الثلاثاء، 20 يوليو 2010

جورج حبش.. الوجه الآخر

المستقبل - الخميس 31 كانون الثاني 2008 - العدد 2862 - شؤون عربية و دولية - صفحة 15

http://www.almustaqbal.com/stories.aspx?StoryID=272928

أنيس محسن
صورة نمطية واحدة تركز عليها وسائل الاعلام والكثيرون ممن كتبوا عن جورج حبش: المناضل الفذ والرافض الدائم والساخط الهادر قائد تنظيم امتهن في سبعينيات القرن الماضي خطف الطائرات، فوصم غربا بالإرهاب، لكن الوجه الاخر الذي ربما لا يعرفه الكثيرون، هو ذلك الانسان المحب المهذب.. بل الخجول. والقائد الديموقراطي المتمسك بالديموقراطية الى اقصى الحدود.
طبعا كان حبش ذلك الثائر الهادر، الذي اسس واحدة من اكبر الحركات القومية العربية، ان لم تكن الاكبر، في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وانتقل بفرع الحركة الفلسطيني الى الماركسية نهجا وتحالفات.
بالطبع ايضا، كان حبش الرافض الذي حالف انظمة "الممانعة" واسس مع فصائل دعمتها تلك الانظمة تجارب "الرفض" و"الصمود"، والهادر على المنابر رفضا لكل التسويات المعروضة امام الفلسطينيين والعرب، من البرنامج المرحلي لمنظمة التحرير مطلع السبعينيات الى كامب ديفيد المصري واوسلو وكامب ديفيد الفلسطينيين.
وكان حبش القومي الذي استوحت منه احزاب عربية نهجا ثوريا وتمكنت من الحكم، كما في اليمن، وكادت في العراق وربما في دول اخرى.
واصبح بعد، الاممي المتحالف مع الالوية الحمراء الايطالية وبادر ماينهوف الالمانية والجيش الاحمر الياباني وفدائيي خلق الايراني واليسار التركي والجبهة الشعبية لتحرير اريتريا والجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب وكارلوس والعشرات من اليساريين الاوروبيين والاميركيين.
كان حبش ملاحقا من قبل كل اجهزة المخابرات الغربية والعربية على السواء، لما تشكله تحالفاته تلك من تحد لانظمة تلك الاجهزة.
لكن حبش كان ايضا العروبي الحضاري الذي يرفض التطرف والشوفينية، والاممي الذي لا يجد حرجا في انتقاد الحلفاء.
وحبش، في وجهه الاخر.. بل المكمل لشخصيته: والد ورب اسرة محب، يحترم كل من حوله.. يتحدث بتهذيب قل نظيره. كان والدا لمن هم الى جانبه.. فاللقب الاحب لمرافقيه، ليس الحكيم المشهور به والمحبب اليه ولكل رفاقه في الجبهة الشعبية.. بل "الوالد" لما يظهره من حنو على مرافقيه ومن يعملون معه..
البعض ممن عملوا في الجبهة الشعبية اخذوا على حبش "ديموقراطيته الزائدة".. بل اتهموه بعدم الحزم، فيما الحقيقة انه كان شديد التمسك بالديموقراطية نهجا وممارسة..
حبش، ربما هو القائد الثوري الوحيد الذي اختار.. وتمنى مرارا وتكرارا على رفاقه ان يتقاعد عن العمل الحزبي المباشر بعدما اعياه المرض.. ونال مبتغاه بعد سنوات من تمنياته.
ربما نهاية حبش صورة اخرى لا نمطية.. فهو الغاضب على الانظمة العربية المرتبطة بالغرب لدورها غير السوي ازاء فلسطين، اختار تقاعدة في واحدة من عواصمها عمّان حيث بدأ نشاطه الانساني كطبيب اطفال، وفيها توفي ثم دفن.. امر اوضحته زوجته ورفيقته في قوته وضعفه هيلدا، التي اكدت انه دائما كان مع وحدة العرب.. أوليس هو مؤسس "حركة القوميين العرب" التي الهبت مشاعر كل العرب في عقدي الخمسينيات والستينيات؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق