الخميس، 22 أغسطس 2013

عن الأسباب المحتملة لتسليط وسائل الإعلام اللبنانية الضوء على تورط بعض الأفراد الفلسطينيين في ما يجري



أنيس محسن

في الصحف والمواقع الاخبارية اللبنانية هذه الأيام الكثير من التقارير عن التورط الفلسطيني بالاحداث الأمنية والتفجيرات الإرهابية التي حصلت في الضاحية الجنوبية.
ما لفتني تقرير لجريدة "الاخبار" في 22 تموز 2013، يقول إن تاجر السلاح الذي باع الصواريخ التي اطلقت على الضاحية أبلغ حزب الله أنه باع الصواريخ لجهة ووصلت الى الفلسطينيين المتهمين بإطلاقها على الضاحية. وتضيف "الاخبار"، أن هذا التاجر الذي يسكن في مخيم برج البراجنة، معروف أنه باع في الماضي صواريخ أطلقت من جنوب لبنان على الاراضي الفلسطينية المحتلة.
يستوجب الأمر، بناء على تقرير "الأخبار" الإجابة على الأسئلة التالية:
1 - ما هي علاقة تاجر السلاح هذا بحزب الله، وبالتالي ما هي علاقة حزب الله بالجهات التي كانت تطلق الصواريخ باتجاه اسرائيل من جنوب لبنان، ومن هي تلك الجهات، التي تشير التوقعات، بل المعلومات، أنها موالية للنظام السوري؟
2 - لحزب الله اعين واذرع في مخيم برج البراجنة الواقع ضمن مربعه الأمني، وهو بالتأكيد يعرف تاجر السلاح هذا، الذي يتحرك فيما يبدو بكل حرية، ولم تعتقله السلطات الامنية الرسمية رغم مخالفته القوانين بالمتاجرة بالأسلحة، فكيف غاب عن الحزب أن ثمة من اشترى صواريخ منه... اذ وفق جريدة "الاخبار" كان التاجر يعتقد أن المشترين يريدون اطلاقها على اسرائيل. فهل هؤلاء من الفئة التي كانت تشتري سابقا الصواريخ وتطلقها على اسرائيل. بشكل أوضح، هل هم من الموالين للنظام السوري؟ واستطرادا هل من علاقة للنظام السوري بتدبير اطلاق الصواريخ على الضاحية، من خلال عملائه أو عبر توريط بعض الأغبياء في عمل أمني ظنا من هؤلاء الأغبياء أنهم يناصرون بعملهم هذا المعارضة السورية؟
3 - منذ سنة 2005 تجهد اطراف الصراع في لبنان والنظام السوري لتوريط الفلسطينيين في معمعمة الصراعات على النفوذ المحلي والإقليمي عبر إدخال المخيمات في منظومة "الفوضى الخلاّقة - الممانعتية"، سواء من خلال توريط مخيم نهر البارد بـ"فتح الإسلام" أو محاولة زج عين الحلوة بتجربة أحمد الأسير الفاشلة في صيدا، أو عبر اتهام المخيمات بأنها غرف عمليات لقوى اسلامية متطرفة متورطة في الصراع في سوريا، وقد فشلت كل تلك المحاولات بسبب إصرار كل الفلسطينيين على النأي بأنفسهم عمّا يجري. فهل توريط أو تورط بعض الأغبياء من الفلسطينيين، حلقة جديدة من حلقات زج الفلسطينيين في صراعات يرفضون التطوع للمشاركة فيها؟
4 - دائما في لبنان تحال الصراعات الداخلية وأسباب التفتت الطائفي والمذهبي إلى مؤامرات خارجية، فهل وصلت الأزمة في لبنان إلى مستوى بات يتوجب معه توجيه التهمة "الأغراب" مجدداً، وهم الفلسطينيون، لكن هذه المرّة ليس من قبل "المارونية السياسية" بل من قبل "الشيعية السياسية"؟.
إن ما يلوح في افق الصحافة اللبنانية من تكبير للدور الفلسطيني في الاحداث الجارية، سواء أكان بعض الأفراد الفلسطينيين متورطون عبر عمل استخباراتي، أو عبر غباء فردي [كون الفصائل كلها مجمعة على النأي بالنفس الفلسطينية عمّا يجري، وهي على تنسيق تام خصوصا مع مخابرات الجيش اللبناني]، يضع على عاتق الفصائل الفلسطينية جميعها، وعلى منظمات المجتمع المدني الفلسطينية التحرك العاجل وعلى كل الصعد لتوضيح الموقف سياسيا واعلاميا، لأن الحالة الشعبية "الشيعية" في الضاحية الجنوبية على وجه الخصوص باتت بسبب التركيز على الدور الفلسطيني المزعوم في الاحداث، تشهر مشاعر معادية للفلسطينيين. ولتفكر الفصائل الفلسطينية جديا بالطلب من الحكومة اللبنانية الدخول رسميا الى المخيمات وفتح مخافر لقوى الأمن بداخلها وتسليم كل السلاح الفردي وغير الفردي، والاعلان عن التخلي الكامل عن أي سلاح: أسود أم أبيض، لأن وجوده أصبح غير مبرر سواء لمواجهة إسرائيل التي لم تعد على خط مواجهة مباشر مع المخيمات، أو للحماية الذاتية لأن وجوده يمكن ان يستخدم لاحقا لتبرير خلق مشاعر المعاداة للفلسطينيين واتهامهم بخرق الأمن اللبناني، والتضحية بهم على مذبح الحفاظ على الكيان اللبناني من التفتت المذهبي.
إن حماية المخيمات انما يكون عبر الانفتاح على المحيط والتخلي الطوعي عن السلاح بشكل كامل والطلب الى الدولة اللبنانية تولي مسؤوليتها الأمنية والسيادية غير منقوصة على المخيمات، أولا وأخيرا لمصلحة الفلسطينيين، الذين يجب ان يكتفوا في لبنان بالعمل السياسي والاجتماعي والثقافي، وان يتحركوا بكل سلمية وبعناد لنيل حقوقهم المدنية والسياسية والثقافية كفئة هي أقدم فئات اللاجئين في العالم، وبما يحفظ لهم انتماءهم وهويتهم الفلسطينيين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق