الاثنين، 27 يونيو 2011

مقابلة مع موقع الكرمل الاخباري

http://www.karmelpcyi.com/news.php?action=show&id=315
27.6.2011
مقابلة
يسرنا أن نستضيف الأستاذ أنيس محسن في مقابلة خاصة على موقعنا لنتحدث معه عن مستقبل الواقع العربي والفلسطيني وعن حياته مع الصحافة والاعلام ، ودور الاعلام حول القضايا العربية وما تحقق من خلاله.

الأستاذ أنيس محسن هو صحافي فلسطيني متخصص في الملف الإسرائيلي -الفلسطيني واللبناني واللبناني - الفلسطيني تاريخ ومكان الميلاد صور جنوب لبنان 1985
محرر شؤون الشرق الأوسط في جريدة المستقبل
في القسم العربي والدولي
كاتب مقال أسبوعي عن الفلسطينيين في لبنان في الصفحات المحلية في جريدة المستقبل
أستاذ أنيس محسن كاتب وصحافيا فلسطينيا يعمل في جريدة المستقبل اللبنانية

السؤال الأول :

كيف بدأت سيرتك مع الاعلام والصحافة ؟ ولماذا فضلت مهنة الصحافة بالذات في دراساتك ؟ وككاتب وصحافي فلسطيني يعمل في جريدة المستقبل اللبنانية ، هل أنت راض عن تجربتك في الجريدة ؟

جواب 1:

انا من جيل نشأ في طفولته على المد الثوري العربي، من ثورة الضباط الأحرار في مصر إلى نجاح ثورة الجزائر وانتصار فيتنام على الولايات المتحدة وتجربة حرب العصابات التي قادها تشي غيفارا والحراك الثوري في اميركا الجنوبية وافريقيا وبعض دول اسيا وحتى في دول خليجية عربية وعربية مغاربية، الى نشوء اليمن الديموقراطي كتجربة اشتراكية علمية عربية في الحكم، وسلسلة الإنقلابات في شرق المتوسط العربي على اسم فلسطين، مرورا بزمن الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي من جهة والولايات المتحدة والغرب الرأسمالي من جهة اخرى.

وبالطبع والاثر الاكبر كان من هزيمة 1967 وبروز تجربة الكفاح المسلح الفلسطيني، وتفجر الحرب الأهلية اللبنانية وما رافقها من متغيرات اجتماعية، ازاء المفاهيم والتصرفات، وكان قبل ذلك لمرحلة النهوض اليساري القومي والماركسي في لبنان اثر كبير علي، اذ كانت شقتنا في مدينة صور، الواقعة في بناية يملكها الوزير محمد صفي الدين، ملجأ لكوادر من حركة القوميين العرب والبعث والشيوعيين، عند حملات الملاحقة من قبل المكتب الثاني ضد النشطاء السياسيين، كون دخول المكتب الثاني الى شقق البناية ممنوع، ما جعلني منذ نعومة اظفاري اتعرف على اتجاهات سياسية متنوعة واتثقف بطريقة غير مباشرة عبر ما اسمع من النشطاء السياسيين الملاحقين من قبل المخابرات والمتصارعين مع بعضهم البعض ايضا.

على أن الأثر الأكبر في ثقافتي السياسية، جاءت من انخراطي المبكر في العمل السياسي الفلسطيني، طبعا عبر العمل الفدائي، كشبل في مطلع سبعينيات القرن الماضي، ثم تفجر الحرب الأهلية اللبنانية، وتعرفي خلالها على عدد من المثقفين العضويين، والكوادر والقيادات السياسية من مشارب مختلفة، وبالتأكيد التزامي السياسي ايضا الذي انتقل من العمل ضمن اشبال فتح ومن ثم الاعلام الموحد، الى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي كان التثقيف الايديولوجي والسياسي لكادرها مكثفا جدا.

اما ذاتيا، فإن والدي، استاذ المدرسة، والمثقف ايضا على طريقته، اثر فيّ اكبر تأثير، فكان خياري أدبيا وليس علميا، وتقدمت بالتالي الى البكالوريا فرع الفلسفة، وكنت في الصفوف الاعدادية اتفوق عادة في مادة الانشاء العربي.

بكل الاحوال، في العام 1980 خيرت بين منحة دراسة طب في روسيا ومنحة دراسة صحافة في رومانيا، فاخترت الثانية، وعدت في العام 1984 لأعمل في مجلة الهدف في دمشق حتى العام 1988 ثم في اذاعة صوت الشعب في بيروت بين 1988 و2000، اولا كمعد لبرنامج ثورة الحجار، وكان برنامجا يوميا، ثم برنامج فلسطين اليوم، يومان في الأسبوع. وفي العام 2000 انتقلت للعمل في جريدة المستقبل، وانا لا زلت اعمل فيها الى الان، لكن اول سنتين كنت محررا لشؤون الاقتصاد العربي والدولي في القسم الاقتصادي، ثم بعد ذلك انتقلت الى قسم العربي والدولي وتسلمت ملف الشرق الاوسط عامة والملف الفلسطيني خصوصا، وتسلمت المسؤولية بالوكالة عن القسم كله خلال العام 2008.

بالنسبة للشق الاخير في السؤال، اعتقد ان الرضى نسبي، ففي كل مرحلة من مراحل عملي كنت راض: فمثلا عملي في الاعلام الموحد في 1976 و1977 عرفني على مجموعة من الكوادر المثقفة والادباء الفلسطينيين الكبار مثل الأديب والشاعر عز الدين المناصرة الذي عرفني على اليسار الفلسطيني وكان سبب انتقالي حزبيا الى الجبهة الشعبية. وعملي في مجلة الهدف، عرفني على العمل في الاعلام الايديولوجي، او ما كان يطلق عليه في الكلية التي درست فيها "الاعلام الاشتراكي"، ثم في صوت الشعب، تعرفت على العمل في الاعلام المسموع، والانتقال جزئيا من الاعلام الموجه جدا الى الاعلام الاقل توجيها والاكثر احترافا، وفي جريدة المستقبل انتقلت تماما الى الصحافة الاحترافية، وهجرت عن قناعة الاعلام الايديولوجي الموجه.

استطيع القول وعن قناعة انني راض عن كل مرحلة من مراحل تطوري السياسي والثقافي والمهني، وغير نادم على اي من خياراتي.



السؤال الثاني :

كيف تقرأ الواقع الفلسطيني بشموليته والى اين تتجه قضيته اليوم؟؟ في ظل التطورات الاقليمية والعربية ولا سيما الثورات التي هبة في بعض البلدان العربية التي لها تأثير على القضية الفلسطينية ، على سبيل المثال ما يحدث في سوريا اليوم ، وما حدث في مصر سابقا من تغيير وتجديد وإعادة صياغة الحكم؟؟
جواب 2:

يجب الاعتراف اولا اننا كجيل الستينيات والسبعينيات، اي جيل ما بعد النكبة، كان معظمنا وصل الى شيء من الاحباط بسبب سلسلة الانكسارات التي عشناها، من التورط بالحرب الأهلية اللبنانية وما الت اليه الاوضاع من حروب زواريب بعد ان كانت حلم تغيير، وانحسار حلم الثورة من تحرير فلسطين من النهر الى البحر الى دولة على بعض اراضي الضفة وغزة، او قل حتى على معظمها، وهزيمة الدولة الاشتراكية بانهيار الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي، وقبلها وخلالها انتقال الثورة من حلم تغيير الى مؤسسات فساد واسترزاق.

وعلى الطرف الاخر من المعادلة، فإن الجيل الذي جاء بعدنا، سادته الفوضى الفكرية بسبب الانهيارات الكبرى والصغرى وحشر الفلسطينيين داخل المخيمات وتهميشهم اكثر والتمييز الموصوف ضدهم من منعهم من العمل ومنعهم من التملك واعتبارهم دائما زورا عامل عدم استقرار، وترهل مؤسسات منظمة التحرير وكل فصائلها بلا استثناء، وفشل تجربة الاسلام السياسي الفلسطيني، التي استحالت الى امارة في غزة، وتقليدا غير موفق من قبل حماس لتجربة فتح، وفشل اليسار من احتلال اي موقع متقدم، انتخابيا وكامتداد في الاوساط الشعبية.

اما عربيا، فكان الوضع يقود الى فضاء واسع من الاحباط والفوضى، بسبب الفساد المستشري للفئات الحاكمة، وارتهانها الكامل للغرب، او ارتباط انظمة اخرى بمحاور مقابلة، فاستوى الوضع على محوري "الاعتدال" و"الممانعة"، الاول ينادي بالازدهار والثاني بالمواجهة وفلسطين عنوانها، لكن على الارض كانت كل المجتمعات تعيش تهميشا فظيعا فلا ازدهار ولا تحرير.

عالم الاحباط المدلهم هذا، انفجر في لحظة واحدة، فاجأ الجميع، كبارا محبطون وصغارا فوضويون، فاجأ انظمة المنطقة، ودول العالم.. بل نحن فاجأنا انفسنا بثورة بيضاء في تونس ومصر، وحراك دموي في ليبيا واليمن وسوريا، وفيما هذه الثورات وهذا الحراك لم يشرع بعد بعملية التغيير المنتظرة، بدأ الغرب دراسة ما جرى، فأنب السياسيون الاسرائيليون اجهزة مخابراتهم لعدم توقعهم الحدث، وكذلك الغرب، الذي فضلا عن عملية التأنيب باشر تفكيك الحدث لمعرفة كيفية تكون الثورة غير المتوقعة لا شكلا ولا مضمونا، وبالتلي وضع استراتيجية جديدة، لن تكون على غرار القديمة عبر افساد الطبقة الحاكمة لاستغلالها، انما عبر التعامل المباشر مع الشعب، وهذا التعامل لن يكون ايجابيا، اذ ان الغرب مركب على استغلال موارد الشعوب الاخرى، المادية منها سابقا وحاليا، والبشرية حاليا ومستقبلا، وبالتالي فإن المرحلة في منطقتنا هي لاعادة تركيب انظمة حكم جديدة اكثر ارتباطا بالواقع الشعبي، وفي الغرب اعادة النظر بأسلوب العمل القديم والتفكير بوسائل اخرى للعمل مع منطقتنا.

في اطار هذا الحراك، اتوقع مرحلة جديدة عربيا، اما فلسطينيا، فإننا ذاتيا لن نتمكن من القيام بالكثير من دون تبيان خط التطور العربي، والى حينه يقع على عاتق من يسميهم انطونيو غرامشي "المثقفون العضويون" نسج علاقة وثيقة مع الواقع مجددا، مع جيل الشباب من الفلسطينيين، في محاولة لايجاد ارضية انطلاق جديدة لثورة تلاقي الثورات العربية: وفي ان واحد على الذات وعلى الواقع المحيط. تغيير في اليات النضال ووسائله، وتغيير في المحتوى الفكري لهذا النضال.

السؤال الثالث:

مسيرة العودة التي رسمت الهوية الفلسطينية والحق الفلسطيني المنشود في العودة الى اراضيه المحتلة في فلسطين في دكرى نكبته ، ككاتب واعلامي فلسطيني وكلاجىء فلسطيني في لبنان ، من هدا المنظور الرؤيوي ادا صح التعبير ، ما هو الدور الذي لعبه الاعلام العربي المرئي والمسموع والورقي والاكتروني طبعا في مسيرة العودة ؟ وما تحقق من خلاله ؟؟

جواب 3: من الاشياء العديدة التي غيرتها ثورة الشباب العربي، او "ربيع العرب"، الاعلام. فالثورات العربية تمكنت من استخدام وسائل الاتصال الاجتماعي: فيسبوك وتويتر والرسائل النصية على الهواتف المحمولة، بشكل ثوري. فمثلا فيما المعارضة الايرانية اكتفت باستخدامها لنقل ما حدث من تظاهرات وصدامات، استخدمها المصريون خلال ثورتهم الشبابية، والسوريون حاليا، كوسائل لتنظيم الاحتجاجات وكوسائل اعلام لنقل الحدث في ان واحد.

حاول الشباب الفلسطيني تقليد ما حصل في مصر ويحصل في سوريا، وتحاوروا عبر مواقع التواصل الاجتماعي الالكتروني، وقرروا التحرك، لكن ولأكثر من سبب، ربما اهمة تأثرنا بواقع الشتات والاحتلال في ان واحد والتأثيرات الداخلية والخارجية، لم يكن ممكنا التحكم بالحراك هذا من دون دخول الغير على الخط، فسعى كثيرون الى استغلالها، وكما هو الحال دائما مع القضية الفلسطينية، جعلها وسيلة اما لتصوير الفلسطيني على انه عنيف وارهابي، او انه مجرد حجر شطرنج يحركه لاعب في وجه لاعب اخر.

وعلى الرغم من كل ذلك، وبدماء شبان وشابات اعمار معظمهم تحت العشرين والباقون تحت الثلاثين، فرضت معادلة جديدة، هي ان لا حل من دون اشراك الشباب، ولا حل من دون اللاجئين، وهذا انجاز مهم جدا، كان ان يتوارى بسبب مسيرة الخامس من حزيران، التي افتقدت عنصر المفاجئة الذي امتلكه تحرك 15 ايار، وكان اكثر قابلية للاستغلال من قبل الغير، وبالتالي الدم الذي اريق في 5 حزيران لم يعط النتيجة التي اعطاها دم شباب الخامس عشر من ايار.

اما عن الاعلام العربي، فإنه كان صورة عن الانقسامات العربية، فمن وقف ضد التحرك، كان يخشى النهوض الفلسطيني مجددا، ومن وقف معه، كان يسعى الى استغلال التحرك لغايات اخرى لا علاقة لها بفلسطين.





السؤال الرابع:

كيف ترى في مستقبل الاعلام العربي ؟ ما هو الدور الذي حققه اتجاه القضايا العربية ؟ ولا سيما في الاحداث الأخيرة التي شهدت اتجاهات مختلفة وتضليل للحقيقة وراء المصالح السياسية ؟؟ هل هناك اعلام عربي يؤدي دوره الوطني الحقيقي اتجاه شعوب المنطقة ؟؟


الجواب 3: اولا يجب ان ننطلق من حقيقة ان الاعلام الحر ضعيف، وان ما نراه هو تعدد اعلامي وليس حرية اعلامية. التعدد نابع من تعدد الاتجاهات السياسية. فلطالما كان هناك اعلام تابع لمحور "الاعتدال" واخر لمحور "الممانعة" كل منهما يغني على ليلاه، ولمصلحته، ويستخدم قضايا العرب المحقة وعلى رأسها قضية فلسطين لمصلحة ذاتية وفي الحرب ضد الاخر، لكن حلول "الربيع العربي"، الذي هو مجرد براعم الى الان لم تتفتح، غير كثيرا من مفهوم الاعلام التقليدي، بل دفع هذا الاعلام التقليدي الى استخدام الاعلام البديل، من مواقع تواصل الكترونية ورسائل نصية وصور فيديوات مرسلة عبر الهواتف النقالة من قبل "المواطن الصحفي".

وكما غيرت احداث الستينيات ومطلع السبعينيات من المفاهيم الاجتماعية، فإن ثورة "ربيع العرب"، وعصر "الإعلام والمعلوماتية" الذي ينظر له المفكر الاميركي الفين توفلر، قد باشر في الواقع تغيير المفاهيم الاعلامية والصحافية والسياسية والاجتماعية، لذلك اعتقد ان الاعلام البديل، بكل حسناته وشوائبه، غير الصورة، من اعلام متعدد، الى اعلام متعدد وحر ومستقل.



السؤال الخامس:

ما هو مصير الفلسطيني في لبنان ؟؟ حقوقه ، معيشته ، وهل ما زال هناك أفق لتحسيين أوضاعه ؟؟

الجواب 5: اولا مصير الفلسطيني في لبنان مرتبط به، فإذا تمكن من تكريس قيادة مرتبطة بمصالحه وقادرة على الضغط على القيادة المركزية للفصائل ومنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، وواعية للتحديات اللبنانية الداخلية، وقادرة على استخدام كل وسائل الضغط الناعم على السلطات في لبنان، من حكومة واحزاب سياسية، وعبر عملية حوار جدي متواصل مع المجتمع اللبناني، فإنه يمكن ان يفرض اعطاءه حقوقه كلها من معيشية وسياسية ووطنية. فمن فضائل دماء شباب 15 ايار التأكيد المعمد بالدم ان الفلسطيني يرفض التوطين، وانه لن يكون خيارا مهما ندرت الخيارات، وبالتالي فإن هذه التهمة "النمطية" سقطت. اذن الامر بيد الفسطينيين في لبنان، ان يوحدوا طاقاتهم ويفرضوا قيادات بديلة، في زمن نشأت فيه ثورات بديلة وثقافة بديلة ومثقفون بديلون واعلام بديل في فجر عربي وربيع بديل بأشجار مزهرة تنتظر التحول الى ثمار، ويبدأوا اذن ثورة خاصة داخلية، تؤسس لثورات داخلية اخرى في الجسم الفلسطيني المترهل، وتطلق المارد الفلسطيني مجددا.

كلمة أخيرة :



ماذا تقول لموقع الكرمل ، النشرة الاعلامية الفلسطينية في لبنان ، كجزء من اعلام فلسطيني اكتروني يصور قضية اللاجئين؟؟
جواب اخير: رافقت النشرة منذ بداياتها، واعتقد انها تثمر ويجب ان تثمر وان تنتقل التجربة الى فضاء اوسع من الشمال الى فضاء الفلسطينيين في لبنان، مثلما انتقلت من حدود نهر البارد المحاصر الى كل الشمال. انتم جزء من الاعلام البديل، فكونوا على مستوى "الربيع العربي".

أجرى المقابلة / باسل عبد العال
27.6.2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق