الجمعة، 3 يونيو 2011

المسيرة ألغيت لأن الفلسطيني يرفض أن يكون متراساً

المستقبل - السبت 4 حزيران 2011 - العدد 4016 - شؤون لبنانية - صفحة 6
أنيس محسن

أكد مصدر فلسطيني مطّلع أن فكرة المسيرة التي كانت الفصائل الفلسطينية واحزاب لبنانية تتداول إمكانية تنظيمها الأحد لمناسبة ذكرى هزيمة حزيران (يونيو) 1967 "ألغيت لأسباب موضوعية"، وأن أي تحرك آخر يشارك فيه الفلسطينيون سيكون داخل المخيمات أو في أماكن لا تثير أي إرباكات في الداخل اللبناني، وكذلك لأن "الفلسطينيين يرفضون أن يكونوا متراساً لأي كان، فيما هم مستعدون لبذل الدم في فلسطين ولفلسطين فقط".
وأشار المصدر المواكب لاجتماعات لجنة التنسيق اللبنانية - الفلسطينية، إلى أن السبب المباشر لإلغاء فكرة المسيرة كان "إصرار الجيش اللبناني على رفض تنظيم أي نشاط يمكن أن تنتج عنه مشاكل في منطقة عمل اليونيفيل وتتعارض بالتالي مع القرار 1701".
أما عن الأسباب غير المباشرة، وذات البعد السياسي الإستراتيجي الفلسطيني في لبنان، يقول المصدر نفسه: "لقد اتفق الفلسطينيون في لبنان منذ فترة طويلة على رفض التورط في أي مشاكل داخلية لبنانية، وقد اثبتوا ذلك خلال الأزمات المتلاحقة منذ العام 2005 بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وما جرى في مخيم نهر البارد كان أبرز دليل على هذا التوجه الإستراتيجي، حين اتخذ قرار بإخلاء المخيم واتاحة الفرصة أمام الجيش اللبناني لإنهاء حالة فتح الإسلام هناك".
ويتابع: "ومنذ اندلاع الثورات الديموقراطية في العالم العربي، سعى كثيرون إلى توريط الفلسطينيين هنا وهناك بادعاءات تشركهم في تحركات معينة، أو وضعهم ضمن اصطفاف إقليمي، حتى أن مسيرة العودة التي دعا اليها الشباب الفلسطيني لمناسبة الذكرى 63 لنكبة العام 1948، متأثرين بالبعد الشبابي للثورات العربية، وواكبتها الفصائل ولم تصنعها، جرت محاولات لتجييرها، وهي محاولات لم تنجح لأن الجميع تفاجأ بحجم المشاركة كمياً الذي تجاوز عشرات الآلاف، ونوعياً من حيث بروز جيل الشباب ممن ولدوا في تسعينيات القرن الماضي، الذين بذلوا أرواحهم لتكريس حق العودة".
ويعتبر المصدر أن "هذا الأمر فرض على المفاوض الفلسطيني عدم تجاوز هذا الحق وعدم تجاوز ملايين اللاجئين خارج الأراضي الفلسطينية في أي حل، وأفشل مساعي التجيير الإقليمية، وأرعب إسرائيل التي تحركت سياسياً وديبلوماسياً وحاولت تكبير الأمر أمنياً على الحدود مع الدول العربية، وحركت حتى الولايات المتحدة التي نقلت رسائل تحذير من أي تحركات شبيهة بمسيرة العودة".
وعليه، يشدد المصدر الفلسطيني، على أن "زمن حشر الفلسطينيين في ممرات إلزامية، يستفيد منها اللاعبون صغاراً أو كباراً، في قضايا عنوانها فلسطين ومضمونها سلطوي وحزبي ضيق، هو زمن ولّى ولن يعود.. فالفلسطيني تعلم الدرس، وبات يعي مصلحته، وهو لن يرضى أن يكون كيس رمل في متراس أحد، وباتت فلسطين الممر الإلزامي للآخرين، ليس عبر الشعارات، إنما عبر الأفعال، وبالتالي فإنه لن يكفي أن يكون الآخرون مع فلسطين لكن ضد الفلسطينيين، فمن يكون مع فلسطين يجب أن يؤيد حقه الطبيعي في العمل والتملك وتشكيل الجمعيات وحرية العمل السياسي.. وكما يقال: فإن ما قبل مسيرة 15 أيار (مايو) ليس كما قبلها، ومن كانت لديه شكوك بأن الفلسطيني هو من يرفض التوطين قبل أي أحد آخر نحيله إلى شهادة 6 شباب واصابة اكثر من 130 اخرين بجروح في سبيل حق العودة الذي هو رفض للتوطين، معمد بالدم ".
وعودة إلى ذكرى "هزيمة 1967"، يقول المصدر، "إن البعض اقترح بدلا من المسيرة الحدودية، أن ينظم اعتصام أمام الإسكوا، لكن ممثلي الفصائل كلهم توافقوا على أن الفلسطينيين يجب ألا يكونوا في موقع يمكن ان يحملهم تبعات أبعد من توجهاتهم المحقة في التذكير الدائم بقضيتهم، وبالتالي مثلما رفضوا في نهر البارد أن يكونوا بمواجهة الجيش الوطني اللبناني ورفضوا ان يكونوا في مواجهة معه الأحد المقبل فيما لو كان اصرار على المسيرة، هم يرفضون ان يكونوا في مواجهة مع اي طرف لبناني او اقليمي او دولي فلا مصلحة لهم في معاداة أحد، كون العدو الوحيد هو إسرائيل، وعليه رفضت فكرة الاعتصام امام الإسكوا وطرحت في المقابل نشاطات داخل المخيمات سلمية ومتنوعة".
ويخلص المصدر الى التأكيد أن "هذه هي الإستراتيجية الفلسطينية المتبعة، خصوصا في لبنان، والتي انعكست ايجابا حتى على العلاقات الفلسطينية - الفلسطينية، فلم يتأثر الفلسطينيون في لبنان جراء الإنقسام السياسي بين فتح وحماس الذي قسم السلطة الفلسطينية سلطتين واحدة في الضفة والثانية في غزة، فكانوا بالتالي داخل مخيماتهم بمنأى عن أي مشاكل انقسامية، مع الإبقاء على الإختلافات السياسية والفكرية، واحترامها".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق