الأربعاء، 15 يونيو 2011

مؤتمرات المناطق لـ"فتح" ـ إقليم لبنان: بداية ديموقراطية ناجحة في الشكل

المستقبل - الخميس 16 حزيران 2011 - العدد 4028 - شؤون لبنانية - صفحة 5
أنيس محسن

انجزت حركة "فتح" - إقليم لبنان المرحلة الأولى من مؤتمراتها المناطقية، في البقاع وبيروت، ولفت التجديد الكبير في قيادة المنطقتين، خصوصا في البقاع حيث فاز 8 أعضاء جدد من 9، وفي بيروت 3 اعضاء جدد من أصل 9.
ما لفت في التحضيرات لمؤتمرات المناطق الفتحاوية في لبنان (بيروت والبقاع وصيدا والجنوب والشمال) الحركة النشطة التي سبقت بدايتها وانجاز مرحلتها الأولى، وتمثلت بحملات انتخابية وزيارات للمرشحين وحلقات نقاش وتجيير اصوات، هي الأولى من نوعها، حيث كانت المؤتمرات عادة مرحلة منظمة ومعدة مسبقا لا تحتاج الى هذا الكم من الحراك، وربما التجديد الذي شهدته منطقتي البقاع وبيروت، بنسبة 89% في الأولى و33% في الثانية، دليل على مسار جديد بدأته حركة "فتح" وهي بأمس الحاجة له، لكنه تغيير يبقى في الشكل، ويحتاج الى تغيير في المضمون لن يكون متاحا الا في ختام تلك المؤتمرات، وخصوصا مؤتمر صيدا نهاية الأسبوع الجاري.
وتعد المؤتمرات المناطقية الجارية فصولها في لبنان امتدادا للمؤتمر العام لـ"فتح" في العام 2009، وهو وإن جاء بـ14 شخصية جديدة واطاحت بشخصيات تقليدية، فإنه كرس مراكز قوى جديدة، وعزز سلطة رئيس الحركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على الرغم من فوز شخصيات معارضة له مثل محمد دحلان، الذي أبعد اخيرا بسبب اتهامات بالفساد، وجرى إحالته على القضاء، الأمر الذي فتح صراعا جديدا في الحركة، تبدو ملامح نتائجه لمصلحة الرئيس عباس هذه المرة.
في المرحلة الأولى من انتخابات مناطق اقليم لبنان، بدا بعض هذا التغيير نموذجا عن الصراع المركزي في "فتح"، فبعض من فشل في الوصول الى قيادة المنطقة، انما خسر بسبب الاصطفافات المحلية ذات البعد العابر للإقليم، وفي البقاع ثمة من يقول داخل حركة "فتح" انه كان انقلابا تاما على تحالف محمد دحلان ـ سلطان أبو العينين، وخصوصا ضد أبو العينين الذي كان مسؤولا لإقليم لبنان على مدى أكثر من عقدين من الزمن، حيث ان الثمانية الجدد هم من خارج اللائحة التي دعمها سلطان.
وإذا سارت الأمور على المنوال نفسه، فسوف يفقد أبو العينين أي تأثير في إقليم لبنان، فيما سيكون بمقدور القيادة الجديدة للفرع وخصوصا رأسها فتحي أبو العردات (أبو ماهر) التحرك بثقة أكثر بعدما يكون قد أزيح أنصار سلفه عن مراكز القرار المناطقي، خصوصا أن أبو العردات كان مسؤولا سابقا للمكاتب الحركية (النقابات والمنظمات الشعبية). فأعضاء مؤتمر الإقليم هم اعضاء المناطق الحاليين واعضاء المناطق السابقين ومسؤولي المكاتب الحركية، فضلا عن كفاءات عادة ما تعينهم قيادة الفرع، وبالتالي فإن أي معارضة ستنحصر في اعضاء المناطق السابقين، ولن تكون معارضتهم ذات شأن.
وبغض النظر عن صراعات مراكز القوى داخل "فتح"، وهو صراع بدأ مع التأسيس ولن ينتهي، لأن الحركة مركبة على اساس اصطفافات سياسية وعلى برنامج سياسي، وليس على قواعد أيديولوجية، وربما كان ذلك سبب لحيوية "فتح" وقدرتها على البقاء، أما تطورها فبحاجة إلى إرساء المفاهيم الديموقراطية الحقيقية، التي شهدت انتخابات منطقتي بيروت والبقاع ملامح منها، خصوصا مرحلة التحضير والحملات الانتخابية التي رافقتها، وصدور النتائج، وتقبلها على الرغم من بعض التبرم.
تلك كانت ملامح وملاحظات أولية، انما المحك سيكون في نتائج باقي المناطق، في حينه فقط يمكن تقديم قراءة واعية، وإدراك ما إذا كان التجديد ليس سوى اعادة صياغة مراكز القوى تبعا لنتائج الصراع المركزي، أم أن ثمة ديموقراطية ناشئة في "فتح" تأثرت بالثورات الشبابية العربية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق