الأحد، 23 يونيو 2013

عن محمد عساف وARAB IDOL والانتقادات السخيفة إلى حد العنصرية



أنيس محسن

ونحنُ نحبُ الحياةَ
إذا ما استطعنا إليها سبيلاَ
 ونرقصُ بين شهيدينِ.
نرفعُ مئذنةً للبنفسجِ
 بينهما أو نخيلاَ
 ونحنُ نحبُ الحياةَ
 إذا ما استطعنا إليها سبيلاَ
 ونسرقُ من دودة القَزِّ خيطا
 لنبني سماءًا لنا ونُسيِّجُ هذا الرحيلاَ
 ونفتحُ باب الحديقةِ
 كيْ يخرُجَ الياسمينُ
 إلى الطّرقاتِ نهارا جميلاَ.
محمود درويش

لم أكن أود الكتابة في موضوع فوز محمد عسّاف بلقب ARAB IDOL، كون الموضوع خارج اهتماماتي اليومية المحصورة بين الكتابة وقراءة ومشاهدة وسماع الأخبار وتكوين رأي شخصي بما يحدث حولنا، فأنا صحافي وناشط سياسي سابق ومدني مع وقف التنفيذ. لكن ما استفزني تلك النبرة ضد فوز عسّاف، المتعالية؛ السمجة؛ العنصرية؛ من شمطاء تزعم الصحافة الفنية وباتت تحتاج إلى "جرس" يوقظها من سباتها ومحاولتها التصابي في كهولتها المبكرة "قليلاً" بالخضوع لكل أنواع الجراحات التجميلية (المدعوة نضال الأحمدية). ومن صحافيين كتبا في "الأخبار" اللبنانية التي تتقن كل أنواع السلبيات (راجع عدد الإثنين 24/6/2013)، فأوغلا في إسناد سلبية وسيلتهما الإعلامية الموصوفة إلى "وطنيات" فارغة أكثر من الفراغ في رؤوس مدرائهما. وبعض "الثوريين" خصوصاً من فلسطينيي سوريا (وحدهم يحق لهم الشكوى لأنهم على حد سكين الجلاد)، والبعض ايضاً من "نقاقي" الضفة، وآخرين من "متشددي" غزة.. إلى اخرهم!!
نعم يحق لنا الفرح بالشاب الفلسطيني الطيب، الغزي المحاصر بين حصارين: حصار "حماس" لكل ما هو إبداع وفرح وحياة رغم تخليها عن المقاومة (التي كانت تزعمها سابقاً) لمجرد تأبيد حكمها وتكبير كيس مال محدثي النعمة فيها؛ وحصار إسرائيل، العدو الدائم والرافض لإبقاء حتى شعاع أمل حياة للفلسطينيين، إلى حد كراهية شجرة الزيتون واقتلاعها لأنها ترمز إلى صمود الفلسطينيين وتجذرهم في أرضهم، بالطبع إذا استطاعت إلى ذلك سبيلاً، ولن تستطيع. هذا الشاب وقصة معاناته الخاصة أيضا في الالتحاق بالبرنامج التي تشبه كل حكايا الشعب الفلسطيني، أفرادا وجماعة، اجترح معجزة توحيد الفلسطينيين في أربع أرجاء: فلسطين تحت الإحتلال منذ 1948؛ فلسطين الضفة الغربية؛ فلسطين غزة؛ ثم فلسطين الشتات؛ وهي الأرجاء الأربع التي أهداها فوزه.
هذا الشاب المناضل الذي، قبل أن يسعى نحو حلمه الشخصي، كان قد غنّى للأسرى المبعدين إلى قطاع غزة على شاطئها الذي تمنع السباحة به للنساء ويمنع على الرجال ارتداء الشورتات. وغنّى في غزة علّي الكوفية، قبل أن يلهب مسرح ARAB IDOL وحيثما وجد فلسطيني بإعلائه الكوفية، التي باتت رمزاً فلسطينياً كما الزيتون.
نعم هذا الشاب الذي، لم يكن يأمل أصلاً أن يُقبل في البرنامج ولم يراوده الفوز حتى في أحلام نومه كما يقظته، كشف من دون تخطيط عن خواء سياسي لدى الطبقة المتحكمة في غزة والضفة والشتات، بحيث بات مغنٍ شابٍ هاوٍ، قادراً على جمع الفلسطينيين وتوحيدهم، فيما هذه الطبقة تُطأطئ رأسها للغرب أملا بمفاوضات بلا نهاية، وللشرق بزعم مقاومة لم تكن سوى غطاء لشبق السلطة.
نعم يحق للفلسطيني أن يفرح في خضم عرس الدم الذي لم ينضب منذ 63 سنة، ولولا إرادة الحياة والفرح التي يمتلكها، لكان هو وقضيته أصبحا من الدوارس. يحق للفسطيني أن يولد من رحم الموت كما تولد العنقاء من الرماد.. يحق للفلسطيني أن يكون حيث يراد له أن لا يكون!!
وإلى أولئك الذين يريدون الفلسطيني بكّاءً ونوّاحاً، أقول: لم يجلب البكاء والنواح سوى الغم والموت حسرة، لكن الحياة وإرادة المقاومة والبقاء، لا يجلبها سوى الفرح.. من أجل الفرح والحياة، حملنا البندقية وليس من أجل الموت. من أجل حقنا في الحياة والفرح انتفضنا بلحمنا.. وبحجر ضد جبروت أسرائيل، وليس لأجل الموت. من أجل حقنا بالحرية يصبر آلاف الأسرى على حبسهم ويقاومون سجانهم، وليس من أجل الموت.. هو نضال من أجل فرح نريده لمن بعدنا كما أراده لنا من جاء قبلنا، وليس نضال لفرح فردي أو موت فردي وجماعي.
كفا ازدراء بهذا الشعب.. المقاوم العنيد، الذي يعرف كيف يفرح وسيبقى يفرح حتى تحقيق حلمه بدولته على كل ترابه الوطني، من نهره إلى بحره.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق