السبت، 22 يونيو 2013

قصة اعتراض شيعي.. عفوي

ليس كما كان الأمر عليه سابقاً. الاعتراض الشيعي على سياسات "حزب الله" هذه المرة أعمق من انتقادات وملاحظات لمحمد حسن الأمين أو علي الأمين أو محمد عبد الحميد بيضون، أو غيرهم من الشخصيات الدينية - السياسية او السياسية الشيعية المعترضة على ثنائية حزب الله - أمل، مصلحيا أم مبدئيا. الاعتراض الشيعي هذه المرة ينبع من قلب الشارع، ومن أناس، غير متدينين، لكنهم حتى وقت قريب كانوا يؤازرون الثنائية الشيعية انتخابيا وطوائفيا.
قبل أسبوع، حصلت حادثة أمامي معبرة وعميقة؛ وها هي سرديتها:
في حافلة صغيرة (فان) متوجهة من صيدا نحو صور، أراد شبان سوريون مع امتعتهم الصعود  والذهاب إلى مكان سكنهم.. جنوبا. من بين ركاب الحافلة سيدة محجبة وزوجها وبناتهما الثلاث.. كثيرو الضوضاء وكأنهم في منزلهم. تلك السيدة تحتج بلهجة جنوبية لكن متعالية على صعود الشبان السوريين.. احتجاجها واضح انه يحمل عنصرية مقيتة.. ترفض مطلقا مشاركة السوريين ركوب الحافلة ذاتها، وكأنها حاكمة مساحة الحافلة ومحيطها، بل حاكمة الجنوب بكل ألوانه وتفاصيله.. تقول: ما أدرانا أن تلك الأمتعة، وهي بالمناسبة فرشة يمدها هذا السوري الفقير ارضا ليتكأ ليلا عليها، ما أدرانا أنه لا يوجد فيها متفجرات... أنا لن أبقى في حافلة واحدة معهم، إما نحن أم هم. الموقف هذا طبعا ناشئ عمّا يجري في سوريا وتورط "حزب الله" هناك.
طبعا الشبان السوريون، وربما كانوا يعملون في الجنوب منذ سوات عدة، انسحبوا من دون أي رد فعل على هذه العنصرية المقيتة وتوجهوا الى حافلة اخرى.

 لكن فتاة عصرية "شيعية" أيضا، انفجرت  وردت على عنصرية الامرأة الاخرى، فقالت بتحد وبصوت مرتفع فيه تأنيب شديد: ماذا يمكن ان يحمل هذا العامل السوري الفقير سوى امتعة شخصية.. لماذا هذه العنصرية، ثم من وكلك للحديث باسمنا.. انت تمثلين نفسك فقط.
في الطريق نحو صور.. نزلت الفتاة العصرية عند بلدة عدلون، التي كانت فقدت قبل أيام قليلة ابنها هاشم السلمان برصاص "مقاوم" لأنه تجرأ على الاحتجاج ضد تورط "حزب الله" في الحرب في سوريا وأمام السفارة الإيرانية في بيروت.
نزلت الفتاة العصرية "الشيعية" من الحافلة بهدوء.. تذكرت، تلك الفتاة العصرية "الشيعية" خلال انتخابات مجلس النواب 2009، التي نشرت الصحف صورتها وهي تحمل علم "حزب الله" الأصفر، وقد جلست على نافذة باب سيارة رباعية الدفع بحيث كان اسفل ظهرها مكشوفا وكاشفا عن وشم جميل، والمقطع الجانبي لأعلى جذعها يكشف عن صدر بارز نصفه مكشفوف بسبب "البروتيل" الذي ترتديه.
نعم المزاج الشعبي يتغير، الفتاتان العصريتان في 2009 و2013 متشابهتان بمظهرهما، لكن الموقف تغير؛ من داعم لحزب صمد في 2006 بوجه اسرائيل وأقنع كثيرا من الناس، شيعة خصوصا ومن الطوائف الاخرى، أن رأسه مطلوب من اسرائيل والغرب وعرب النفظ وبعض الداخل اللبناني من حلفاء الغرب، فكان حوله هذا الالتفاف الشعبي حتى من قبل من هم لا يتوافقون ايديولوجيا معه.. إلى معترض على تدخله الفظ في سوريا مع النظام ضد الشعب، وقمعه لمن يختلف معه في لبنان وخصوصا ممن هم من الطائفة الشيعية.. فتاتان شيعيتان عصريتان في تاريخين لم يمض عليهما كثيرا، وموقفان مختلفان تماما.
فضلا عن انزعاجي، كما انزعجت فتاة الحافلة "العصرية" من عنصرية الفتاة المحجبة اتجاه السوريين، فقد طال انزعاجي اكثر من زميلة الطريق نحو صور التي نزلت في عدلون، اذ أني كنت مضطراً ان أتحمل كل الصراخ والصوت العالي لتلك السيدة المحجبة وبناتها حتى دوار البص في صور حيث نزلت مع بناتها وزوجها الذي لم اسمع له صوتا.. لا ونحن في موقف النجمة حيث جرت حادثة زجرها السوريين بعنصرية ورد الفتاة الاخرى عليها بعنف لفظي واضح، ولا طيلة الطريق نحو صور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق