الأربعاء، 10 يوليو 2013

رابع احتمالات "حزب الله" الثلاثة بشأن انفجار الضاحية


أنيس محسن
نقلت جريدة اللواء في عددها الصادر يوم الأربعاء 10 تموز 2013، عن مصادر في حزب الله وضعها ثلاثة احتمالات حول تفجير بئر العبد، متجاهلة احتمالا رابعا قد يكون أكثر واقعية، ويستأهل ان يؤخذ بالاعتبار، وقبل عرضه نستعيد احتمالات الحزب الثلاثة، وفق اللواء:
- الأول أن تكون إسرائيل في مقدمة المتهمين، مستفيدة من الجو التحريضي الانقسامي لزيادة الشرخ بين السنّة والشيعة.
ـ الثاني: مجموعات تخدم التوجه الإسرائيلي وترتبط بعلاقات مشبوهة مع جهات داخلية وعربية لجأت لأسلوب التفجيرات، بعد فشل "الاسلوب المذهبي".
ـ الثالث، تنظيمات احترفت التفجير مثل ـ والكلام للمصادر المقرّبة من "حزب الله" ـ "القاعدة" و"جبهة النصرة".
أما الرابع، وهو ما لم تقله مصادر حزب الله، فهو أن تكون اجهزة أمن نظام الأسد وراء التفجير، وفق التحليل المنطقي التالي:
- حزب الله اجرى مسحا في الضاحية طاول كل من يمكن ان يكون مشتبها بإمكان تدبير امر امني ما، من السوريين او من سنة الضاحية وحتى الشيعة غير الموالين للحزب، وهذا ما تؤكده وسائل اعلام مرتبطة بالحزب منذ الأيام الأولى التي تلت معركة القصير وحتى الساعات الاخيرة.
- بعد عدوان صيف 2006 الاسرائيلي على لبنان، تمكنت الاجهزة الامنية اللبنانية - خصوصا شعبة المعلومات ومخابرات الجيش وكذلك امن حزب الله - من تفكيك شبكات عملاء اسرائيلية ووجهت ضربة قوية للاستخبارات الاسرائيلية باعتراف الاسرائيليين انفسهم، حتى ان المعلومات التي جمعت من عمليات القبض على العملاء، اوصلت الى اشخاص يعملون داخل الحزب منذ سنوات طويلة وهم مرتبطون بالاستخبارات الاسرائيلية والاميركية والغربية، فتم تنظيف المنطقة والحزب بنسبة كبيرة من خطر العملاء الاسرائيليين.
- الطرفان الحليفان الوحيدان المسموح لهما العمل في مناطق نفوذ الحزب، خصوصا في الضاحية، هما عناصر الاستخبارات الايرانية والسورية.. وفيما أن إيران تعتبر مناطق نفوذ حزب الله جزء من النطاق الأمني القومي الإيراني وبالتالي فهي مستبعدة تماما من أي شبهة، فإن الطرف الاخر الموجود في ثنايا وزوايا مناطق نفوذ الحزب وخارج تلك المناطق ايضا، هي المخابرات السورية، التي لا يتورع نظامها السياسي من استخدام كل وسائل القتل والترويع والتشويه والتشبيح والتدليس... لتحقيق أهدافه المجتمعة أصلا بهدف واحد هو بقاء النظام. وهو نظام لا يتورع عن قتل اي فرد حتى ممن يدورون في فلكه او من النطاق الحليف له إذا كان في ذلك فائدة له فيه. والكلام هنا ليس على عوانه وشواهده قائمة لا تقبل الدحض، من "انتحار" رئيس الوزراء محمود الزعبي الى "انتحار" غازي كنعان، الى ما يشوب عملية اغتيال عماد مغنية من شوائب ومؤشرات على احتمال تورط النظام الامني السوري فيه... الخ.
ومن نافل القول، أن أدوات النظام الأمني السوري حاضرة في لبنان، ومحمية في مناطق نفوذ حزب الله، وعناصره في غالبيتهم هي عناصر إجرامية تمتهن التهريب على انواعه وخصوصا المخدرات والخطف والقتل، لنا فيهم، بما نعرفه عنه أيام تواجد الجيش السوري في لبنان قبل 2005، الكثير من التجارب والحوادث والشواهد.
ثم إن التحقيقات الأولية أظهرت أن من وضع السيارة المفخخة لم يكن في عجلة من امره... ووفق الرواية المتداولة فقد أوقفها حيث انفجرت، ودفع رسوم ايقافها لمدة اطول بعدما طلب منه المسؤول عن الموقف ذلك، وغادر بشكل طبيعي.
أما عن اتهام القاعدة والنصرة، فإن اسلوب عملهما مختلف تماما، وكان اجدر بهما لو كانا الفاعلين، أن يوقعا خسائر فادحة بين المدنيين، او عناصر او مسؤولي حزب الله، عبر تنفيذ العملية انتحاريا، وهذا اكثر سهولة من تفخيخ سيارة وتفجيرها سواء عن بعد او بواسطة ساعة توقيت.
وبما ان تفخيخ السيارة يدل على احتراف، كما نقلت وسائل اعلامية عن مصادر حزب لله، والاحتراف يعني خبراء وأمكنة تخزين للمتفجرات وأمكنة للتفخيخ محمية، فهذا ربما يستبعد ان يكون الجيش السوري الحر وراء العملية، كونه لا يملك قدرات لوجستية في لبنان، وحتى حلفاء أو مريدي الثوار السوريين في لبنان ليسوا بهذا القدر من الاحتراف ولا يملكون ايضا قدرات لوجستية للتحضير لعملية تفجير كتلك.
فضلا عمّا سبق، أشيع بعد معركة القصير عن استياء بشار الأسد وحاشيته من تصرفات حزب الله عبر تصوير وسائل الاعلام وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي القريبة منه، ان "النصر" الذي تحقق هو نصر للحزب في خضم تسريبات وكلام كثير عن خيانة و/أو جبن ضباط وجنود قوات الأسد، وهو أمر قد يدفع بنظام مثل نظام الاسد الى ارتكاب حماقة تفجير بئر العبد.
على أن المؤشر اعلاه يبقى سطحيا، وإن لا يمكن استبعاده تماما، فيما الاحتمال الاكثر واقعية، هو تحذير حزب الله، الذي قد يكون اقتنع بضرورة تخفيف تورطه الواسع في الحرب في سوريا بعد ازدياد تبرم مؤيدي حزب الله وعائلات عناصره من استمرار سقوط القتلى في سوريا، واالذهاب الى "ما بعد بعد القصير" الى حلب ودرعا. 
هذا هو الاحتمال الرابع، الذي لم يرد الحزب او لا يريد ان يقاربه، فيما هو الاحتمال الاكثر واقعية، والغير مستبعد أن تلجأ إليه اجهزة أمن نظام الأسد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق