الأربعاء، 1 يونيو 2011

مسيرة حزيران بحكم الملغاة والعين على أيلول

المستقبل - الخميس 2 حزيران 2011 - العدد 4014 - شؤون لبنانية - صفحة 5
أنيس محسن

في اليوم التالي للتظاهرات الحاشدة في 15 أيار (مايو) الماضي لمناسبة ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني في العام 1948، زخرت مواقع التواصل الإجتماعي، خصوصا "الفيسبوك" بالحديث عن تحرك لاحق، اقترح أن يكون في 5 حزيران (يونيو) احياء لمناسبة هزيمة العام 1967، بالتوازي مع جدل حول الجهد الكبير الذي بذل اقليميا ولبنانيا لتجيير نشاط ذكرى النكبة لأهداف غير تلك التي دعا إليها شباب "الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة"، الا وهي اعادة تنشيط الصراع مع إسرائيل، وخصوصا الجانب المدني منه، استفادة من عاملين: نجاح ربيع الثورات العربية في تونس ومصر وحراكها في اليمن وليبيا وسوريا، واستقطاب التظاهرات المناهضة لجدار الفصل العنصري في الضفة الغربية مزيدا من الجمهور الفلسطيني والمتضامنين الأجانب والإسرائيليين المؤيدين للحقوق الفلسطينية.
الجدل الذي دار، ذهب فلسطينيا باتجاهين: اتجاه شبابي حماسي اندفاعي عاطفي، واخر تساءل عن فائدة هدر مزيد من الدم ولمصلحة من؟، وفصائليا ايضا باتجاهين: متأن تمثله فصائل منظمة التحرير، ومائل نحو تحرك مدروس تمثله "حماس" و"الجهاد" والفصائل الأخرى.
لجنة التنسيق الفلسطينية ـ اللبنانية التي عملت على "مسيرة العودة" في 15 ايار (مايو) الماضي، تداعت الى سلسلة اجتماعات قيمت المسيرة تلك، وناقشت المسيرة اللاحقة. كان ممثل "حماس" في لبنان علي بركة أكد لـ"المستقبل" الأسبوع الماضي، أن اجتماعات تعقد لمناقشة الخطوة التالية "وسوف نستفيد من اخطائنا اذا حدثت اخطاء في مسيرة 15 أيار (مايو) وسنسعى الى عملية ضبط اكثر جدوى"، والكلام واضح هنا، ويقرأ بين سطوره، ان "حماس" تريد ان يستمر الحراك، لكنها تحاول تلافي اي صدام.
فصائل منظمة التحرير كانت اكثر تحفظا. عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" وأمين سرها في لبنان فتحي أبو العردات، كان اشار ايضا الى ان اجتماعات تعقد، لكن لا شيء نهائي، وهو ما أكده أيضا عضو المكتب السياسي لـ"الجبهة الديموقراطية" لتحرير فلسطين علي فيصل، فيما اوضح عضو المكتب السياسي لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" مروان عبدالعال، ان ما تريده "الشعبية" استراتيجية تحرك مبرمجة تخرجها عن طابع "المناسباتية".
الأسبوع الجاري كان أكثر وضوحا.. وخصوصا خلال الإجتماع الذي عقد مساء الثلاثاء، ونوقشت فيه الخيارات، التي اجمعت فلسطينيا ولبنانيا على رفض اي صدام مع الجيش اللبناني، علما أن موقف الجيش، وكما قال مشاركون في الاجتماع، يبدو رافضا لأي نشاط يجري على الحدود. وبالتالي طرحت فكرة مسيرة بالسيارات تمر على الطريق قرب الشريط الحدودي، وتستقر في بلدة الخيام بعيدا عن الشريط، والتزم "حزب الله" الإتصال بالجيش على أن يطلع اطراف اللجنة على الجواب مساء اليوم (الخميس).
ويقول مصدر فلسطيني متابع أن "النية تتجه الى الغاء تحرك 5 حزيران (يونيو)، خصوصا ان الأجواء لا توحي بموافقة الجيش على المسيرة السيارة المقترحة، وأن "حزب الله" ليس بصدد الضغط على الجيش، لثلاثة أسباب رئيسية: أولها انه غير معني بتوتير في منطقة عمل القوات الدولية حاليا، وثانيا لعلم الجميع: فلسطينيين ولبنانيين ان السلطات السورية لن تسمح بمسيرة مماثلة في الجولان، وبالتالي لا أحد يود أن يكون الطرف الذي يوجه رسالة اقليمية، وخصوصا الجانب الفلسطيني، وثالثها، أن "حزب الله" في موضوع المسيرة غير مغطى لبنانيا، اذ ان كل حلفائه وخصوصا المسيحيين لا يريدون تلك المسيرة".
وبالتالي، وعلى الرغم من الإستنفار الإسرائيلي والحديث الاعلامي عالي النبرة عن مخاوف من مواجهات عنيفة على الحدود في ذكرى هزيمة 5 حزيران (يونيو) 1967، فإن العين حقيقة على موعد أيلول (سبتمبر) حين تطلب منظمة التحرير اعترافا كاملا من الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، فترفض اسرائيل واقرب حلفائها، وتتحفظ بعض الدول الغربية، وتستخدم الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو)، فيتحرك الشارع الفلسطيني وتشتعل مواجهات عنيفة، لكن في داخل الأراضي الفلسطينية وليس خارجها، كما تشير كل التوقعات، وهي مواجهات يستعد الفلسطينيون كما الإسرائيليون لها، وهنا ستكون مواكبة فلسطينية خارج الأراضي المحتلة، لكن ليست حدودية، انما مدروسة ومنتقاة تعطي نتائج ايجابية ولا تحرج أحدا من الأصدقاء والأشقاء والحلفاء، ولا يستخدم فيها الفلسطيني كصندوق بريد، خصوصا بعد المصالحة التي تمت بين "فتح" و"حماس" برعاية مصرية، ومع التشدد الإسرائيلي الذي الغى اي إمكانية حل سلمي كان ينشده قسم من الفلسطينيين ويرفضه قسم آخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق