوزارة ريتشارد بيرل قدم استقالته من منصبه في 27 آذار الماضي بسبب مزاعم عن تضارب المصالح لمصلحة من يمثل من الشركات التي ترتبط بوزارة الدفاع، لكنه على الرغم من ذلك بقي عضواً في المجلس. و8 آخرون من زملاء بيرل في المجلس يرتبطون بشركات حازت عقوداً مهمة من البنتاغون.
وجاءت استقالة بيرل، الذي عرف عنه ارتباطه القريب بمشروع الحرب على العراق، بعد أن وجهت اليه انتقادات في الأسابيع الأخيرة لتورطه مع شركات مرتبطة بأعمال مهمة مع وزارة الدفاع، ولم يشأ بيرل أن يرد على الاتصالات الهاتفية التي أجراها معه مركز النزاهة العامة.
وكان النائب الديموقراطي العضو في لجنة العدل النيابية جون كونيارز طلب في رسالة في 24 آذار الماضي من المفتش العام في وزارة الدفاع التحقيق في كون بيرل مستشاراً بالأُجرة لدى شركة الاتصالات المفلسة "غلوبال كروسنغ"، التي كانت قد تقدمت بطلب للموافقة على بيع شركات تابعة لها في الخارج من لجنة الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة، وهي لجنة حكومية يحق لها منع اي مبيعات أو اندماجات تتعارض مع مصلحة الولايات المتحدة، ورامسفيلد عضو فيها.
ويُعتقد أن بيرل قدم نصائح لزبائن لدى مؤسسة "غولدمان ساكس" بشأن فرص الاستثمار في العراق بعد الحرب، وهو كذلك مدير في مؤسسة تحليل الأسهم البريطانية "اوتونومي كورب" التي يرتبط بعض زبائنها بعقود مع وزارة الدفاع الأميركية.
وقال النائب كونيارز في رسالته إن بيرل يعد موظفاً حكومياً خاصاً يخضع للتصرفات الأخلاقية الحكومية، التشريعية والجرمية، واتهمه باستخدام منصبه العام لجمع مكاسب خاصة.
ليس بيرل فقط
لكن ليس بيرل وحده في مجلس سياسة الدفاع الذي يرتبط بعلاقات مع شركات مرتبطة بأعمال مع وزارة الدفاع الأميركية.
ويقول مركز النزاهة العامة إن الادميرال المتقاعد ديفيد جيريميا، وهو نائب رئيس سابق للقوات المشتركة، الذي خدم 38 سنة في البحرية، عمل مديراً أو مستشاراً لخمس شركات على الأقل فازت بعقود مع وزرة الدفاع في 2002 تفوق قيمتها 10 مليارات دولار. ويرأس جيرميا مجلس إدارة شركة "جيترونيك غوفرمنت سوليوشنز"، التي استحوذت عليها شركة "ديجيتال نت" وباتت تعرف الآن باسم ""ديجيتال نت غوفرمنت سوليوشنز". ووفق نشرة "بلومبرغ" الاقتصادية الالكترونية، فإن ريتشارد بيرل هو مدير "ديجيتال نت"، التي فتح ملفها أخيراً للتحقيق في بيعها أسهماً بقيمة 109 ملايين دولار.
ويشارك جنرال الجو المتقاعد رونالد فوغلمان في مجالس إدارة مجموعة من الشركات التي فازت بعقود دفاعية قيمتها 900 مليون دولار في 2002، ومن هذه الشركات، "رولس رويس ـ نورث أميركا" و"نورث اميركا ايرلاينز" و"ايه ايه آر" و"ميتر كورب"، وكلها مرتبطة منذ أمد بعيد بوزارة الدفاع. وخدم فوغلمان مستشاراً عسكرياً لوزير الدفاع ومجلس الأمن القومي والرئيس الأميركي. وكان نائب قائد قيادة النقل الأميركية، وقائد قوات الجو المحمولة، والقوة الجوية السابعة، والقيادة المشتركة لقوات "يو إس روك" المشتركة.
والتحق الجنرال المتقاعد جاك شيهان بشركة "بيتشتيل" بعد أن خدم 35 سنة في مؤسسة البحرية الأميركية. وتعد "بيتشتيل" واحدة من أكبر شركات الإنشاءات في العالم، وهي من بين الشركات التي تقدمت بعطاء لعقود إعادة البناء في العراق بعد الحرب. وقد فازت الشركة بعقود دفاعية في 2001 بلغت قيمتها 650 مليون دولار وفي 2002 فاقت المليار دولار. ويعمل شيهان الآن نائباً أول وشريكاً ومسؤولاً عن الإدارة التنفيذية والاستراتيجية لمنطقة تتضمن أوروبا وافريقيا والشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا. وخدم الجنرال، ذو النجوم الأربع، قائداً أعلى لقوات الناتو في الأطلسي، ونائب قائد قيادة الأطلسي الأميركية قبل تقاعده في 1997. وبعد تركه وظيفته العسكرية، خدم مستشاراً خاصاً لآسيا الوسطى مع وزيرين للدفاع في البنتاغون.
يعمل مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركي السابق جيمس وولسي رئيساً لمجموعة "بالادين كابيتال"، وهي مؤسسة رسملة تجارية لجذب الاستثمارات الى مؤسسات الأمن القومي الأميركي. وقد التحق وولسي نائباً لرئيس مؤسسة الاستشارات "بوز ألن هاملتون" في تموز 2002. وبلغت قيمة عقود الشركة مع وزارة الدفاع أكثر من 680 مليون دولار في 2002. ويقول وولسي إنه ليس عضواً في أي مجموعة ضغط، وإنه لم يناقش أي موضوع على صلة بالشركات التي يعمل فيها خلال اجتماعات مجلس سياسة الدفاع. وقبل ذلك عمل وولسي مع مكتب المحاماة "شي اند غاردنر"، وتولى مسؤوليات رفيعة في إدارتين جمهوريتين وإدارتين ديمقراطيتين.
أما وليام اوينز، فهو ضابط كبير سابق آخر يشارك في مجلس إدارة خمس شركات حازت عقوداً دفاعية بأكثر من 60 مليون دولار في العامين الماضيين. وقبل ذلك كان يعمل رئيس وكبير مديري التشغيل ونائب رئيس شركة التطبيقات العلمية الدولية "سي ايه أي إس"، وهي من ضمن أكبر 10 شركات متعاقدة مع البنتاغون. واللافت أن إحدى الشركات التي يرتبط اوينز معها، وهي "سيمناتيك"، زادت عقودها الدفاعية من 95 ألف دولار في 2001 الى أكثر من مليون في 2002. ويُعرف اوينز، الذي خدم كنائب رئيس القيادة المشتركة، على أنه من أدخل التكنولوجيا التجارية العالية الى وزارة الدفاع الأميركية. وقد عمل مهندساً في شركة "ريفوليوشن إن ميليتري اففيرز" (آر أم آر)، وهي تعد نظاماً تكنولوجياً متطوراً مثّل تغييراً جذرياً في نظام التقاعد والموازنات. وتؤمن الشركة التكنولوجيا للجيش الأميركي منذ الحرب العالمية الثانية. وعمل اوينز أيضاً في مجلس إدارة عدد من شركات التكنولوجيا، من بينها شركة "نورتل نتوورك" و"فيا سات بوليكوم".
ويرتبط هارولد براون كذلك بالشركات المتعاقدة مع وزارة الدفاع، وقد عمل براون وزيراً للدفاع في إدارة الرئيس الأميركي جيمي كارتر. وهو محام في "واربورغ بنكوس" وعضو مجلس إدارة في شركات "فيليب موريس" وأمين في شركة "راند كورب" التي حازت في 2002 عقدين دفاعيين قيمتهما 146 مليون دولار و83 مليوناً.
والأمر ذاته ينطبق على جيمس شليسنغر، الذي خدم كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ووزير للدفاع والطاقة في إدارتي نيكسون وكارتر. وشليسنغر كبير مستشاري مؤسسة "ليهمان براذرز" الاستثمارية، ويرأس مجلس أمناء شركة "ميتر"، التي حازت في 2001 عقداً دفاعياً قيمته 440 مليون دولار وعقداً آخرا في 2002 قيمته 474 مليون دولار.
ويعد كريس وليامس واحداً من أربعة أعضاء مجموعات الضغط داخل مجلس السياسة الدفاعية، والوحيد الممثل لمجموعة ضغط شركات الصناعة الحربية. وعمل وليامس مساعداً خاصاً لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد للشؤون السياسية، ثم انضم الى شركة "جوستون اند اسوشييتس" بعد مغادرته البنتاغون. وكانت هذه المؤسسة تمثل مصالح "لوكهيد مارتن" قبل توظيفها وليامس، وقد تمكنت من حيازة عقدين دفاعيين كبيرين لمصلحة كل من "بوينغ" و"تي آر دبليو" و"نورثروب غرومان"، وتقاضت في مقابل ذلك 220 ألف دولار. وخدمت المؤسسة حصراً كمجموعة ضغط في العقود الدفاعية لزبائن جدد، وكثيراً ما استُخدمت من قبل شركات الطاقة في تقديم عطاءات لوزارة الدفاع. ومؤسس هذه الشركة هو السناتورالديموقراطي السابق عن لويزيانا ج. بينيت جونستون الذي كان عضواً في لجنة الطاقة النيابية.
ويقول مركز النزاهة العامة إن أياً من الأعضاء التسعة المرتبطين بشركات متعاقدة مع وزارة الدفاع لم يشأ الرد على طلب للتعليق على المعلومات التي تربطهم بهذه الشركات.
ويضم مجلس سياسة الدفاع كذلك أعضاء معروفين في واشنطن على أنهم يمثلون مجموعات ضغط.
ومن هؤلاء ريتشارد ف. ألين، المسؤول السابق في إدارتي نيكسون وريغان، وهو الآن كبير مستشاري شركة "ابكو وورلدوايد"، ويعد عضواً في مجموعة ضغط شركة "اليانس ايركرافت".
ومنهم أيضاً عضو الكونغرس السابقة تيللي فولي، التي انضمت الى مكتب محاماة "هولاند اند نايت" في 2001. وكانت عضواً في مجلس النواب على مدى 8 سنوات وعضواً في عدة لجان نيابية بينها لجنة الخدمات العسكرية ولجنة النقل. وفي 2002 تدخلت لمصلحة زبائن مثل "مينيسوتا ديبارتمنت أُف ترانسبورتيشن" و"أميركان بلاستيك كاونسل".
وينفي عضو المجلس توماس س. فولي أنه يمثل أي زبائن في وزارة الدفاع، على الرغم من أنه معروف كأحد عناصر مجموعات الضغط. وخدم فولي كسفير في اليابان بين 1997 و2001، وكان متحدثاً باسم مجلس النواب من 1989 الى 1994، وهو عضو في المجلس منذ العام 1965.
نظام مجلس سياسة الدفاع
ووفق النظام التأسيسي لمجلس سياسة الدفاع، فإن المجلس أُحدث في العام، 1985 لمساعدة وزير الدفاع "بتقديم نصائح بحياد وآراء عن القضايا الرئيسية في السياسة الدفاعية". وينتقي الأعضاء مساعد وزير الدفاع للسياسة بعد أن تقدم اليه لائحة بالأعضاء المرشحين، وهو حالياً دوغلاس فيث، أحد المسؤولين في إدارة الرئيس السابق رونالد ريغان. وكل الأعضاء المرشحين يصادق وزير الدفاع على تعيينهم. ويجتمع المجلس فصلياً، وعادة يستمر الاجتماع يومين، وتقدم نتائج الاجتماع ملخصة لوزير الدفاع. ولا يكتب المجلس تقارير كما أنه لا يصوت على أي قضية. ووفق النظام التأسيسي يحق لرئيس المجلس دعوته الى الاجتماع خارج المواعيد الدورية المعينة مسبقاً. ويبلغ الأعضاء بموعد الاجتماع قبل 15 يوماً.
ويركز المجلس، الذي يضم أعضاء من مسؤولين حكوميين وعسكريين سابقين، على القضايا الاستراتيجية مثل المضامين الاستراتيجية للسياسات الدفاعية والاعتبارات التكتيكية، بما في ذلك أنواع الأسلحة التي يجب أن يجري تطويرها.
ووصف الخبير العسكري في معهد "بروكلين" مايكل اوهانن في حديث مع صحيفة "تايم ماغازين" في تشرين الثاني 2002 المجلس بأنه مجرد مكتب آخر للعلاقات العامة لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد. وسابقاً كان المجلس حربياً بتوجهاته، لكن مع رامسفيلد أصبح أكثر اهتماماً بالمتغيرات السياسية، لكن المجلس لا يملك أي دور رسمي في القرارات السياسية.
ويظهر مضمون آخر 3 اجتماعات، وفق توثيق مركز النزاهة العامة، أن المجلس ناقش مواضيع متنوعة. فاجتماع 11 تشرين الأول 2002 خصص للاطلاع على تقارير موجزة من وكالة الاستخبارات العسكرية ومسؤولين رسميين آخرين. وأحد المواضيع التي نوقشت كان تقريراً موجزاً من مكتب المدعي العام.
وفي كانون الأول 2002، كان في أجندة اجتماع المجلس تقارير استخبارية، واستراتيجية، وعن كوريا الشمالية، ومن وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتطورة.
وفي شباط 2003، ناقش المجلس مواضيع في اليوم الأول من اجتماعه تقارير عن كوريا الشمالية وايران والمفاهيم المعلوماتية العامة، برنامج أبحاث وزارة الدفاع المثير للجدل الذي يهدف الى جمع معلومات واسعة عن الأميركيين وتحليلها. وهذا البرنامج أوكل الى متعاقدين خاصين.
ترجمة: أنيس محسن

أعضاء لجنة مستشاري مجلس سياسة الدفاع.. من هم؟

* كينيث اديلمان: محرر في مجلة "واشنطن مغازين" ومستشار كبير في "إدلمان ببليك ريليشن وورلد وايلد"، عمل نائباً لممثل الولايات المتحدة في الأمم المتحدة من 1981 حتى 1983. وكان بين 1983 و1987 مدير وكالة التحكم ونزع الأسلحة الأميركية، وترأس الفريق الأميركي في المفاوضات السنوية للتحكم بالسلاح مع الصين، وذلك بين 1983 و1986.
* ريتشارد.ف. آلين: كبير مستشاري "ابكو وورلد وايلد" ومستشار للتجارة الدولية في واشنطن. وقد عمل في إدارتي نيكسون وريغان. وهو عضو في مجموعة المستشارين للأمن القومي، التي تقدم نصائح لرئيس الأغلبية في مجلس النواب ولرئيس المجلس، وهو كبير الزملاء في معهد "هوفر".
* مارتن اندرسون: زميل في معهد "هوفر"، عمل في حملة نيكسون الانتخابية في 1968، وفي إدارته بين 1969 و1971. وكان مستشاراً سياسياً في حملتي ريغان الانتخابيتين في 1976 و1980، ومستشاراً في الحملات الانتخابية للمرشح بيت ولسون في 1995 وبوب دول في 1996، وجورج بوش (الابن) في 1980.
* غاري بيكر: الحائز جائزة نوبل للعلوم الاقتصادية في العام 1992، وهو زميل في معهد "هوفر"، واستاذ في جامعة شيكاغو. وقد خدم كمستشار للسياسة الاقتصادية لحملة دول الانتخابية في 1996.
* باري م.بليتشمان: مؤسس ورئيس "دي.إف.أي.انترناشونال"، وهي مؤسسة استشارات للحكومة، وكذلك للقطاع الخاص. ويعمل كذلك رئيساً لمركز "هنري ل. ستيمسون سنتر" للأبحاث، الذي يهتم بقضايا السلام والأمن.
* هارولد براون: وزير للدفاع في إدارة كارتر بين 1997 و1981 وهو محام لمؤسسة"واربورغ بينكوس اندكو"، الاستثمارية منذ العام 1990. ويعمل مستشاراً في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية. وكان بين 1984 و1992 رئيساً لمعهد السياسة الخارجية في جامعة "جونز هوبكنز" ومدرسة "بول هـ. نيتز" للدراسات الدولية المتقدمة في الجامعة.
* إلتون كوهين: استاذ الدراسات الستراتيجية لمدرسة جامعة جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة منذ العام 1990. وكان سابقاً عضواً في قسم الستراتيجيا في كلية الولايات المتحدة للحرب البحرية "يونايتد ستايتس نافال وور كوليج".
* ديفون كروس: المديرة التنفيذية في "دونارز فوروم"، وعضو مجلس إدارة معهد "سنتر فور ستراتيجيك أند بدجيتاري اسيسمنت" للأبحاث الذي يركز على التخطيط العسكري وستراتيجيات الاستثمار للقرن 21.
* الجنرال المتقاعد رونالد. ف. فوغلمان: تقاعد من سلاح الجو الأميركي في أيلول 1997 بعد خدمة 43 سنة. وهو الآن رئيس وعضو مجلس إدارة شركة "بار ج. كاتل". وكان احتل المنصب ذاته لدى شركة "دورانغو إيرسبيس". وعمل عضواً في الفريق المشترك ومستشاراً عسكرياً لدى وزير الدفاع، ومجلس الأمن القومي، والرئيس الأميركي.
* توماس س. فولي: محام في مكاتب "أكين" و"غمب" و"ستراوس" و"هوير اند فيلد" الذي انضم اليه في 2001. وكان سفيراً في اليابان بين 1997 و2001، ومتحدثاً باسم مجلس النواب بين 1989 و1994، بعد ان كان نائباً في المجلس منذ العام 1965. ويعد أحد أعضاء مجموعات الضغط.
* تيلي فولر: عضو سابق في الكونغرس. التحقت بمكتب المحاماة "هولاند اند نايت" في 2001، وقد خدمت 8 سنوات في مجلس النواب، حيث كانت عضواً في عدد من اللجان بما فيها لجنة الخدمات العسكرية ولجنة النقل. وفي العام 2002 توسطت لزبائن مثل "أميركان بلاستيك كاونسل".
* نيوت غينغريتش: عضو مجلس إدارة مجموعة "غينغريتش" للاستشارات. وهو زميل في معهد "أميركان انتربرايز" وزميل زائر مميز في معهد "هوفر".. خدم كعضو في الكونغرس 20 سنة، ومتحدثاً باسم مجلس النواب بين 1995 و1999. وهو محلل لدى قناة "فوكس" التلفزيونية.
* جيرالد هيلمان: مستثمر في "بيرل" في بعض الأعمال التجارية التي خضعت في الأسابيع الأخيرة للأمن العام، وهو المدير الإداري لشركة "هيلمان" للرسملة، وهي شركة استثمار خاصة تؤمن رساميل تجارية لشركات التكنولوجيا الناشئة. وقد استثمرت "هيلمان كابيتال" في شركات مثل "كامبريج دسبلاي تكنولوجي"، التي تطوّر تكنولوجيا شاشات التلفزيون المسطحة وتجهيزات مرئية متقدمة أخرى.
* الجنرال المتعاقد تشارلز. أ. هورنر: تقاعد من القوات الجوية في 1994، وكان نائب قائد قيادة الدفاعات الجوية لشمال أميركا، وقائد الطيران الأميركي وقائد سلاح الجو الأميركي في قاعدة بيترسون الجوية في كولورادو، ومنسق الدفاع الجوي المشترك بين الولايات المتحدة وكندا.
* فريد س. إكل: مدرس معروف في مركز الستراتيجيا والدراسات الدولية. وكان نائباً لوزير الدفاع للسياسات في إدارة الرئيس ريغان، ومدير وكالة التحكم بالسلاح ونزعه من 1973 الى 1977. وهو رئيس لجنة حقوق الانسان الأميركية لكوريا الشمالية، وحاكم مؤسسة "سميث ريتشاردسون".
* الادميرال المتقاعد ديفيد جيريميا: رئيس مؤسسة "تكنولوجي ستراتيجيز اند اليانس"، ومستشار ستراتيجي في مؤسسة استثمار مصرفية متخصصة في قطاع الطيران والدفاع والاتصالات والصناعة الالكترونية. خدم 38 سنة في البحرية الأميركية، وهو نائب رئيس سابق لفريق القيادة المشتركة، ونائب قائد اسطول "يو. إس. باسيفيل"، ومدير برنامج التخطيط في البحرية. وقد ترك الجيش في 1994.
* هنري أ. كيسينجر: وزير خارجية الولايات المتحدة من 1973 الى 1977، ومساعد رئيس لجنة شؤون الأمن القومي من 1975 الى 1996. وهو رئيس مؤسسة "كيسينجر" الدولية للاستشارات. حاز جائزة نوبل للسلام في 1973 لدوره في مفاوضات السلام الأميركية ـ الفيتنامية.
* الادميرال المتقاعد وليام اوينز: نائب المدير التنفيذي ونائب رئيس "تيليديستيك. إل. إل. سي". عمل سابقاً كرئيس لشركة "سيانس ابليكيشن انترناشونال كوربوريشن إس. إيه. آي. سي" وخدم كنائب رئيس للقيادة المشتركة، ونائب رئيس عمليات البحرية للموارد، وقائداً للأسطول السادس.
* ريتشارد بيرل: عين رئيساً لمجلس السياسة الدفاعية في تموز 2001، واستقال من منصبه في 27 آذار 2003، لكنه احتفظ بعضويته في المجلس. وهو زميل مقيم في معهد "أميركان انتربرايز" حيث قدم في الأشهر الأخيرة دراسات عدة تدعم الحرب الأميركية الحالية على العراق. وعمل رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة الاعلام الكندية "تيكون كونراد بلانكس".
* ج. دانفورت كوايلي: نائب سابق لرئيس الولايات المتحدة من كانون الثاني 1989 الى كانون الثاني 1993، وبعد ترك منصبه عمل مستشاراً وكاتباً.
* هنري س. رون: استاذ السياسة العامة ومدير فخري لخريجي مدرسة إدارة الأعمال في جامعة "ستاندفورد"، وزميل في معهد "هارفرد". كان مساعداً لوزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي في وزارة الدفاع من 1961 الى 1964 ومن 1989 الى 1991.
* جيمس. ر. شليسنغر: قسم وقته بين مركز الدراسات الاستراتيجية الدولي حيث عمل مستشاراً، وبين وظيفته كبير المستشارين في مصرف "ليهمان بروذرز" الاستثماري. وتبوأ منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، ووزيراً للدفاع ووزيراً للطاقة.
* الجنرال المتقاعد جال شيهان: انضم الى مؤسسة "بيتشيل" بعد ان خدم 35 سنة في مؤسسة البحرية الأميركية، ويحتل الآن منصب رئيس المؤسسة، ومسؤول عن العمليات الاستراتيجية لمنطقة تضم أوروبا وافريقيا والشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا. وخدم في حلف الناتو قائداً أعلى للقوات الحليفة في الأطلسي، ونائب قائد قيادة الأطلسي الأميركية قبل تقاعده في 1997.
* كيرون. ك. سكينر: مساعدة استاذ مادة التاريخ والعلوم السياسية والسياسة العامة في جامعة "كارنيجي ميلون" وهي زميلة أبحاث "دبليو غلين كامبل" في معهد "هوفر".
* ولتر. ب. سلوكومب: مُدّع في مكتب "كابلين اند ديزدل" في واشنطن. عمل مساعداً لوزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي من 1979 الى 1981 ومساعد وزير للسياسة الدفاعية من 1994 الى 2001.
* هال سونينفيلد: مدير مجلس الأطلسي للولايات المتحدة، وأمين في جامعة "جونز هوبكينز"، ومدرس ضيف في معهد "بروكنغز"، وكان مستشاراً في وزارة الخارجية بين 1974 و1977.
* روث ودوود: استاذة القانون في مدرسة الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة "هوبكنز"، وفي مدرسة القانون في جامعة "ييل"، وزميلة في مجلس العلاقات الدولية كخبيرة في المنظمات الدولية والقانون.
* كريس وليامز: خدم كمساعد لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد للقضايا السياسية، بعد ان عمل في المنصب ذاته مع السناتور ترنت لوت. وقد انضم الى شركة "جونستون اند اسوشييتس" بعد تركه البنتاغون. ويعرف انه أحد أعضاء جماعات الضغط.
* بيتي ولسون: زميل زائر معروف في معهد "هوفر". كان حاكماً لولاية كاليفورنيا من 1991 الى 1999، وعضو مجلس الشيوخ من 1983 الى 1991.
* جيمس ووسلي: رئيس مجموعة "بالادين كابيتال" وعضو في جمعية "بالادين هاملتون سيكيوريتي فند انفستمنت". كان مديراً سابقاً لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بين 1993 و1995، وعمل كمحام لمدة 22 سنة في مكتب "شي اند غاردنر" في واشنطن، وتسلّم مناصب عالية في ادارتين جمهوريتين وإدارتين ديموقراطيتين.

المستشارون النافذون في وزارة الدفاع الأميركية مرتبطون مباشرة بعالم الأعمال

شركات تعمل في حقل المنتجات الحربية فازت
بعقود قيمتها 77 مليار دولار في 2001 و2002
المستقبل - الجمعة 4 نيسان 2003 - العدد 1264 - العراق تحت الحرب - صفحة 10


http://www.almustaqbal.com/stories.aspx?StoryID=4295




فتحت استقالة رئيس مجلس سياسة الدفاع التابع لوزارة الدفاع الأميركية ريتشارد بيرل ملف هذا المجلس، الذي تتقاطع مصالح عدد من أعضائه مع شركات صناعة السلاح والشركات المرتبطة بأعمال مع وزارة الدفاع. وفي هذا السياق نشر مركز النزاهة العامة، وهي منظمة أهلية تهتم بكشف الصفقات المشبوهة ونزاهة الرسميين في الحكومة الأميركية، تقريراً عن المصالح التي يرتبط فيها أعضاء المجلس مع الشركات الأميركية التي حازت عقوداً دفاعية.
وموضوع مجلس سياسة الدفاع، ليس بالأمر الجديد، فالمعلوم أن أكثر من 100 شخص يخدمون في إدارة الرئيس جورج بوش هم مسؤولون وأعضاء سابقون في شركات الطاقة الأميركية والعالمية. وقد أشير الى عدد منهم كمتورطين في صفقات مشبوهة، ومن ضمنهم الرئيس جورج بوش ونائبه ديك شيني، على الرغم من أن التحقيقات لم تتوصل الى دليل دامغ على تورطهما شخصياً.
تقاطع مصالح
واللافت أن من بين الأعضاء الثلاثين في مجلس سياسة الدفاع، وهم مستشارون في وزارة الدفاع الأميركية تعينهم الحكومة الأميركية كمستشارين في البنتاغون، 9 على الأقل مرتبطون بشركات رست عليها عقود دفاعية بقيمة 76 مليار دولار في العامين 2001 و2002، وأربعة أعضاء معروفين أنهم أعضاء في مجموعات الضغط، إحدى هذه المجموعات تمثل أكبر 3 من متعهدي العقود العسكرية.
ووفق النظام التأسيسي للمجلس، من المفترض أن يقدم الأعضاء قائمة بمصالحهم المالية كل شهر الى البنتاغون، لكن القائمة لا تنشر علناً. وأبلغ المتحدث باسم البنتاغون المايجور تيد ودسورث مركز النزاهة العامة أن "نموذج القائمة تلك مبني على معايير وضعها مكتب العقود الذي يراجع النماذج المقدمة للتأكد من أنها تطابق أخلاقيات الحكومة".
وفي قائمة المتعاقدين الذين يملكون روابط مع أعضاء مجلس سياسة الدفاع شركات كبرى مثل "بوينغ" و"بي آر دبليو" و"نورثروب غرومان" و"لوكهيد مارتن" و"بوز آلين هاملتون"، وشركات أصغر حجماً مثل "سيمانتيك كورب" و"تكنولوجي ستراتيجيك اند اليانس كورب" و"بوليكون" وغيرها.
وتفوز الشركات الحربية بعقود لعدد من الأسباب، لكن لا توجد دلائل دامغة على أن أعضاء مجلس سياسة الدفاع الذين تربطهم علاقة بهذه الشركات يقدمون نصائح تجعلها تفوز بالعقود.
قضية بيرل
وكان رئيس مجلس المستشارين في الوزارة ريتشارد بيرل قدم استقالته من منصبه في 27 آذار الماضي بسبب مزاعم عن تضارب المصالح لمصلحة من يمثل من الشركات التي ترتبط بوزارة الدفاع، لكنه على الرغم من ذلك بقي عضواً في المجلس. و8 آخرون من زملاء بيرل في المجلس يرتبطون بشركات حازت عقوداً مهمة من البنتاغون.
وجاءت استقالة بيرل، الذي عرف عنه ارتباطه القريب بمشروع الحرب على العراق، بعد أن وجهت اليه انتقادات في الأسابيع الأخيرة لتورطه مع شركات مرتبطة بأعمال مهمة مع وزارة الدفاع، ولم يشأ بيرل أن يرد على الاتصالات الهاتفية التي أجراها معه مركز النزاهة العامة.
وكان النائب الديموقراطي العضو في لجنة العدل النيابية جون كونيارز طلب في رسالة في 24 آذار الماضي من المفتش العام في وزارة الدفاع التحقيق في كون بيرل مستشاراً بالأُجرة لدى شركة الاتصالات المفلسة "غلوبال كروسنغ"، التي كانت قد تقدمت بطلب للموافقة على بيع شركات تابعة لها في الخارج من لجنة الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة، وهي لجنة حكومية يحق لها منع اي مبيعات أو اندماجات تتعارض مع مصلحة الولايات المتحدة، ورامسفيلد عضو فيها.
ويُعتقد أن بيرل قدم نصائح لزبائن لدى مؤسسة "غولدمان ساكس" بشأن فرص الاستثمار في العراق بعد الحرب، وهو كذلك مدير في مؤسسة تحليل الأسهم البريطانية "اوتونومي كورب" التي يرتبط بعض زبائنها بعقود مع وزارة الدفاع الأميركية.
وقال النائب كونيارز في رسالته إن بيرل يعد موظفاً حكومياً خاصاً يخضع للتصرفات الأخلاقية الحكومية، التشريعية والجرمية، واتهمه باستخدام منصبه العام لجمع مكاسب خاصة.
ليس بيرل فقط
لكن ليس بيرل وحده في مجلس سياسة الدفاع الذي يرتبط بعلاقات مع شركات مرتبطة بأعمال مع وزارة الدفاع الأميركية.
ويقول مركز النزاهة العامة إن الادميرال المتقاعد ديفيد جيريميا، وهو نائب رئيس سابق للقوات المشتركة، الذي خدم 38 سنة في البحرية، عمل مديراً أو مستشاراً لخمس شركات على الأقل فازت بعقود مع وزرة الدفاع في 2002 تفوق قيمتها 10 مليارات دولار. ويرأس جيرميا مجلس إدارة شركة "جيترونيك غوفرمنت سوليوشنز"، التي استحوذت عليها شركة "ديجيتال نت" وباتت تعرف الآن باسم ""ديجيتال نت غوفرمنت سوليوشنز". ووفق نشرة "بلومبرغ" الاقتصادية الالكترونية، فإن ريتشارد بيرل هو مدير "ديجيتال نت"، التي فتح ملفها أخيراً للتحقيق في بيعها أسهماً بقيمة 109 ملايين دولار.
ويشارك جنرال الجو المتقاعد رونالد فوغلمان في مجالس إدارة مجموعة من الشركات التي فازت بعقود دفاعية قيمتها 900 مليون دولار في 2002، ومن هذه الشركات، "رولس رويس ـ نورث أميركا" و"نورث اميركا ايرلاينز" و"ايه ايه آر" و"ميتر كورب"، وكلها مرتبطة منذ أمد بعيد بوزارة الدفاع. وخدم فوغلمان مستشاراً عسكرياً لوزير الدفاع ومجلس الأمن القومي والرئيس الأميركي. وكان نائب قائد قيادة النقل الأميركية، وقائد قوات الجو المحمولة، والقوة الجوية السابعة، والقيادة المشتركة لقوات "يو إس روك" المشتركة.
والتحق الجنرال المتقاعد جاك شيهان بشركة "بيتشتيل" بعد أن خدم 35 سنة في مؤسسة البحرية الأميركية. وتعد "بيتشتيل" واحدة من أكبر شركات الإنشاءات في العالم، وهي من بين الشركات التي تقدمت بعطاء لعقود إعادة البناء في العراق بعد الحرب. وقد فازت الشركة بعقود دفاعية في 2001 بلغت قيمتها 650 مليون دولار وفي 2002 فاقت المليار دولار. ويعمل شيهان الآن نائباً أول وشريكاً ومسؤولاً عن الإدارة التنفيذية والاستراتيجية لمنطقة تتضمن أوروبا وافريقيا والشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا. وخدم الجنرال، ذو النجوم الأربع، قائداً أعلى لقوات الناتو في الأطلسي، ونائب قائد قيادة الأطلسي الأميركية قبل تقاعده في 1997. وبعد تركه وظيفته العسكرية، خدم مستشاراً خاصاً لآسيا الوسطى مع وزيرين للدفاع في البنتاغون.
يعمل مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركي السابق جيمس وولسي رئيساً لمجموعة "بالادين كابيتال"، وهي مؤسسة رسملة تجارية لجذب الاستثمارات الى مؤسسات الأمن القومي الأميركي. وقد التحق وولسي نائباً لرئيس مؤسسة الاستشارات "بوز ألن هاملتون" في تموز 2002. وبلغت قيمة عقود الشركة مع وزارة الدفاع أكثر من 680 مليون دولار في 2002. ويقول وولسي إنه ليس عضواً في أي مجموعة ضغط، وإنه لم يناقش أي موضوع على صلة بالشركات التي يعمل فيها خلال اجتماعات مجلس سياسة الدفاع. وقبل ذلك عمل وولسي مع مكتب المحاماة "شي اند غاردنر"، وتولى مسؤوليات رفيعة في إدارتين جمهوريتين وإدارتين ديمقراطيتين.
أما وليام اوينز، فهو ضابط كبير سابق آخر يشارك في مجلس إدارة خمس شركات حازت عقوداً دفاعية بأكثر من 60 مليون دولار في العامين الماضيين. وقبل ذلك كان يعمل رئيس وكبير مديري التشغيل ونائب رئيس شركة التطبيقات العلمية الدولية "سي ايه أي إس"، وهي من ضمن أكبر 10 شركات متعاقدة مع البنتاغون. واللافت أن إحدى الشركات التي يرتبط اوينز معها، وهي "سيمناتيك"، زادت عقودها الدفاعية من 95 ألف دولار في 2001 الى أكثر من مليون في 2002. ويُعرف اوينز، الذي خدم كنائب رئيس القيادة المشتركة، على أنه من أدخل التكنولوجيا التجارية العالية الى وزارة الدفاع الأميركية. وقد عمل مهندساً في شركة "ريفوليوشن إن ميليتري اففيرز" (آر أم آر)، وهي تعد نظاماً تكنولوجياً متطوراً مثّل تغييراً جذرياً في نظام التقاعد والموازنات. وتؤمن الشركة التكنولوجيا للجيش الأميركي منذ الحرب العالمية الثانية. وعمل اوينز أيضاً في مجلس إدارة عدد من شركات التكنولوجيا، من بينها شركة "نورتل نتوورك" و"فيا سات بوليكوم".
ويرتبط هارولد براون كذلك بالشركات المتعاقدة مع وزارة الدفاع، وقد عمل براون وزيراً للدفاع في إدارة الرئيس الأميركي جيمي كارتر. وهو محام في "واربورغ بنكوس" وعضو مجلس إدارة في شركات "فيليب موريس" وأمين في شركة "راند كورب" التي حازت في 2002 عقدين دفاعيين قيمتهما 146 مليون دولار و83 مليوناً.
والأمر ذاته ينطبق على جيمس شليسنغر، الذي خدم كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ووزير للدفاع والطاقة في إدارتي نيكسون وكارتر. وشليسنغر كبير مستشاري مؤسسة "ليهمان براذرز" الاستثمارية، ويرأس مجلس أمناء شركة "ميتر"، التي حازت في 2001 عقداً دفاعياً قيمته 440 مليون دولار وعقداً آخرا في 2002 قيمته 474 مليون دولار.
ويعد كريس وليامس واحداً من أربعة أعضاء مجموعات الضغط داخل مجلس السياسة الدفاعية، والوحيد الممثل لمجموعة ضغط شركات الصناعة الحربية. وعمل وليامس مساعداً خاصاً لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد للشؤون السياسية، ثم انضم الى شركة "جوستون اند اسوشييتس" بعد مغادرته البنتاغون. وكانت هذه المؤسسة تمثل مصالح "لوكهيد مارتن" قبل توظيفها وليامس، وقد تمكنت من حيازة عقدين دفاعيين كبيرين لمصلحة كل من "بوينغ" و"تي آر دبليو" و"نورثروب غرومان"، وتقاضت في مقابل ذلك 220 ألف دولار. وخدمت المؤسسة حصراً كمجموعة ضغط في العقود الدفاعية لزبائن جدد، وكثيراً ما استُخدمت من قبل شركات الطاقة في تقديم عطاءات لوزارة الدفاع. ومؤسس هذه الشركة هو السناتورالديموقراطي السابق عن لويزيانا ج. بينيت جونستون الذي كان عضواً في لجنة الطاقة النيابية.
ويقول مركز النزاهة العامة إن أياً من الأعضاء التسعة المرتبطين بشركات متعاقدة مع وزارة الدفاع لم يشأ الرد على طلب للتعليق على المعلومات التي تربطهم بهذه الشركات.
ويضم مجلس سياسة الدفاع كذلك أعضاء معروفين في واشنطن على أنهم يمثلون مجموعات ضغط.
ومن هؤلاء ريتشارد ف. ألين، المسؤول السابق في إدارتي نيكسون وريغان، وهو الآن كبير مستشاري شركة "ابكو وورلدوايد"، ويعد عضواً في مجموعة ضغط شركة "اليانس ايركرافت".
ومنهم أيضاً عضو الكونغرس السابقة تيللي فولي، التي انضمت الى مكتب محاماة "هولاند اند نايت" في 2001. وكانت عضواً في مجلس النواب على مدى 8 سنوات وعضواً في عدة لجان نيابية بينها لجنة الخدمات العسكرية ولجنة النقل. وفي 2002 تدخلت لمصلحة زبائن مثل "مينيسوتا ديبارتمنت أُف ترانسبورتيشن" و"أميركان بلاستيك كاونسل".
وينفي عضو المجلس توماس س. فولي أنه يمثل أي زبائن في وزارة الدفاع، على الرغم من أنه معروف كأحد عناصر مجموعات الضغط. وخدم فولي كسفير في اليابان بين 1997 و2001، وكان متحدثاً باسم مجلس النواب من 1989 الى 1994، وهو عضو في المجلس منذ العام 1965.
نظام مجلس سياسة الدفاع
ووفق النظام التأسيسي لمجلس سياسة الدفاع، فإن المجلس أُحدث في العام، 1985 لمساعدة وزير الدفاع "بتقديم نصائح بحياد وآراء عن القضايا الرئيسية في السياسة الدفاعية". وينتقي الأعضاء مساعد وزير الدفاع للسياسة بعد أن تقدم اليه لائحة بالأعضاء المرشحين، وهو حالياً دوغلاس فيث، أحد المسؤولين في إدارة الرئيس السابق رونالد ريغان. وكل الأعضاء المرشحين يصادق وزير الدفاع على تعيينهم. ويجتمع المجلس فصلياً، وعادة يستمر الاجتماع يومين، وتقدم نتائج الاجتماع ملخصة لوزير الدفاع. ولا يكتب المجلس تقارير كما أنه لا يصوت على أي قضية. ووفق النظام التأسيسي يحق لرئيس المجلس دعوته الى الاجتماع خارج المواعيد الدورية المعينة مسبقاً. ويبلغ الأعضاء بموعد الاجتماع قبل 15 يوماً.
ويركز المجلس، الذي يضم أعضاء من مسؤولين حكوميين وعسكريين سابقين، على القضايا الاستراتيجية مثل المضامين الاستراتيجية للسياسات الدفاعية والاعتبارات التكتيكية، بما في ذلك أنواع الأسلحة التي يجب أن يجري تطويرها.
ووصف الخبير العسكري في معهد "بروكلين" مايكل اوهانن في حديث مع صحيفة "تايم ماغازين" في تشرين الثاني 2002 المجلس بأنه مجرد مكتب آخر للعلاقات العامة لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد. وسابقاً كان المجلس حربياً بتوجهاته، لكن مع رامسفيلد أصبح أكثر اهتماماً بالمتغيرات السياسية، لكن المجلس لا يملك أي دور رسمي في القرارات السياسية.
ويظهر مضمون آخر 3 اجتماعات، وفق توثيق مركز النزاهة العامة، أن المجلس ناقش مواضيع متنوعة. فاجتماع 11 تشرين الأول 2002 خصص للاطلاع على تقارير موجزة من وكالة الاستخبارات العسكرية ومسؤولين رسميين آخرين. وأحد المواضيع التي نوقشت كان تقريراً موجزاً من مكتب المدعي العام.
وفي كانون الأول 2002، كان في أجندة اجتماع المجلس تقارير استخبارية، واستراتيجية، وعن كوريا الشمالية، ومن وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتطورة.
وفي شباط 2003، ناقش المجلس مواضيع في اليوم الأول من اجتماعه تقارير عن كوريا الشمالية وايران والمفاهيم المعلوماتية العامة، برنامج أبحاث وزارة الدفاع المثير للجدل الذي يهدف الى جمع معلومات واسعة عن الأميركيين وتحليلها. وهذا البرنامج أوكل الى متعاقدين خاصين.
ترجمة: أنيس محسن

أعضاء لجنة مستشاري مجلس سياسة الدفاع.. من هم؟

* كينيث اديلمان: محرر في مجلة "واشنطن مغازين" ومستشار كبير في "إدلمان ببليك ريليشن وورلد وايلد"، عمل نائباً لممثل الولايات المتحدة في الأمم المتحدة من 1981 حتى 1983. وكان بين 1983 و1987 مدير وكالة التحكم ونزع الأسلحة الأميركية، وترأس الفريق الأميركي في المفاوضات السنوية للتحكم بالسلاح مع الصين، وذلك بين 1983 و1986.
* ريتشارد.ف. آلين: كبير مستشاري "ابكو وورلد وايلد" ومستشار للتجارة الدولية في واشنطن. وقد عمل في إدارتي نيكسون وريغان. وهو عضو في مجموعة المستشارين للأمن القومي، التي تقدم نصائح لرئيس الأغلبية في مجلس النواب ولرئيس المجلس، وهو كبير الزملاء في معهد "هوفر".
* مارتن اندرسون: زميل في معهد "هوفر"، عمل في حملة نيكسون الانتخابية في 1968، وفي إدارته بين 1969 و1971. وكان مستشاراً سياسياً في حملتي ريغان الانتخابيتين في 1976 و1980، ومستشاراً في الحملات الانتخابية للمرشح بيت ولسون في 1995 وبوب دول في 1996، وجورج بوش (الابن) في 1980.
* غاري بيكر: الحائز جائزة نوبل للعلوم الاقتصادية في العام 1992، وهو زميل في معهد "هوفر"، واستاذ في جامعة شيكاغو. وقد خدم كمستشار للسياسة الاقتصادية لحملة دول الانتخابية في 1996.
* باري م.بليتشمان: مؤسس ورئيس "دي.إف.أي.انترناشونال"، وهي مؤسسة استشارات للحكومة، وكذلك للقطاع الخاص. ويعمل كذلك رئيساً لمركز "هنري ل. ستيمسون سنتر" للأبحاث، الذي يهتم بقضايا السلام والأمن.
* هارولد براون: وزير للدفاع في إدارة كارتر بين 1997 و1981 وهو محام لمؤسسة"واربورغ بينكوس اندكو"، الاستثمارية منذ العام 1990. ويعمل مستشاراً في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية. وكان بين 1984 و1992 رئيساً لمعهد السياسة الخارجية في جامعة "جونز هوبكنز" ومدرسة "بول هـ. نيتز" للدراسات الدولية المتقدمة في الجامعة.
* إلتون كوهين: استاذ الدراسات الستراتيجية لمدرسة جامعة جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة منذ العام 1990. وكان سابقاً عضواً في قسم الستراتيجيا في كلية الولايات المتحدة للحرب البحرية "يونايتد ستايتس نافال وور كوليج".
* ديفون كروس: المديرة التنفيذية في "دونارز فوروم"، وعضو مجلس إدارة معهد "سنتر فور ستراتيجيك أند بدجيتاري اسيسمنت" للأبحاث الذي يركز على التخطيط العسكري وستراتيجيات الاستثمار للقرن 21.
* الجنرال المتقاعد رونالد. ف. فوغلمان: تقاعد من سلاح الجو الأميركي في أيلول 1997 بعد خدمة 43 سنة. وهو الآن رئيس وعضو مجلس إدارة شركة "بار ج. كاتل". وكان احتل المنصب ذاته لدى شركة "دورانغو إيرسبيس". وعمل عضواً في الفريق المشترك ومستشاراً عسكرياً لدى وزير الدفاع، ومجلس الأمن القومي، والرئيس الأميركي.
* توماس س. فولي: محام في مكاتب "أكين" و"غمب" و"ستراوس" و"هوير اند فيلد" الذي انضم اليه في 2001. وكان سفيراً في اليابان بين 1997 و2001، ومتحدثاً باسم مجلس النواب بين 1989 و1994، بعد ان كان نائباً في المجلس منذ العام 1965. ويعد أحد أعضاء مجموعات الضغط.
* تيلي فولر: عضو سابق في الكونغرس. التحقت بمكتب المحاماة "هولاند اند نايت" في 2001، وقد خدمت 8 سنوات في مجلس النواب، حيث كانت عضواً في عدد من اللجان بما فيها لجنة الخدمات العسكرية ولجنة النقل. وفي العام 2002 توسطت لزبائن مثل "أميركان بلاستيك كاونسل".
* نيوت غينغريتش: عضو مجلس إدارة مجموعة "غينغريتش" للاستشارات. وهو زميل في معهد "أميركان انتربرايز" وزميل زائر مميز في معهد "هوفر".. خدم كعضو في الكونغرس 20 سنة، ومتحدثاً باسم مجلس النواب بين 1995 و1999. وهو محلل لدى قناة "فوكس" التلفزيونية.
* جيرالد هيلمان: مستثمر في "بيرل" في بعض الأعمال التجارية التي خضعت في الأسابيع الأخيرة للأمن العام، وهو المدير الإداري لشركة "هيلمان" للرسملة، وهي شركة استثمار خاصة تؤمن رساميل تجارية لشركات التكنولوجيا الناشئة. وقد استثمرت "هيلمان كابيتال" في شركات مثل "كامبريج دسبلاي تكنولوجي"، التي تطوّر تكنولوجيا شاشات التلفزيون المسطحة وتجهيزات مرئية متقدمة أخرى.
* الجنرال المتعاقد تشارلز. أ. هورنر: تقاعد من القوات الجوية في 1994، وكان نائب قائد قيادة الدفاعات الجوية لشمال أميركا، وقائد الطيران الأميركي وقائد سلاح الجو الأميركي في قاعدة بيترسون الجوية في كولورادو، ومنسق الدفاع الجوي المشترك بين الولايات المتحدة وكندا.
* فريد س. إكل: مدرس معروف في مركز الستراتيجيا والدراسات الدولية. وكان نائباً لوزير الدفاع للسياسات في إدارة الرئيس ريغان، ومدير وكالة التحكم بالسلاح ونزعه من 1973 الى 1977. وهو رئيس لجنة حقوق الانسان الأميركية لكوريا الشمالية، وحاكم مؤسسة "سميث ريتشاردسون".
* الادميرال المتقاعد ديفيد جيريميا: رئيس مؤسسة "تكنولوجي ستراتيجيز اند اليانس"، ومستشار ستراتيجي في مؤسسة استثمار مصرفية متخصصة في قطاع الطيران والدفاع والاتصالات والصناعة الالكترونية. خدم 38 سنة في البحرية الأميركية، وهو نائب رئيس سابق لفريق القيادة المشتركة، ونائب قائد اسطول "يو. إس. باسيفيل"، ومدير برنامج التخطيط في البحرية. وقد ترك الجيش في 1994.
* هنري أ. كيسينجر: وزير خارجية الولايات المتحدة من 1973 الى 1977، ومساعد رئيس لجنة شؤون الأمن القومي من 1975 الى 1996. وهو رئيس مؤسسة "كيسينجر" الدولية للاستشارات. حاز جائزة نوبل للسلام في 1973 لدوره في مفاوضات السلام الأميركية ـ الفيتنامية.
* الادميرال المتقاعد وليام اوينز: نائب المدير التنفيذي ونائب رئيس "تيليديستيك. إل. إل. سي". عمل سابقاً كرئيس لشركة "سيانس ابليكيشن انترناشونال كوربوريشن إس. إيه. آي. سي" وخدم كنائب رئيس للقيادة المشتركة، ونائب رئيس عمليات البحرية للموارد، وقائداً للأسطول السادس.
* ريتشارد بيرل: عين رئيساً لمجلس السياسة الدفاعية في تموز 2001، واستقال من منصبه في 27 آذار 2003، لكنه احتفظ بعضويته في المجلس. وهو زميل مقيم في معهد "أميركان انتربرايز" حيث قدم في الأشهر الأخيرة دراسات عدة تدعم الحرب الأميركية الحالية على العراق. وعمل رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة الاعلام الكندية "تيكون كونراد بلانكس".
* ج. دانفورت كوايلي: نائب سابق لرئيس الولايات المتحدة من كانون الثاني 1989 الى كانون الثاني 1993، وبعد ترك منصبه عمل مستشاراً وكاتباً.
* هنري س. رون: استاذ السياسة العامة ومدير فخري لخريجي مدرسة إدارة الأعمال في جامعة "ستاندفورد"، وزميل في معهد "هارفرد". كان مساعداً لوزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي في وزارة الدفاع من 1961 الى 1964 ومن 1989 الى 1991.
* جيمس. ر. شليسنغر: قسم وقته بين مركز الدراسات الاستراتيجية الدولي حيث عمل مستشاراً، وبين وظيفته كبير المستشارين في مصرف "ليهمان بروذرز" الاستثماري. وتبوأ منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية، ووزيراً للدفاع ووزيراً للطاقة.
* الجنرال المتقاعد جال شيهان: انضم الى مؤسسة "بيتشيل" بعد ان خدم 35 سنة في مؤسسة البحرية الأميركية، ويحتل الآن منصب رئيس المؤسسة، ومسؤول عن العمليات الاستراتيجية لمنطقة تضم أوروبا وافريقيا والشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا. وخدم في حلف الناتو قائداً أعلى للقوات الحليفة في الأطلسي، ونائب قائد قيادة الأطلسي الأميركية قبل تقاعده في 1997.
* كيرون. ك. سكينر: مساعدة استاذ مادة التاريخ والعلوم السياسية والسياسة العامة في جامعة "كارنيجي ميلون" وهي زميلة أبحاث "دبليو غلين كامبل" في معهد "هوفر".
* ولتر. ب. سلوكومب: مُدّع في مكتب "كابلين اند ديزدل" في واشنطن. عمل مساعداً لوزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي من 1979 الى 1981 ومساعد وزير للسياسة الدفاعية من 1994 الى 2001.
* هال سونينفيلد: مدير مجلس الأطلسي للولايات المتحدة، وأمين في جامعة "جونز هوبكينز"، ومدرس ضيف في معهد "بروكنغز"، وكان مستشاراً في وزارة الخارجية بين 1974 و1977.
* روث ودوود: استاذة القانون في مدرسة الدراسات الدولية المتقدمة في جامعة "هوبكنز"، وفي مدرسة القانون في جامعة "ييل"، وزميلة في مجلس العلاقات الدولية كخبيرة في المنظمات الدولية والقانون.
* كريس وليامز: خدم كمساعد لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد للقضايا السياسية، بعد ان عمل في المنصب ذاته مع السناتور ترنت لوت. وقد انضم الى شركة "جونستون اند اسوشييتس" بعد تركه البنتاغون. ويعرف انه أحد أعضاء جماعات الضغط.
* بيتي ولسون: زميل زائر معروف في معهد "هوفر". كان حاكماً لولاية كاليفورنيا من 1991 الى 1999، وعضو مجلس الشيوخ من 1983 الى 1991.
* جيمس ووسلي: رئيس مجموعة "بالادين كابيتال" وعضو في جمعية "بالادين هاملتون سيكيوريتي فند انفستمنت". كان مديراً سابقاً لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بين 1993 و1995، وعمل كمحام لمدة 22 سنة في مكتب "شي اند غاردنر" في واشنطن، وتسلّم مناصب عالية في ادارتين جمهوريتين وإدارتين ديموقراطيتين.

ثنائية النفط والسلاح في الفكر السياسي لحكومة الولايات المتحدة

قضايا الاقتصاد الدولي


الخلاف بشأن العراق بين الخارجية والدفاع تفصيل والاتفاق استراتيجي

المستقبل - الجمعة 25 نيسان 2003 - العدد 1282 - المستقبل الإقتصادي - صفحة 11



http://www.almustaqbal.com/stories.aspx?StoryID=7332


أنيس محسن
الآن وقد نحي القتال جانبا لجني المغانم، أصبحت المعركة معركة إعادة صوغ اقتصاد العراق ليوافق المصالح الأميركية. لكن هذه المعركة لا تبدو سهلة، بسبب عدم وجود خطة واضحة لدى الإدارة الأميركية في هذا المضمار، ولأن المواقف تبدو متباعدة في التفصيل، وإن كان البعد الاستراتيجي واحد بين الآراء المتعددة القادمة من دوائر وزارة الدفاع، التي يسيطر عليها غلاة اليمين الأميركي الجديد من جهة، وبين وزارة الخارجية ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية من جهة أخرى، وهو بعد أساسه كيف تتمكن الولايات المتحدة من إدارة العالم، بعد انتهاء الحرب الباردة، فيما يبدو اقتصادها متعبا واتجاهه ينحو إلى الهبوط، على الرغم من أنه لا يزال الأكبر حجما في العالم، إنما من الأقل نشاطا وإنتاجية.
فوزارة الدفاع يمثلها الوزير دونالد رامسفلد ونوابه ومساعدوه ومستشاروه الكثر، وتدعمها وزارة الأمن الداخلي الحديثة العهد، والطامحة إلى الهيمنة على الأجهزة الأمنية الداخلية، مثل مكتب التحقيق الاتحادي "إف بي آي"، والخارجية مثل وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه"، تدفع باتجاه اتخاذ معركة العراق محورا آخر، بعد محور أفغانستان، من محاور متعددة لحرب طويلة الأمد، للسيطرة على ثروات العالم، والتحكم بالحركة السياسية في المناطق الزاخرة بالثروات، التي تمكن واشنطن من فرض شروطها على الدول الحليفة سابقا في أوروبا وآسيا، وفي الصين التي تشهد نموا مستقرا، يقود إلى الاعتقاد أنها ستكون قريبا قوة اقتصادية من الكبرى يحسب لها حساب، لا في المستوى الاقتصادي فقط، وإنما كذلك في المستوى السياسي، لأن الاقتصاد والسياسة مكمل بعضهما لبعض. فما إن تنمو المصالح الاقتصادية في دولة ما، حتى تنمو مصالحها السياسية بالوتيرة ذاتها. وشأن هذا الظهور الصيني على الساحة الدولية، أن يحدث توازنا دوليا لا يبدو أن صقور الإدارة الحاضرة في البيت الأبيض يريدونه.
أما وزارة الخارجية، فتبدو أكثر تأنيا، وتأخذ في الحسبان البعد الدولي والمؤثرات الإقليمية بناء على معرفة دقيقة بما يجري من تطورات ومتغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية، وبرؤية استراتيجية أبعد لمصلحة الولايات المتحدة، وفهم لمسألة التحالف مع الجهات الدولية الأخرى، ضمن أطر تفيد المصالح الأميركية، من دون أن تنقص شيئا منها.

الصناعة الحربية أوصلت بوش إلى الرئاسة فكوفئت بمليارات الدولارات عقوداً

يجمع المحللون، على أن إيجاد مناخ مناسب للأعمال في العراق ومحيطه الغني بالنفط، لا يمكن أن يكون قبل أن تمسك القوات الأميركية بزمام الأمن، في بيئة لا تزال خطرة. وقد سأل مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية، ومقره واشنطن، في آخر تقرير له: "هل نحن مستعدون لمرحلة ما بعد الحرب في العراق؟". ورأى المركز أن القوات الأميركية أظهرت إلى الآن دليلا على عدم قدرتها، أو إرادتها للإمساك بالشأن الأمني وإرساء الأسس المناسبة للتعافي السياسي والاقتصادي في العراق.
وفي المقابل لا يبدو جوزف كونلون قلقا، ويرى أن القوات الأميركية يمكنها أن تلعب دورا أكيدا في إنشاء مناخ مناسب للأعمال في العراق. وكان كونلون قبل تقاعده لواء في قوات الاحتياط في 1994، وعمل محققا لدى مكتب مدعي مقاطعة سوفولد كاونتي، وخدم 30 عاما في الجيش فتسلم مهام متصلة بأرض المعركة والشرطة العسكرية، وأدار معسكرات أسرى الحرب.
وتنقل صحيفة "نيوز داي" عن كونلون قوله: "لقد قاموا (الجيش الأميركي) بالأمر في مناطق أخرى في العالم، ولا أجد أي مشكلة في أن تقيم القوات المسلحة الاستقرار في العراق. وكان هذا اللواء الأميركي قد أدار خلال حرب 1991، في الخليج، معسكرات وضع فيها 70 ألف أسير حرب عراقي. ويضيف: "يجب ألا تكون هناك مشكلة في إعادة بناء العراق، دولة فيها نوع من الديمقراطية".
ويُقدر كونلون أن بإمكان الجيش الأميركي أن ينجز مهامه لإعادة البناء، في مدة تراوح بين 13 و15 شهرا. ويقول: "إذا اقتنع العراقيون بأننا لا نريد البقاء هناك طويلا، فإننا لا بد أن ننجح". ويضيف: "ما إن يوَفّر الغذاء والماء ويتدفق النفط، فسيتحسن الوضع بوتيرة سريعة".
بعيدا عن السياسة
تُظهر الصورة، بعيدا عن السياسة ومطباتها الداخلية في الولايات المتحدة، وتأثيرها وتأثرها بالسياسة الدولية، أن الرهان بعدما انتهت الحرب كبير، وصدقية الولايات المتحدة على المحك، إذ يجب أن تظهر أمام العالم أن الأميركيين هم في التعمير أفضل منهم في التدمير.
وتقول إن هناك الكثير يجب أن يُعمل، قبل أن يتمكن العراقيون من العودة إلى أعمالهم. وفي البدء فإن تحكم الرعاع بالشارع، وهو ما أظهرته الأيام الأولى بعد السيطرة على البصرة ويغداد وكركوك والموصل، يجب أن يُستبدل به حكم القانون، وتعيين ما إذا كان الجنود الأميركيون سيلعبون دور رجل الشرطة.
وفي المدى الأبعد، سوف لن يتدفق رأس المال الاستثماري على بغداد إلى أن تتخذ الحكومة الموقتة قرارا نهائيا بشأن تنفيذ العقود، وإعادة مناقشة مسألة دينها الدولي الكبير مع صندوق النقد والبنك الدولي.
لكن لا شيء مما سبق يمكن أن يُنجز إلى أن يتضح الدور الذي ستلعبه الأمم المتحدة. ويتضمن هذا، تقدير المبالغ الواجبة تعويضا للمتضررين من حرب 1991، وفق رؤية خبراء وزارة الخارجية ومستشاريها، وكذلك مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.
فليس ممكنا تقدير التكلفة الحقيقية لاحتلال العراق وإعادة بنائه، بمواطنيه البالغ عددهم 24 مليونا، والذين أرهقهم دمار المعركة الشرسة وإرث عقود الكبت والتخطيط المركزي. أما التقدير الأولي للتكلفة، فيراوح بين 20 مليار دولار في السنة، عدة سنوات وفق مجلس العلاقات الخارجية، و605 مليارات دولار، وفق الأستاذ في جامعة "ييل" وليام نوردهاوس، ويُتوقع أن تدفع التكلفة هذه الولايات المتحدة. والمبلغ الأخير يراوح بين 1 و3 في المئة من الموازنة الاتحادية.
والمحبط في هذا أن التحدي المرافق لإعادة الإعمار، يبدو أنه غير قابل للقهر، وفق ما تنقل صحيفة "نيوز داي" عن المستشار في "هيس إنرجي تريدنغ" إدوارد مورس.
ويقول مورس، وهو من كبار المهتمين باقتصاد الدول المنتجة للنفط وسياستها، إن العراق استفاد من ثقافة تجارية لامعة، جعلته من أكثر دول الشرق الأوسط نموا، قبل أن يستولي صدام حسين على السلطة، ويشن حربا في 1979 على إيران، دامت ثماني سنوات. فقد ركّز صدام الاقتصاد، ودفع القطاع الخاص إلى مغادرة البلاد. ويرى مورس أن الغاية الآن هي استعادة العراقيين حريتهم، وإيقاد روح العمل التجاري المتأصل فيهم.
والواجب ذكره، أن العراق لا يزال يمتلك خدمات مدنية ذات صدقية ومهنية عالية، مثل الأطباء والمحامين والعُلماء والمهندسين، الذين تمكنوا، على الرغم من العقوبات القاتلة التي فرضت على العراق منذ العام 1991، أن يعيدوا تشغيل المؤسسات القانونية والطبية، وكذلك عدد غير قليل من المصانع والمصافي والجسور والطرق.
وفي هذا الصدد يقول مورس: "إذا نظرت إلى مستوى التعلم والموارد البشرية في هذا البلد، فإن ذلك يمكن أن يضع أساسا لاقتصاد ناشط في وقت قصير".
وأما عن النفط، الذي هو القطاع الأساسي لجلب العملة الصعبة، إذ يجني 95 في المئة من إيرادها، فقد بلغ إنتاج العراق 3.5 ملايين برميل في اليوم قبل 1991، لكنه انخفض بحدة بعد غزوه الكويت، وما تلا ذلك من حرب وعقوبات.
ومع انجلاء دخان الحرب، قدّر نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني أن العراق يمكنه أن يستعيد هذا المستوى من الإنتاج، حتى نهاية العام الجاري، فيدخل إليه نحو 18 مليار دولار في السنة.
ويمكن أن تكون الصورة مشرقة أكثر في غضون سنتين أو ثلاث، وفق المحلل في "ألارون تريدنغ غروب" فيل فلين. فيما يملك من مخزون كبير، يمكن للعراق أن يقارب السعودية، أكبر المنتجين المصدرين للنفط في العالم.
وتنقل "نيوز داي" عن فلين قوله: "القدرة الكامنة هائلة"، ويقدر أن إنتاج العراق قد يبلغ 8 ملايين برميل في اليوم، ويمكن أن تدخل له نحو 70 مليار دولار في السنة.
"الخارجية": مراهنات استراتيجية
تتوضح رؤية وزارة الخارجية الأميركية، التي ليست بعيدة عن تلك الصورة المجردة، من خلال شرح قدمه مساعد وزير الخارجية الأميركي لمكتب شؤون الشرق الأوسط في الوزارة وليام بيرنز امام اللجنة الفرعية النيابية للشرق الأوسط وآسيا الوسطى، في 19 آذار، ونشرت على الشبكة الدولية "الإنترنت" في 7 نيسان الجاري.
يقول بيرنز في شهادته بعد أن يشرح دور وكالة التنمية الدولية التابعة لوزارة الخارجية في العالم، إن عمل الوكالة منصب على إحداث إصلاح في مفاصل التربية والاقتصاد والسياسة، وهي المفاصل الأشد إلحاحا في الشرق الأوسط (تحديدا في الدول العربية).
ويضيف أن الوكالة التابعة لوزارته، نشطت منذ أمد في مصر ولبنان والأردن والمغرب وقطاع غزة والضفة الغربية. وقد ركزت على ثلاث دعامات أساسية، هي الإصلاح الاقتصادي والتعليم والتعدد السياسي والديمقراطية:
1 ـ الدعامة الاقتصادية: تحت هذا العنوان، يقول بيرنز في مداخلته أمام اللجنة النيابية الفرعية، إن الولايات المتحدة ستدعم الدول التي تعمل للانفتاح الاقتصادي وتوسيع الفرص أمام مواطنيها. وإنها ستعمل على حفز القطاع الخاص وتنويع الاقتصاد ودمجه في اقتصاد العالم.
ويضيف بيرنز أن الولايات المتحدة ستقدم مساعدات متسارعة ومكثفة، إلى الدول التي تقدمت بطلب انضمام إلى منظمة التجارة الدولية، والتي تود الانضمام ولم تتقدم بعد، والدول التي تخطط واشنطن لعقد اتفاقات تجارة حرة واتفاقات إطار استثمارية معها، مثل الأردن ومصر والمغرب.
وفيما تسعى الولايات المتحدة في مساعدة دول المنطقة على الانفتاح الاقتصادي، يقول بيرنز إنها ستعمل لإرساء مناخ يتيح دخول الروح المؤسسية، وزج المرأة في الحياة الاقتصادية من خلال إدخالها في برامج تدريب مكثفة في الولايات المتحدة.
ووفق ما أعلن وزير الخارجية كولن باول، ستدرس الولايات المتحدة إمكان إحداث صناديق مؤسسية لتوفير رساميل لشركات صغيرة ومتوسطة، يمكنها إيجاد دورة رساميل محلية داخل المنطقة.
ويقول بيرنز إن الولايات المتحدة ستختبر كذلك وسائل تدريب الشبان على العمل المؤسسي وتعريفهم بمنطلقات اقتصاد السوق، من خلال برامج تعليم وبرامج تدريب مهني.
2 ـ الدعامة التعليمية: إنشاء مزيد من الجامعات والمدارس الأميركية في المنطقة، مثل الجامعة الأميركية في بيروت، والجامعة الأميركية في القاهرة، ومدرسة "كرونيل" الطبية الجامعية في الدوحة، التي أنشئت أخيرا.
ويقول بيرنز في شهادته، إن بلاده ستدعم برامج محو أمية النساء، وتوسيع تقديم المنح المدرسية لهن، كما في المغرب، لإتمام مرحلة الدراسة الإعدادية.
ويمكن الإشارة إلى حديث بيرنز عن تطوير جودة التعليم، من خلال إصلاح مناهج التعليم بتزويد المدارس حواسيب ووصلها بشبكة "الإنترنت"، وتشجيع السماح للقطاع الخاص بالإسهام في بناء المدارس والمعاهد المهنية. لكن بيرنز لم يطل الشرح عن تعديل المناهج، التي أكد عدد من المستشارين في وزارته وفي وزارة الدفاع ولدى دوائر البيت الابيض، أن سيكون بتغيير المنطق السياسي الذي يحكم هذه المناهج، لا سيما التي تذكّر بقضية فلسطين، وتشير الى إسرائيل على أنها دولة أنشأها الاستعمار على أرض، طرد شعبها منها.
3 ـ الدعامة السياسية: وربما تلخص الدعامة السياسية التفكير الأميركي، اقتصاديا وتعليميا في المنطقة. وهنا يقول بيرنز إن التحديث الاقتصادي والتعليمي، سكيون في الفراغ، من دون تطوير النظام السياسي وتغييره. ويضيف تحت هذا العنوان، أن دول المنطقة فشلت إلى الآن في توفير حرية التعبير للمواطنين. ويرى أن الهياكل السياسية القائمة الآن، تمنع انتقال السلطة، وتحد صدقية الحكام.
وإذ يؤكد أن الولايات المتحدة ستدعم تلك الأنظمة التي تريد الانفتاح، وإرساء الديمقراطية، فإنه يشير إلى أن الإدارة الأميركية وضعت برامج أتاحت تدريب عدد كبير من المواطنين، لا سيما النساء، على العمل السياسي المؤسسي، وأنها ستواصل وتكثف وتسرع هذا الاتجاه.
ويعترف بيرنز في شهادته أمام اللجنة النيابية الفرعية للشرق الأوسط وآسيا الوسطى، في مجلس النواب الأميركي، بأن هذه الأفكار لن تكون سهلة التحقيق، لكن النتائج ستظهر تباعا في المستقبل. ويقول إن تحقيق ذلك لن يكون فقط بالإصرار على تحقيقه، وإنما بقدر كبير من التواضع وعدم المبالغة، فالمجتمعات العربية، وفق تعبيره، معقدة ومتنوعة، ولن يكون ممكنا وضع إطار واحد لكل هذا التنوع.
"الدفاع": استخدام النصر في الداخل
إذا كانت وزارة الخارجية تود إحراز الأهداف الاستراتيجية الأميركية، من خلال منظور أشمل، يأخذ كل عناصر اللعبة في الحسبان، فإن وزارة الدفاع، المكونة من أكثر صقور الإدارة الأميركية تشددا، تيمم النظر أكثر نحو الداخل، وتبحث عن مسوغات استخدام النصر في العراق، في المعارك الانتخابية المقبلة، آخذة العبرة من حرب 1991، التي تحقق نصر عسكري فيها، فيما فشل جورج بوش الأب في إحراز نصر في الانتخابات الرئاسية التي تلت الحرب، وأكثر من ذلك، فشل الحزب الجمهوري في جولتين انتخابيتين، وساد الديمقراطيون مجلسي النواب والشيوخ، بعدما كسبوا مغانم الانتعاش الاقتصادي في عقد التسعينيّات.
ولا يبدو أن صقور اليمين الجديد في الولايات المتحدة يعيرون بالا للعناصر الخارجية المركبة في اللعبة، فالأمم المتحدة لا تعدو في نظرهم كونها مؤسسة تأتمر بأوامر البيت الأبيض، وأوروبا باتت كهلة، يمكن استبدال أوروبا جديدة بها، مكونة من دول المعسكر الاشتراكي السابق وكل من بريطانيا وإسبانيا، حليفتي واشنطن في حربها الأخيرة على العراق.
ولذلك، فهم يودون الانتشار أبعد من أفغانستان والعراق، تدرجا إلى سوريا وإيران، وربما إلى دول عربية كانت أنظمتها تعد من الأشد ولاء للولايات المتحدة تاريخيا، وهذا ما صرح به مدير وكالة الاستخبارات الأميركية السابق جيمس وولسي أخيرا.
وفضلا عن البعد العقيدي الذي يحكم منطق صقور اليمين الجديد، فإن تشكل هذا التيار من ممثلي صناعة النفط في البيت الأبيض، وممثلي الصناعة العسكرية في البنتاغون، تجعله أكثر تطرفا في تنفيذ خطة الهيمنة الدولية لمصلحة احتكارات النفط والسلاح الأميركية.
فالسيطرة المباشرة على منابع النفط العالمية، هي العقيدة التي أسسها مؤسس شركة "ستاندرد أويل" جون روكفيلر، وقد دارت الحرب العالمية الثانية على محور من يسيطر على النفط، ألمانيا وحليفتاها اليابان وإيطاليا الفاشية، أم بريطانيا وفرنسا ومن خلفهما الامبريالية الناشئة في الولايات المتحدة.
والإبقاء على صناعة السلاح، الذي يبرع الأميركيون في تسويقه، ليس له مكان في عالم مسالم، لذلك فإن نظرية هنري كيسنجر الداعية لنظام اللااستقرار في العالم، وهو من منظري الحرب الأخيرة على العراق، تلائم تماما هذه العقيدة، فالسلام يحرم صناعة السلاح الأميركية سوقها، والحروب المتنقلة توفر لها هذه السوق، علما بأن اقتصاد الولايات المتحدة بات بحالة مزرية نتيجة انتقال الثقل إلى دول أخرى في آسيا، لا سيما الصين، فيما اعتمد الأميركيون على اقتصاد الريع الذي أوجد حمأة أسواق المال في التسعينيّات، وبات هذا النمط نقطة الضعف بعد المعاناة المتواصلة إثر انفجار فقاعة التكنولوجيا والعد التنازلي لأسواق المال، بدءا من نهاية العام 2000.
وتشغّل صناعة السلاح عددا متزايدا من الموظفين الأميركيين، وتعتمد صناعة التكنولوجيا الحديثة عليها في استعادة ناصية الاقتصاد التي فقدتها مع الأزمة المستفحلة في أسواق المال.
وتحالف النفط والسلاح هو العامل المهيمن الآن في السياسة الأميركية، وكلاهما يعتمد على السيطرة المباشرة وإدارة الصراع الدولي بدلا من حله.
وصراع الخارجية والدفاع في الإدارة الأميركية تجلى في مسألة من يحكم العراق، حكومة انتقالية من العراقيين، أم حكومة عسكرية يقودها اللواء المتقاعد جاي غارنر، وقد حسم البيت الابيض الأمر لمصلحة وزارة الدفاع، بتأكيد قيادة غارنر وموظفين أميركيين للحكومة الانتقالية. وسوف تدير حكومة غارنر من ضمن ما تديره، اقتصاد العراق قبل أن تتمكن من تنصيب حكومة عراقية تحت وصاية أميركية مباشرة، لن تحيد عن الخطوط العريضة، ولا عن التفاصيل التي ستضعها حكومة الاحتلال.
ومن عناصر الخلاف الأخرى بين الوزارتين، مسألة دور أحمد الجلبي في العراق، الذي يريده وزير الدفاع دونالد رامسفلد محوريا، فيما تتهمه وزارة الخارجية ووكالة الاستخبارات المركزية بسرقة أموال خصصتها الإدارة الأميركية للمعارضة العراقية، بلغت 4.3 ملايين دولار في السنة. وقد جمدت وزارة الخارجية في حينه إعطاء هذه المساعدة له، لتوزيعها على فصائل المعارضة. وهذا الخلاف حل أيضا لمصلحة وزارة الدفاع، التي نقلت الجلبي إلى جنوب العراق تحت حماية جنودها.
وعنصرا الخلاف هذان، يوضحان المسار الذي اتخذته مرحلة ما بعد احتلال بغداد، إذ ان الجيش الأميركي لم يعمل إلا لحماية حقول النفط ووزارة النفط من النهب المنهجي الذي تسيره قوات الاحتلال في بغداد وغيرها من المدن، وهذا ما يريده ممثلو صناعة النفط الموظفون في البيت الأبيض. وفرض الجلبي في العراق، هو عامل عدم استقرار، بخلاف ما تدعيه الإدارة الأميركية، أنها تود أن ترى العراق مستقرا ومسالما، فالشخص غير مقبول لدى العراقيين في الداخل، ولدى المعارضة في الخارج، فضلا عن كونه محكوم بالسجن بقضايا اختلاس مالي في الأردن. ويعني عدم استقرار العراق عدم استقرار المنطقة وبقاءها سوقا للسلاح، الأمر الذي يخدم مصالح صناعة السلاح المتمكنة في وزارة الدفاع.
ثنائية النفط والسلاح
تضمن صناعة النفط والسلاح، فضلا عن دعم إسرائيل غير المحدود الذي يتبناه تيار الصقور، أصوات الموظفين في القطاعين، المستفيدين من دعمهم هذين القطاعين الاقتصاد الأميركي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، التي ستجري بعد سنة ونصف سنة، كذلك يجيّر اللوبي اليهودي بدوره أصواتا لعتاة يمين الحزب الجمهوري. ويعد النفط والسلاح جوهر سياسة البيت الأبيض، لعدد من الأسباب:
1 ـ النفط: خلال العشرين السنة الأخيرة زاد اعتماد الاقتصاد الأميركي كثيرا على النفط، وتستهلك الولايات المتحدة 26 في المئة من إنتاج نفط العالم، أي نحو 20 مليون برميل في اليوم، وكانت تستهلك 15 مليونا قبل عقدين. وتنتج الولايات المتحدة 43 في المئة من استهلاكها، بعدما كانت تنتج 70 في المئة مطلع السبعينيات، وفق بيانات معهد النفط الأميركي.
ويضر سعر النفط المرتفع بالمستهلك الأميركي. فخلال السنة الماضية زاد سعر البنزين أكثر من 37 في المئة، من 1.12 دولار إلى 1.53 دولار الغالون. وزاد سعر وقود التدفئة للمنازل بنسبة 33 في المئة. ووفق "إكونمي دوت كوم" أنفق الأميركيون 50 مليار دولار أكثر مما أنفقوه العام الماضي على البنزين ووقود التدفئة . وقد خفض هذا، قدرة الإنفاق عند المستهلكين الذين ينتجون ثلثي الناتج المحلي المجمل.
ويقول موقع "بزنس 2 دوت كوم" إن زيادة سعر النفط في العام الأخير أثرت في مختلف قطاعات الاقتصاد، وسلبت الشركات جزءا من ربحها. وترك أثرا كبيرا في قطاع الطاقة وشركات الطيران التي تعاني أزمة منذ هجوم 11 أيلول 2001. وأثر كذلك في شركات النقل والشحن وقطاع الصناعة، لا سيما الكيمياء والورق. وتقول عملاق صناعة الكيمياء، شركة "دو بونت"، إن كل زيادة 10 في المئة لسعر برميل النفط والغاز، تخفض ربحها 165 مليون دولار.
وليس الأمر مقتصرا على الأثر المباشر، إذ هناك أثر غير مباشر أيضا. فتأثر شركاء اقتصاد الولايات المتحدة الأساسيين، مثل اليابان وألمانيا وفرنسا بزيادة سعرالنفط، أثر في الصادرات الأميركية التي انخفض ربحها العام الماضي. وكل زيادة 10 دولارات لسعر برميل النفط تخفض نمو الاقتصاد في الولايات المتحدة بنسبة 0.5 في المئة.
لكن في المقابل، تستفيد شركات النفط من صعود سعر النفط، وفضلا عن أن ربحها يزيد، فإن سعر النفط المرتفع يشجعها على زيادة الإنفاق في الاستكشاف والإنتاج في مناطق جديدة.
وبذلك يمكّن التحكم مباشرة بالمناطق الغنية بالنفط الولايات المتحدة، وفق رؤية وزارة الدفاع الأميركية، من السيطرة على السعر، وبالتالي التحكم بقدرة الإنفاق الاستهلاكي الداخلي، وقدرة الدول الأخرى الاقتصادية في الخارج.
2 ـ السلاح: تعد صناعة السلاح الأميركية من أهم القطاعات الاقتصادية بعد الزراعة. ومنذ العام 1992، صدّرت الولايات المتحدة ما تزيد قيمته على 142 مليار دولار سلاحا، إلى مختلف إرجاء العالم، وفق موقع "ليبرال سلانت دوت كوم". وسيطرت صناعة السلاح الأميركية على نصف السوق في العام 2001، الذي بلغت قيمته 839 مليار دولار، وتمكنت الشركات الأميركية من جني عائد بلغ 12 مليار دولار. ويُقدر مركز السياسة الدولية أن نحو 80 في المئة من صادرات السلاح الأميركي، تذهب إلى الدول النامية، لا سيما إلى الحكومات غير الديمقراطية. ويطرح هذا الأمر سؤالا جديا عن حقيقة إعلان سيد البيت الأبيض جورج بوش وحليفه في 10 داوننغ ستريت توني بلير، إنهما يريدان تحرير العالم وإشاعة الديمقراطية فيه.
لقد باعت الولايات المتحدة في العام 1999 سلاحا في 39 نزاعا كبيرا من 42 نزاعا، أما الباقي فقد وفرته الدول المصدرة للسلاح، ومنها روسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا، وبقدر أقل السويد وإسرائيل وبلجيكا وروسيا البيضاء وإيطاليا وكوريا الشمالية، وغيرها.
وتستفيد شركات السلاح كثيرا من العقود العسكرية التي تلحظها موازنة البنتاغون السنوية. فأكثر من 60 مليار دولار رصدت لشراء أسلحة جديدة، في موازنة العام 2003. وأنفقت وزارة الدفاع الأميركية أكثر من 30 مليار دولار في السنة، في أبحاث تطوير الأسلحة الجديدة.
ويدل بوضوح على تحول الاقتصاد الأميركي إلى اقتصاد عسكري، ما أورده موقع "ليبرال سلانت دوت كوم" أن موازنة العام 2004 المالية، لحظت زيادة في الموازنة العسكرية، قيمتها 400 مليار دولار في موازنة العام 2003، إذا أضيف تمويل السلاح النووي، الذي يقع ضمن موازنة وزارة الطاقة.
والمخطط له، أن تزيد وتيرة الإنفاق العسكري في السنوات المقبلة، وتبلغ 502 ملياري دولار في السنة المالية 2009.
واللافت أن صناعة السلاح الأميركية، كانت من أكرم المسهمين في الحملة الانتخابية في العام 2000، إذ أنفقت شركة "لوكهيد مارتن" وحدها 2.8 مليوني دولار. وحظيت بالمكافأة حين فازت بعقد تطوير طائرة القرن الحادي والعشرين المقاتلة.
وقد بلغ مبيع "لوكهيد مارتن" من السلاح في 2001، نحو 14 مليار دولار إلى السوق الأميركية والدولية. وأخيرا حصلت الشركة على عقد قيمته 3.5 مليارات دولار، لتزويد الجيش البولندي طائرات "ف 16" المقاتلة. وفيما تمكنت الولايات المتحدة من إقناع بولندا والمجر وتشيخيا بضرورة تحديث ترساناتها العسكرية، قدمت الحكومة الأميركية قرضا لوارسو قيمته 3.8 مليارات دولار، لتحديث جيشها.
ولا يقتصر اهتمام الولايات المتحدة بالسلاح الثقيل، إذ انها جزء أساسي من سوق السلاح الخفيف في العالم، التي تُراوح قيمتها بين 4 و6 مليارات دولار في السنة. وتعد الولايات المتحدة وروسيا أكبر مصدرين لهذا النوع من السلاح في العالم.
أما في سوق الولايات المتحدة الداخلية، حيث اقتناء السلاح مباح، فإن الأميركيين يقتنون نحو 192 مليون قطعة سلاح، منها أكثر من 65 مليون مسدس. وفي العام 1998 باع تجار السلاح نحو 4.4 ملايين قطعة سلاح في السوق الأميركية، منها نحو مليوني مسدس.
وليس مستبعدا أن تطلق إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش، يدفعها ويشجعها البنتاغون والصناعة الحربية، حمى تسلح نووي جديد. ووفق مركز معلومات الدفاع تنفق الولايات المتحدة 27 مليار دولار في السنة، لتكون مهيأة لحرب نووية.
وتشغل صناعة السلاح عشرات ألوف العلماء والمهنيين والعمال الذين يطورون أسلحة جديدة ويصنعونها ويعملون في هذا القطاع.
ولا يلزم بعدئذ السؤال كثيرا عن هذا الاندفاع المحموم لدى الإدارة الأميركية الحاضرة إلى الحرب، مستغلة هجوم 11 أيلول 2001، مشجبا تعلق عليه مسوّغات حربها "على الإرهاب" وحربها الأخرى "لإنشاء الديمقراطية" في الدول التي تحكمها أنظمة "دكتاتورية"، وهذا بالطبع يقع حصرا في المناطق التي للولايات المتحدة مصالح فيها.
المصادر:
1 ـ تقرير عن مركز الدراسات الاستراتيجية (واشنطن)
2 ـ صحيفة "نيوزداي"
3 ـ محاضرة لمساعد وزير الخارجية الأميركي لمكتب شؤون الشرق الأوسط وليام بيرنز (منشورة على الانترنت)
4 ـ تقرير لمعهد النفط الأميركي (منشور على الانترنت)
5 ـ موقع "بزنس دوت كوم" على الشبكة الدولية
6 ـ موقع "ليبرال سلانت" على الشبكة الدولية

ميدل إيست ريبورت": الصراع العربي الإسرائيلي يكلف واشنطن 3 آلاف مليار دولار

إسرائيل محور مساعدات الولايات المتحدة المالية لدول الشرق الأوسط وغايتها

المستقبل - الاثنين 25 آب 2003 - العدد 1382 - شؤون عربية و دولية - صفحة 15

http://www.almustaqbal.com/stories.aspx?StoryID=25903

أنيس محسن
تعد مسألة المساعدات الاميركية الخارجية، ولاسيما المخصصة للصراع العربي الاسرائيلي مادة دسمة لدى الباحثين الاميركيين. وفي حين يستخدم صقور البيت الابيض من اليمين الديني المتطرف في الادارة الحاضرة مصطلح الحفاظ على المصالح العليا الاميركية لتبرير الانفاق على الانتشار الاميركي في العالم، الذي يمثل عبئاً على اقتصاد البلاد، فإن كثيرا من الباحثين يرون ان الانفاق الكبير من اموال الاميركيين في الصراعات الدولية، ولا سيما الصراع العربي الاسرائيلي، فيما الاقتصاد الاميركي يعاني من تراجع واختناقات حادة، هو انفاق بلا جدوى ولا يخدم تلك المصالح، كما لا يخدم الهدف المعلن في تغذية شرايين الاقتصاد الجافة من خلال خلق فرص عمل للشركات الاميركية في العراق. وفي هذا السياق يقول تقرير "واشنطن عن شؤون الشرق الاوسط" WASHINGTON REPORT ON MIDDLE EAST AFFAIRS ان العبء المالي على الولايات المتحدة جراء تدخلها المباشر في صراع الشرق الاوسط يقدر بنحو 3 آلاف مليار دولار. واللافت في التقرير، الذي يبتعد عن التوجيه السياسي المباشر، ان مضمونه يهدف الى اشعار القارئ، ولا سيما الاميركي، ان من العبث الاستمرار في دفع كل تلك الاموال الى ما لا نهاية، ويود لفت نظر هذا القارئ الى ان الصراع العربي الاسرائيلي يمثل لب السياسة الخارجية الاميركية، وان الدولة الاكثر استحوذا لتلك المساعدات هي اسرائيل، في اشارة الى الانحياز الكامل لهذه الدولة، ربما على حساب المصالح الاميركية نفسها، حيث يشير في غير مكان الى الخسائر الناجمة عن المقاطعة وإلغاء العقود والتي تُدفع ثمناً لهذا الانحياز، فيما ان اذكاء الصراع يضر المصالح الاميركية من خلال الارتفاعات الحادة في اسعار النفط اثناء الازمات. ويستشف مما بين السطور والارقام ان كاتب التقرير يدعو بشكل ضمني الى وضع حد للصراع في الشرق الاوسط، كون المساعدات التي تعطى الى الدول التي عقدت اتفاقات سلام مع اسرائيل اقل كلفة على الاقتصاد الاميركي من الخسائر الناجمة عن استمرار الصراع.
اعد توماس ر. ستوفر(*) تقريرا عن تكلفة الصراع العربي الاسرائيلي على الولايات المتحدة، صدر في تموز الماضي، جاء فيه ان تكلفة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني التي تقع على عاتق المواطن الاميركي تصل الى نحو 3 آلاف مليار دولار بقيمة الدولار في العام 2002. ويقول التقرير ان هذا الرقم اكبر بكثير من تكلفة الحرب الاميركية في فيتنام قياسا بقيمة الدولار في العام 2002 كذلك.
ويرى كاتب التقرير ان رقم 3 آلاف مليار دولار المتوقعة كتكلفة تقع على عاتق الولايات المتحدة هو اقل من الواقع كثيرا. ويقول ستوفر، "في الواقع لا يوجد رقم دقيق يمكن الاعتداد به، لا سيما اذا اخذ بالاعتبار نية الولايات المتحدة خفض اعتمادها على نفط الشرق الاوسط الزهيد الثمن ولجوءها الى مزودين تكلفة الانتاج لديهم اكبر منها في هذه المنطقة".
ويشير التقرير الى ان هذا التوجه بدأ بعد سنتي 1973 و1974 عندما استخدم العرب سلاح النفط في الصراع السياسي، وبلغت تكلفة القرار الاميركي تنويع سلة الولايات المتحدة من النفط نحو الف مليار دولار، وذلك بغية دعم اسرائيل وعدم تأثرها بأي اجراء مشابه يمكن ان يتخذه العرب. ويضاف الى هذا الرقم مبلغ 1.8 ألف مليار دولار مساعدات اميركية لإسرائيل بما فيها تقديم ميزات تجارية خاصة لها، وعقود تفضيلية، او تقديم مساعدات على شكل قروض. وفضلا عن هذه الارقام، فإن هذا الصراع يكلف الولايات المتحدة 275 الف فرصة عمل ضائعة سنويا (يلخص الجدول رقم 1 تقدير الحد الادنى للتكلفة التي تتحملها الولايات المتحدة، فيما يتضمن الجدول رقم 2 تفاصيل عن تلك التكلفة). ومع اضافة بنود اخرى، فإن التكلفة الواقعة على الولايات المتحدة تلامس رقم 3 تريلويونات دولار. نحو 60% منها تقع عبئا على عاتق نفقات الدفاع وتبلغ 1.7 ألف مليار دولار، تتلقى اسرائيل من هذا المبلغ اكثر من النصف وذلك منذ حرب العام 1973 بين مصر وسوريا من جهة واسرائيل من جهة اخرى (انظر الجزء الاخير من الجدول رقم 3).
الحروب وازمات النفط
يقول التقرير ان البند الاكثر تكلفة بين بنود التكلفة التي تتحملها الولايات المتحدة بسبب الصراع الفلسطيني الاسرائيلي هو بند النفط، حيث يمكن تسجيل 6 ازمات امداد بالنفط رئيسية منذ الحرب العالمية الثانية، وفق تقرير "واشنطن ريبورت"، الذي يشير الى ان ذلك كلف الولايات التحدة 1.5 الف مليار دولار (مرة اخرى بقيمة الدولار في العام 2002)، ولا يتضمن هذا التكلفة الاضافية منذ العام 2001 وما تجمع من تكلفة خلال التحضير للحرب على العراق. وحتى العام 1991، كانت تتورط في كل ازمة من تلك الازمات دولتان او اكثر من دول الشرق الاوسط، وتتدخل فيه واحدة من القوى الكبرى على الاقل. وكل ازمة من ازمات النفط كانت تترك اثرا اكبر من سابقتها وتبدو اكثر جدية على المستهلكين العالميين.
لم يكن اثر ازمتي النفط في 1956 و1967 كبيرا على الولايات المتحدة، كما يظهر التقرير. وفي الواقع فإن الولايات المتحدة استفادت من ازمة العام 1956 عندما تأثرت السوق الدولية بتقطع امدادات النفط من الشرق الاوسط، كونها منتجة للنفط في حينه. وفي العام 1967 انحصر الاثر بارتفاع كلفة النقل بعد احتلال اسرائيل لقناة السويس، ومثل هذا الارتفاع الفارق بين سعر النفط قبل الحرب وبعدها. وفي الواقع فإن دول اوبك المنتجة للنفط استخدمت اغلاق قناة السويس من اجل زيادة سعر نفطها. لم يكن الأثر، مرة اخرى، كبيرا على الولايات المتحدة، التي كانت وارداتها الى ذلك الحين من الشرق الاوسط ضئيلة نسبيا. هذا الامر تغير بين سنوات 1970 و1973 حيث كلفت زيادة سعر النفط الوارد من الشرق الاوسط الولايات المتحدة نحو 40 مليار دولار (قياسا بسعر الدولار في العام 2002). ومع ذلك لم يكن الاثر كبيرا على الولايات المتحدة قبل العام 1973، ففارق تكلفة النفط لم يكن ذات اثر على واشنطن، كما ان مساعداتها لإسرائيل كانت معتدلة نسبيا، واستطرادا فإن تكلفة الصراع في الشرق الاوسط كانت معتدلة. وفي الواقع فإن زيادة العبء على دافع الضرائب الاميركي ظهرت بعد العام 1973، ولا سيما بسبب زيادة الدعم الاميركي المقدم لتركيا التي أُشركت كطرف حليف للولايات المتحدة في الحرب الباردة بينها وبين الاتحاد السوفياتي.
لقد ازدادت الاعباء المالية على الولايات المتحدة بعد العام 1973. بدءا بالحرب الاسرائيلية العربية في العام 1973، حيث تجاوزت التكلفة التوقعات العادية. وبعد العام 1973 عمدت الولايات المتحدة الى زيادة المبالغ المخصصة لحماية اسرائيل وكذلك المبالغ والهبات والمخصصات المقدمة الى بعض الدول لتوقيع معاهدات سلام مع اسرائيل مثل مصر والاردن.
تقدر التكلفة التي دفعتها الولايات المتحدة بعد حرب العام 1973 بين 570 مليارا والف مليار دولار، وكان ذلك ثمنا لبرنامج انقاذ اسرائيل من خسارتها حرب العام 1973، حيث صادق الرئيس ريتشارد نيكسون في ذلك الوقت على تزويد اسرائيل بالسلاح الاميركي، وهو امر دفع العرب الى فرض حظر على النفط. وكانت الكلفة مضاعفة على الولايات المتحدة: فمن جهة خسرت الولايات المتحدة بين 300 و600 مليار دولار من ناتجها القومي المجمل بسبب حظر النفط، وكذلك نحو 450 مليار دولار بسبب ارتفاع تكلفة استيراد النفط.
عامل ثالث اضيف الى التكلفة المتعلقة بالنفط الناجمة من حرب 1973 (تضاف الى عدة مليارات الدولارات من المساعدات الى اسرائيل التي بدأت في ذلك العام)، هو قرار الولايات المتحدة انشاء احتياط استراتيجي من النفط قدره مليار برميل لاستخدامها الخاص ومد اسرائيل بالنفط اذا حدث اي نقص في الامداد مماثل لما حصل في العام 1973. وبسبب ارتفاع سعر النفط في حينه، فإن ذلك كلف الولايات المتحدة 134 مليار دولار. وبشكل عام فإن ازمة النفط في العام 1973 كلفت الولايات المتحدة مبلغا يقدر بين 900 مليار و1.2 ألف مليار دولار. ومن السخرية ان التكلفة العسكرية لم تكن ذات قيمة اذا قيست بالتكلفة الناجمة من ازمة النفط، حيث ان التبعات كانت اقتصادية اكثر مما هي عسكرية.
ازمة النفط الثانية كانت اقل تكلفة اقتصادية، وفق تقدرات معد التقرير. فقد كلفت الثورة الايرانية والحرب العراقية الايرانية التي اعقبتها الولايات المتحدة 335 مليار دولار بسبب زيادة تكلفة استيراد النفط. وحدث ذلك على مرحلتين، المرحلة الاولى تمثلت بانقطاع بلغ 5 ملايين برميل في اليوم من وقف الصادرات الايرانية عندما اغلق النظام الذي قام بعد الثورة مصبات النفط في العام 1978، وهذا ضاعف سعر النفط. بعد عامين، اي في 1980، مع بدء الحرب العراقية الايرانية، التي عطلت امدادات النفط في الدولتين، زاد السعر اكثر من الضعف مرة اخرى. هذان الحدثان كلفا الولايات المتحدة 335 مليار دولار بسبب ارتفاع تكلفة الاستيراد. وتسبب ارتفاع تكلفة الاستيراد في ارتفاع سعر المشتقات في السوق المحلية، الامر الذي يجعل تقدير التكلفة بحدود 335 مليار دولار في الحد الادنى. وبإضافة زيادة التكلفة على المستهلك فإن الرقم قد يتضاعف.
كانت التكلفة في حرب الخليج 1990/1991 اقل كثيرا ولم تتجاوز مبلغ 80 مليار دولار نجمت عن زيادة سعر النفط عالمياً وزيادة تكلفة الاستهلاك في الداخل. ويمكن ان يُعزى انخفاض تلك التكلفة الاضافية الى تقاسم الاعباء بين الدول الحليفة التي شاركت بالحرب على العراق في حينه.
لقد جعلت مساهمة دول مثل المانيا واليابان وبعض دول الخليج في تمويل الحرب التكلفة العسكرية الاميركية للحرب عند حدود الصفر، وفيما كانت التكلفة المعلنة رسمياً والتي تكفلها الحلفاء هي 45 مليار دولار، فإن التكلفة، وفق التقارير الرسمية الاميركية، هي 49 مليار دولار. لكن الارقام الواردة في الموازنة لم تلحظ هذه التكلفة، لا بل على العكس من ذلك فإن الموازنة لحظت فائضا، لا سيما ان الحكومة جمعت مبالغ اضافية من ضريبة الحرب ومن فرق الضريبة الناجم من ارتفاع سعر المشتقات النفطية والغاز محليا بلغت 10 مليارات دولار.
المساعدات العسكرية والاقتصادية
يتضمن بند "المساعدات العسكرية والاقتصادية" التي يناقشها التقرير، المبالغ الرسمية المخصصة للمساعدات الاجنبية فقط، من دون احتساب المساعدات والهبات الخاصة. وتبلغ المساعدات المخصصة للشرق الاوسط 867 مليار دولار (تتضمن هذه الفئة المساعدات المقدمة الى اليونان وتركيا التي تصنف في الجزء المخصص لأوروبا في الاحصاءات الاميركية). وتضاف اليونان الى عملية المساعدات الخارجية لأن اللوبي العامل لمصلحة اليونان يضغط باتجاه ان تتلقى اثينا ما يماثل 70% من المساعدات المقدمة الى تركيا كشرط للموافقة على المساعدات المقدمة الى تركيا. وتعطي هذه المساعدات للولايات المتحدة دينامية في التحرك السياسي المرتبط بالاوضاع في الشرق الاوسط.
وفي هذا السياق فإن التقارير عن المساعدات الخارجية تعد غير شفافة. فأولا هناك ضرورة لتوضيح حجم المساعدات الخاصة المخصصة لإسرائيل، التي لا يلحظها برنامج المساعدات الخارجية الرسمية. وثانيا من الضروري ان تلحظ التقارير ذات الصلة بالتحويلات الخاصة المرتبطة بالوضع في الشرق الاوسط مثل اموال الدعم المقدم الى المتمردين في السودان، والمساهمة في المساعدات الدولية الى تركيا، بغية ايضاح الصورة الكاملة للمساعدات الخارجية. فالمساعدات "الانسانية" المقدمة الى المتمردين في جنوب السودان تبلغ ملياري دولار، فيما حصة الولايات المتحدة من المساعدات المتعددة التي تقدم عبر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الى تركيا يمكن تقديرها بنحو 7 مليارات دولار. ويمكن الزعم ان هذا المبلغ رصد لتركيا بضغط مباشر من الولايات المتحدة مكافأة لها على تعزيز تحالفها مع اسرائيل وبغية تحفيز انقرة على ابداء تعاون اكبر في المسألة العراقية.
وكذلك يمكن ادراج المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة الي دول مثل اثيوبيا والصومال واريتريا، في سياق الجغرافية السياسية، في اطار المساعدات المخصصة للشرق الاوسط في اطار الخطط الاميركية المتعلقة بهذه المنطقة من العالم. ويمكن كذلك الربط جزئيا بين المساعدات المخصصة للديمقراطيات الناشئة في آسيا الوسطى وبين السياسة الشرق اوسطية للولايات المتحدة الهادفة الى عزل ايران. هذا كله يمكن ان يوضع على الخارطة الكبرى للمساعدات الاميركية في الشرق الاوسط.
ولا تحتسب المساعدات الخاصة الى اسرائيل من ضمن برنامج المساعدات الخارجية الرسمي. ولم يجرِ ان عُين في اي وقت من الاوقات حجم تلك المساعدات علنا. وتتيح الولايات المتحدة لإسرائيل تعاملا خاصا في تغطية القروض والعقود للشركات الاسرائيلية، وتزودها بشكل رسمي او غير رسمي بالسلاح وبالتكنولوجيا العسكرية الحديثة، كما ان الحماية التجارية للسلع والمنتجات الاميركية لا تقع في نطاق استيراد السلع الاسرائيلية التي لا تطبق عليها قوانين الحماية، هذا فضلا عن التخفيضات الكبيرة لأسعار السلاح الذي يباع لإسرائيل بشكل رسمي. ومن المساعدات التي تصب مباشرة في مصلحة اسرائيل كذلك، ولا تحتسب في هذا السياق، المساعدات التي تقدمها واشنطن الى كل من رومانيا وروسيا لتسهيل هجرة اليهود الى اسرائيل، وتبلغ في مجموعها عدة مليارات من الدولارات. ويقدر مجموع المساعدات غير الرسمية المقدمة من اليهود في الولايات المتحدة الى اسرائيل وكذلك المشتريات الاميركية للسندات الاسرائيلية بنحو 40 مليار دولار. ويبلغ تقدير الحد الادنى للمساعدات الاضافية الى اسرائيل بنحو 100 مليار دولار منذ العام 1973.
لقد تركت السياسة الاميركية الداعمة لإسرائيل اثرا سلبيا في حجم فرص العمل في السوق الاميركية وفي حجم الصادرات، وهي تضاف كذلك الى الاكلاف والخسائر السابقة. فمع تدهور العلاقات الاميركية مع دول الشرق الاوسط، كان التبادل التجاري يشهد انتكاسة. وقادت العلاقات السياسية المتدهورة الى خسارة مئات آلاف فرص العمل في الولايات المتحدة. بعض فرص العمل تلاشت بسبب سياسة العقوبات التجارية، وبعضها الآخر بسبب الغاء عقود كثيرة للشركات الاميركية بتدخل مباشر من اللوبي الاسرائيلي، مثلما حدث مع عقود مع المملكة العربية السعودية في ثمانينيات القرن الماضي، وبعضها الثالث بسبب النمو الخطير لعملية موازنة الميزان التجاري مع اسرائيل، ولمصلحة الاخيرة.
ويُقدر التقرير عدد الوظائف التي تلاشت في الولايات المتحدة بسبب اجراءات المقاطعة لدول مثل ايران والعراق وليبيا وسوريا بما بين 80 ألفاً و100 الف وظيفة سنويا. وقد يكون هذا الرقم اقل من الحقيقة، اذ ان فرص العمل الضائعة كثيرة، ليس اقلها انعدام قدرة المزارعين على تصدير منتجاتهم الى اسواق الدول التي تقاطعها الولايات المتحدة.
قد لا تعني العلاقات الجيدة بين الولايات المتحدة وبعض الدول توسعا في سوق العمل الاميركية، وتحديدا في المثال الاسرائيلي، اذ ان العلاقات الجيدة هذه تنعكس سلبا على سوق العمل الاميركية بسبب التعامل التفضيلي مع السلع الاسرائيلية التي تدخل السوق الاميركية بغض النظر عن اجراءات الحماية الاميركية. ويُقدر التقرير ان الخسائر التي تلحق بالولايات المتحدة من المساعدات التي تقدمها الى اسرائيل اكبر من الخسائر الناجمة من فرض مقاطعة اقتصادية على بعض الدول. فإسرائيل تصدر الى الولايات المتحدة اكثر بكثير مما تستورد منها، ولا يوازي ما تشتريه شيئا مقارنة بالمساعدات التي تتلقاها من الولايات المتحدة. فالمساعدات تلك تقدر بمبلغ يراوح بين 6 و8 مليارات دولار سنويا ويكلف الولايات المتحدة نحو 125 الف فرصة عمل.
ويُعين التقرير عنصرا وحيدا لمصلحة اقتصاد الولايات المتحدة في المنطقة، هو مشتريات دول الخليج من السلاح الاميركي، لا سيما السعودية، وهي مشتريات توظف نحو 60 الف اميركي سنويا. لكن هذا العنصر يرتبط بطبيعة العلاقة بين الرياض وواشنطن، وهنا يظهر التقرير خطر الضغوط الاسرائيلية على الولايات المتحدة للإساءة الى العلاقات بين الاميركيين والسعوديين، وهي ضغوط تكلف الولايات المتحدة عشرات آلاف الوظائف.
ولا يقوِّم التقرير سياسة الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة تقويما ايجابيا بالنسبة للولايات المتحدة، بل يعده احد عناصر التكلفة الاضافية. ويقول ان برنامج الاكتفاء الذاتي من الطاقة كان مكلفا جدا منذ ان اطلق في السبعينيات. فاستيراد النفط في الوقت الحاضر اكبر بكثير من حجم الواردات في السابق، فيما تغيب اجراءات تعويض انخفاض الانتاج المحلي، من خلال خفض الاستهلاك مثلا، ولا تقدم الحلول التكنولوجية الوافية لزيادة انتاج الطاقة في الولايات المتحدة من الآبار التي جرى استغلالها سابقا. ويشير التقرير الى عدم وجود تقدير دقيق للتكلفة الناجمة من ذلك. لكن التقديرات تشير الى انها تبلغ 285 مليار دولار، علما ان التقدير الحقيقي قد يزيد كثيرا عن هذا الرقم، ويمكن وضع رقم يناهز الألف مليار دولار اذا وضعت معايير دقيقة للحسابات، علما ان الارقام الموثقة هي جزئية ولا تفي بالغرض. وفيما كانت المساعدات الحكومية تحجب تحت مسوغ مصلحة الامن القومي، فإن دعم البرامج والمشاريع كان في معظم الحالات بيد اعضاء في جماعات الضغط (اللوبي) المحلية. وفي حين ان الاهداف القومية المعينة ارتكزت على خفض الاعتماد على نفط الشرق الاوسط، فإن التكاليف كان يجب ان تدرج ضمن تكاليف التعامل مع الصراعات الاقليمية، حتى وان كانت البرامج غير ذي تأثير كبير.
ويخالف تقرير "ميدل ايست ريبورت" الرأي القائل بأن الدفاع عن منطقة الخليج يعد عنصرا مكلفا جدا، ويقول ان واقع الحال يشير الى انه عنصر قليل التكلفة. ويوضح التقرير، ان باستثناء تكلفة عملية الإعداد لغزو العراق في العام 2002، فإن الارقام الرسمية تشير الى ان تكلفة العمليات والتواجد في الخليج راوحت بين 30 و40 مليار دولار في السنة. ويرى التقرير ان هذا الرقم مخادع، اذ ان القوات المولجة بهذه المهمة والتي تتخذ من دياغو غارسيا مقرا لها مولجة كذلك بمهام في مناطق اخرى في العالم، وبالتالي فإنها غير مرتبطة بشكل كلي بسياسة الولايات المتحدة في منطقة الخليج بذاتها. ويقدر التقرير ان التكلفة لا تتجاوز في اكثر الحالات مبلغ ملياري دولار في السنة، باستثناء التكاليف المرتبطة بغزو العراق.
ويخلص التقرير، الى ما يمكن اعتباره نسفا لكل الادعاءات الرسمية الاميركية، الى ان التكلفة الكبرى ترتبط بدعم الولايات المتحدة لإسرائيل. ويدعو التقرير الى ضرورة عزل تلك العناصر بعضها عن البعض الآخر بغية التوصل الى رقم دقيق وحقيقي. ويقول ان التكاليف المجملة الحقيقية، باستثناء تكاليف الازمات، تبلغ 800 مليار دولار، وتتضمن المساعدات الاميركية لكل من مصر والاردن، والتي هي مساعدات اصلا مرتبطة بدعم اسرائيل اولا واخيرا. ويعطي مثلا على ذلك ان تلك المساعدات اشترطت توقيع معاهدات سلام مع اسرائيل بما يؤمن سلامة حدود الدولة العبرية مع جارتين عربيتين. وتتضمن التكاليف ايضا دفق الدولارت من المنظمات اليهودية او من شخصيات يهودية منفردة في الولايات المتحدة، وهي مبالغ تستنزف ميزان المدفوعات الاميركي، اذا اضيفت الى المبالغ التي تدفع رسميا من قبل الحكومة الاميركية. ويقدر التقرير ان عملية انقاذ اسرائيل في العام 1973 كلفت الولايات المتحدة ألف مليار دولار اضافي، بما يجعل مجمل عبء دعم اسرائيل على الولايات المتحدة نحو 1.8 ألف مليار دولار.
ويشدد تقرير "ميدل ايست ريبورت" على وجود بنود اخرى لتكلفة دعم اسرائيل مثل المساعدات المالية لاثيوبيا ودول وسط آسيا وغيرها وبرنامج حماية دول الخليج تضاف الى المساعدات المباشرة لإسرائيل التي تقدر بنحو 3 مليارات دولار اضافية، وهي بالطبع خارج منظور النقاش في الولايات المتحدة.
اما الاجراء الذي اتخذه وزير الخارجية الاميركي الاسبق هنري كيسنجر في العام 1975 لتأمين تدفق النفط من المخزون الاميركي الى اسرائيل عند الحاجة، فيقدر التقرير انه يكلف الناتج القومي الاميركي المجمل خسائرتبلغ 3 مليارات دولار شهريا عند حدوث ازمات.
تكلفة عدم الاستقرار
يرى تقرير "ميدل ايست ريبورت" ان تكلفة عدم الاستقرار في الشرق الاوسط ثبت انها مكلفة كثيرا لخزينة الولايات المتحدة. اذ من المعروف ان معظم الدعم الخارجي الذي تقدمه الولايات المتحدة يذهب الى اسرائيل ومصر، فيما ان رقم التكلفة الناجمة من الصراع في المنطقة يفوق كثيرا رقم المساعدات الخارجية للمنطقة. ويشير الى ان الدعم الحقيقي الذي يقدم لإسرائيل يفوق 6 اضعاف رقم المساعدات المعلن عنه رسميا. ويعطي مثلا ان ارتفاع اسعار النفط المتعلقة بالتوتر في الشرق الاوسط في السنوات الثلاثين الاخيرة ثبت ان كلفته عالية جدا. وكذلك فإن المساعدات التي كانت ترصد لدول مثل تركيا، لم يجر تسديدها كاملة في اي وقت، الا خلال الازمات في منطقة الشرق الاوسط. فأنقرة، على سبيل المثال، تطالب بمبلغ 30 مليار دولار تقول انها خسرتها جراء الحرب على العراق.
وتطالب اسرائيل بدورها، بمبلغ 4 مليارات دولار دعما عسكريا اضافيا و10 مليارات دولار ضمانات قروض، اضافة الى المستوى الحاضر للمساعدات االتي تقدمها الولايات المتحدة لها. وهكذا فإن الصراع في الشرق الاوسط اصبح باهظا جدا على كاهل دافع الضرائب الاميركي.
ويتناول التقرير باقتضاب في الختام التكلفة التي تقع على عاتق الدول المستهلكة للنفط، واذ يشير الى ان الدعم المالي المباشر الذي تقدمه هذه الدول اقل من حجم الدعم الاميركي (يفوق انفاق الولاي المتحدة المباشر في المنطقة 800 مليار دولار وفق الارقام الرسمية)، يقول ان التكلفة غير المباشرة التي تقع على هذ الدول كبيرة، وهي ناجمة اساسا من ارتفاع اسعار النفط، الذي تستورد منه اكثر كثيرا من المقدارالذي تستورده الولايات المتحدة. وقد تصل بمجملها الى ضعفي او اربعة اضعاف العبء الذي تتحمله الولايات المتحدة. ويخلص التقرير الى ان تلك الدول مجتمعة تتحمل عبئا كبيرا جراء استمرار الصراع في الشرق الاوسط.

(*) توماس ر. ستوفر هو مهندس واقتصادي مقيم في واشنطن وقد درّس اقتصاديات الطاقة في الشرق الاوسط في جامعة هارفرد ومعهد الخدمات الخارجية التابع لجامعة جورجتاون.