الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012

عن تهافت الإعلام مجدداً.. لكن في غزة


أنيس محسن


وأنا اتصفح موقع "فلسطين الآن"، وهو موقع إلكتروني تابع لحركة "حماس"، كي اتعرف على التطورات في غزة، لفتني خبر على شريط الاخبار، يقول: "ك. [كتائب] أبو علي مصطفى تقر: ما نشرناه عن تدمير جيب عسكري شرق غزة مفبرك" ولأن تدمير الجيب العسكري وسقوط جنود إسرائيليين قتلى كان واحدا من الأسباب المباشرة للعدوان الأخير على غزة، انتقلت الى موقع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الالكتروني لأتحرى الأمر، فتفاجأت أن بيانا لكتائب أبو علي مصطفى قد صدر ونشره الموقع عن الحادثة هذه، لكن على النحو التالي، نصاً:
"بيان صحفي توضيحي
صادر عن كتائب الشهيد أبو علي مصطفى
يا جماهير شعبنا البطل
نحييكم وأنتم تواجهون العدوان الصهيوني الهمجي بصمودكم وتحديكم، فإننا في كتائب الشهيد أبو علي مصطفى معكم وبكم سنبقى قابضين على الزناد حتى دحر الاحتلال الغاصب، وفي هذا الإطار فإننا نؤكد على ما يلي:
- الاستمرار بالمقاومة بكافة أشكالها حتى تحرير فلسطين، فحق شعبنا في المقاومة ليس موضوعاً للمساومة.
- إننا إذ نؤكد على مسؤوليتنا الكاملة عن العملية النوعية التي استهدفت الجيب الصهيوني المصفح يوم السبت 10/11/2012، صوناً لحق رفاقنا ومقاتلينا في الاعتراف بإنجازاتهم وتضحياتهم، فإننا في نفس الوقت نعتذر عن انجرار بعض رفاقنا للعبة الفيديوهات المفبركة التي مارسها الآخرون.
- إن توضيحنا هذا يأتي في سياق الحرص الشديد من كتائبنا على المصداقية والشفافية والوضوح مع جماهيرنا، وعليه فإننا نعدكم أن نبقى دائماً وأبداً في خندق المقاومة ندافع عن شعبنا ووطننا.
كتائب الشهيد أبو علي مصطفى
14/11/2012"
أي أن "كتائب أبو علي مصطفى" لم تقر بأن ما نشرته "عن تدمير جيب عسكري شرق غزة مفبرك"، بحسب موقع "فلسطين الآن"، إنما أكدت تبنيها العملية، إنما اعتذرت عن "انجرار بعض رفاقنا للعبة فيديوهات مفبركة".
لو كان الوضع ليس متوترا، وتمارس إسرائيل كل هذا القتل الذي يطاول أهل غزة، من حماس والشعبية والجهاد، ومن المنتمين وغير المنتمين، وخصوصا المدنيين، لكان الأمر محمولا، فعلاقة حماس والشعبية شابها توتر قبل بدء العدوان، لكن أن يحصل هذا فيما إسرائيل تشن عدوانها، فمن المستغرب، بل المستنكر أن يثار سجال اعلامي رخيص كهذا.
 خبر اخر كان موقع "حماس" يبثه في الوقت ذاته في شريط الاخبار ايضا، ينقل عن رئيس الحكومة المقالة اسماعيل هنية، تصريحا يقول فيه: "أنا من الجورة وسأعود اليها ومن لا يستطيع التحرير لا يحق له التنازل"، في غمز من قناة أعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤخرا عن تنازله عن حقه في مسقط رأسه، مدينة صفد، وهو تصريح أدانه فتحاويون قبل أن تدينه حماس وباقيا الفصائل.
خطر ببالي أيضا موقفان اطلقهما أمس خالد مشعل من القاهرة، تحدث عن وحدة في الموقف الفلسطيني ازاء العدوان، وموقف اخر سبقه بيوم لعباس، يؤكد الاتجاه نفسه ويعلن انه يتواصل مع مشعل وقيادات اخرى من حماس، فضلا عن المبادرة بين كوادر ومسؤولين من حماس وفتح في الضفة يطالبون فيها بانهاء حالة الانقسام فورا.
هالني هذا الاستهداف في موقع اخباري تابع لحماس للجبهة الشعبية، التي تعد من المقاومين الاشداء مع الجهاد الاسلامي في غزة، الى درجة ان وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك قال اليوم ان الجبهة والجهاد هما اعداء اسرائيل، فيما بعض من اعلاميي حماس يتلهون بفبركة خبر عن الشعبية، يمكن تبيان صحته من خلال مراجعة موقع الجبهة الالكتروني وهو ما حصل معي، لاتبين ان الخبر عن التلفيق هو الملفق
اما التصويب على محمود عباس في اللحظة هذه فهو امر يضاف الى التهافت السياسي والاعلامي هذا الذي لا يتورع عن دس السم في العسل فيما القتل يُقتل بالسم ذاته.
كنت قد كتبت في ليل الأحد – الإثنين 21 - 22/10/2012، عن تغطية وسيلة اعلام محلية للاشتباكات التي شهدتها طريق الجديدة في بيروت، عقب تشييع رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي اللبنانية اللواء وسام الحسن، الذي اغتيل قبل يومين من ذلك، وبدى فيه مشهد التغطية غاية في الكاريكاتورية لما احتواه من التباسات. اعتقدت أن في لبنان مثل هذا الإعلام المراهق، لكني ادركت اليوم ان الإعلام المراهق هذا بات صفة عربية.