السبت، 13 يوليو 2013

عن "المقاومين" و"الممانعين" الـ"فايسوكيين" في المهجر البعيد



أنيس محسن

أقرأ بوستات كثيرة، على "الفايسبوك"، لأصدقاء/صديقات و/أو رفاق/رفيقات - ولأشخاص أعرفهم/ن بالوجه أو بالاسم لكن لم يكونوا من أجوائي - وكلهم من زمن البندقية الفلسطينية في لبنان - أرى أنهم/ن لا يزالون يقبعون في أجواء ومناخات سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، يرون العالم كله من فوهة بندقية. المفارقة البسيطة أن كل هؤلاء مغتربون في العالم الجديد، في أستراليا أو الأميركيتين، ويريدون أن يعلموننا ويتأستذوا علينا - نحن الذي عشنا زمن البندقية والانكسارات والضياع واعادة تجميع الذات وصقلها مجددا، بشكل وعي جديد يجمع الماضي والحاضر ويؤسس للمستقبل. 

إنهم يرون فينا متخاذلين وحتى عملاء لمجرد أننا ننتقد ما يرون أنها "مقاومة" و"ممانعة" في لبنان وغزة وسوريا وربما في ليبيا معمر القذافي وعراق صدام حسين ويمن علي عبدالله صالح... 
في زمن البندقية تلك كان العالم كله يُرى من فوهة بندقية - كانت البندقية ديكتاتورنا الذي نعبده... فنتماها مع عبودية إرادوية، أو نسكت خوفا من أننا إذا ما تكلمنا وانتقدنا، سوف ننعت بـ"المثقفين الجامعيين النيئين" أو "البرجوازيين الصغار".
نحن الذين حملنا البندقية، وعبدناها كإله واعتبرناها نبياً معصوماً، أو خشينا البوح بإلحادنا بها في بيئة عبدت صنم البندقية، اكتشفنا، بعد ان بقينا في أمكنتنا وعشنا تطوراتها وأدركنا تشوهنا السابق، وعرفنا أن كهنة البندقية، لنقل معظم هؤلاء الكهنة، كانوا أنبياء كذّابين، وكنّا نحن أغبياء منقادين مستعبدين بإرادتهم أو خوفاً من بيئتهم، وأن كهنة البندقية وأنبيائها ليسوا سوى تجار دم ومال...
"مقاوموا" و"ممانوعوا" المهجر أولئك، ربما يعيشون حالة نفسية سيئة، خصوصا أنهم لم يستطيعوا الاندماج في مجتمعاتهم الجديدة تلك، فعاشوا غربة جسدية وذهنية واجتماعية، تجعلهم يهذون بزمن البندقية "الإله".
نحن يا "مقاومي" و"ممانعي" المهجر، من يعيش على حد السكين وليس انتم. نحن من بقينا هنا ولم نغادر ولم نعش حالة انفصام، فأعدنا اكتشاف أنفسنا وبيئتنا، وجلنا في ماضينا "الملموس" والحقيقي ومشينا على درب آلامنا، وابتعدنا عن وهمكم وهذيانكم، وقررنا تعديل مسارنا، وليس انفصالنا عن ماضينا... 

فابقوا في هذيانكم المنتمي الى فعل ماض منفصل عن الواقع، واتركوا لنا حرية الحاضر وتأسيس المستقبل على أرضية صلبة ومادية وملموسة، اتركونا نعيش لذة الحزن والفرح، والهزيمة والنصر، والزهو والانكسار، واسبحوا انتم في حاضركم الوهمي وماضيكم البوهيمي، وفي فضاء لا مستقبل فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق