الاثنين، 31 يناير 2011

الأسد يرى أن احتجاجات تونس ومصر واليمن فتحت عصراً جديداً ويعتبر وضع سوريا مستقراً

خسارة أنظمة عربية لشرعيتها تدفع بالرأي العام إلى العصيان

لبنان أول الديموقراطيات العربية لكنه يحتل المركز 86 من بين 167 دولة

قد يكون العراقيون تخلصوا من صدام حسين بفضل الاجتياح الاميركي، لكن شعوبا عربية تثور اليوم بنفسها ضد انظمتها المتهمة باستغلال سلطاتها المطلقة لادارة بلدانها كملكية خاصة بحسب محللين.
ويعتبر بول سالم مدير مركز كارنيغي للشرق الاوسط، ومقره بيروت، ان "العديد من العوامل تشجع هذا المستوى الكبير من الاستياء. اعتقد ان المجتمع كان جاهزا للانفجار منذ سنوات، لقد انطلقت الشرارة عن طريق الصدفة من تونس فامتدت النار الى مصر".
ويضيف ان "الملاحظ في حركات العصيان هذه ان الشعارات التي اطلقتها الاف الحناجر في مصر وتونس تتعلق بحقوق الانسان والمواطنة والديموقراطية الاجتماعية والعدالة الاقتصادية، انه برنامج ديموقراطي وليس ايديولوجيا".
ووفقا للمؤشر الديموقراطي الذي تضعه وحدة الاستعلامات في مجلة "الايكونوميست" للعام 2010 "يبقى الشرق الاوسط وشمال افريقيا المنطقة الاكثر قمعا في العالم لانه من اصل عشرين دولة، هناك 16 يمكن وصفها بانها ديكتاتورية".
ويؤكد المؤشر ان "اسرائيل هي الديموقراطية الوحيدة في المنطقة" لكنها "ديموقراطية ناقصة" في حين يوجد ثلاثة "انظمة هجينة" مثل العراق ولبنان والسلطة الفلسطينية.
وقد حلت البلدان العربية المراتب المتاخرة في لائحة تتضمن 167 دولة، اولها لبنان في الرقم 86 يليه الفلسطينيون (93) وبعدهم العراق (111) ومن ثم مصر (138) وتونس (144). من جهته، يرى غسان سلامة استاذ العلوم السياسية في باريس والخبير في شؤون العالم العربي ان "هناك جانب اخلاقي في هذه الثورات لان هذه الانظمة استبدادية مغلفة بطابع الارث والسلالة".
ويضيف ان "العالم العربي معتاد على الطغيان منذ حقبة زوال الاستعمار في الخمسينيات والستينيات، لكن التطور كان كارثيا خلال القرن المنصرم. فقد كانت حياة بورقيبة وبومدين متقشفة، ولم يعتبرا الدولة ملكية خاصة".
وقد دامت فترة حكم الحبيب بورقيبة، اب الاستقلال التونسي، ثلاثين عاما بين 1957 و1987. اما هواري بومدين فقد حكم الجزائر بين العامين 1965 و 1978.
ويقول سلامة "اعتبارا من منتصف السبعينيات، انتقل بعض الانظمة الى مرحلة النيو ليبرالية واستغلوها لصالحهم فاقاموا حكما فاسدا عبر وضع اليد على قطاعات واسعة من الاقتصاد بحيث لم يعد هناك اي شيء لشعوبهم".
بدوره، يقول مدير مركز الدراسات العربية والشرق المعاصر في جامعة السوربون برهان غليون ان رفض الراي العام لاقلية تغتني من السلطة في حين يعيش الاخرون وسط فقر مدقع وما يرافق ذلك من تكميم للافواه ومصادرة الحريات ادى الى انطلاق التظاهرات.
ويضيف ان "نخبة فاسدة تدعمها الدول الغربية برزت بشكل متعجرف لا يصدق. وهمها الوحيد كان تكديس الثروات بينما كان اسلافها يعلنون رغبتهم في تغيير حياة الفئات الاكثر بؤسا".
ويتابع استاذ علم الاجتماع السياسي السوري الاصل "انه افلاس نموذج يجمع بين الانفتاح العشوائي على الاسواق وطغيان العصور الوسطى. بالاضافة الى ذلك، هناك قادة يتمسكون بالسلطة منذ ثلاثين عاما ويريدون ان يخلفهم اولادهم (...) الامر الذي يثير الاستفزاز".
وقد خلف الرئيس السوري بشار الاسد والده في حزيران (يونيو) العام الفين. ويتمنى الزعيم الليبي معمر القذافي ان يخلفه ابنه سيف الاسلام، كما يأمل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ان يخلفه ابنه احمد، قائد الوحدات الخاصة، وكان الرئيس المصري حسني مبارك يامل ان يخلفه ابنه جمال.
وفي مقابلى مع صحيفة "وول ستريت جورنال" نشرت الإثنين 13 كانون الثاني (يناير) 2011، نفى الاسد احتمال ان يمتد الاضطراب السياسي الذي يهز تونس ومصر الى سوريا وقال ان الاولوية بالنسبة له تبقى الاستقرار والانفتاح التدريجي للاقتصاد.
وقال الاسد ان التسلسل الهرمي الحاكم في سوريا يرتبط ارتباطا وثيقا بمعتقدات الشعب وانه لا يوجد سخط جماهيري ضد الدولة التي يسيطر عليها حزب "البعث" على مدى العقود الخمسة الماضية.
وتابع الاسد: "هذه هي القضية الاساسية. عندما يكون هناك اختلاف بين سياستكم ومعتقدات الشعب ومصالحه سوف تكون هذه الفجوة التي تخلق الاضطرابات". اضاف: "وهكذا يصبح الامن اولا. وكيف يمكنك تحقيق استقرار بلدك وكيف يمكنك حماية مجتمعك من المتطرفين... ثانيا الاقتصاد هذه الاولوية الثانية الملحة".
وقال الاسد، الذي ورث الرئاسة في سوريا عن والده قبل 11 عاما، ان الحكومة بدأت باشراك الشعب في صنع القرار من خلال السماح بالجامعات الخاصة وفتح القطاع المصرفي والسماح لوسائل الاعلام الخاصة. وأضاف "انه افضل من ست سنوات مضت ولكنه ليست الوضع الامثل. لايزال امامنا طريق طويل لنقطعه... لكي نكون واقعيين علينا ان ننتظر الجيل القادم لتحقيق هذا الاصلاح".
ولفت الاسد الى ان مشروع قانون للاعلام يمكن ان يخفف بشكل اكبر من القيود في هذا القطاع، لكنه لم يقل ما اذا كان سيتم الغاء حظر "الانترنت" بما في ذلك "الفيس بوك" وعشرات المواقع الاخبارية والذي كثف في اعقاب الثورة التونسية.
وقال الأسد إنه سيجري إصلاحات سياسية هذا العام من خلال إجراء انتخابات بلدية ومنح المنظمات غير الحكومية المزيد من السلطات وسنّ قانون جديد للإعلام.
غير أن الأسد استبعد تبني إصلاحات سريعة وجذرية مثل التي ينادي بها المتظاهرون في شوارع القاهرة تونس، لأن بلاده تحتاج إلى بناء المؤسسات وتحسين التعليم قبل انفتاح النظام السياسي في سوريا، محذراً من أن المطالب بالإصلاحات السياسية السريعة قد يكون لها ردة فعل سلبية في حال لم تكن المجتمعات العربية جاهزة لها. وقال "ستكون حقبة جديدة باتجاه المزيد من الفوضى أو المزيد من المؤسساتية؟ هذا هو السؤال".
ولم يتناول الأسد قضية الاف السجناء السياسيين في سوريا والقيود الحكومية التي تشمل حظر سفر مئات من منتقديه وقانون الطوارىء وحظر اي معارضة وهو امر سار منذ 50 عاما.
وقال الأسد، من جهة أخرى، إنه يشارك الولايات المتحدة هدفها في القضاء على تنظيم "القاعدة"، غير أنه شدد أن إيران حليف أساسي لسوريا، وقال "لا يمكن لأحد أن يتغاضى عن إيران، أعجبك ذلك أو لا".
وفي ما يتعلق بمحادثات السلام، قال إن سوريا منفتحة على المفاوضات مع الإسرائيليين حول هضبة الجولان، غير أنه قال إنه لا يظن أن رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مستعدد للانخراط في العملية مثل سلفه إيهود أولمرت الذي قال إنه اقترب معه من التوصل لاتفاق في العام 2008. وأضاف: "كلا (عملية السلام) لم تمت لأنه لا يوجد أي خيار آخر"، وفي حال التحدث عن موت محادثات السلام "يعني ذلك أنه على الجميع الاستعداد للحرب التالية".
واستبعد الأسد من ناحية أخرى احتمال منح الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولوجاً أكبر للتحقيق بمشاريعها النووية، قائلا إن ذلك "سيساء استخدامه".
وتطالب الوكالة الدولية بالسماح لمراقبيها بزيارة موقع في بلدة دير الزور الذي قصفته القوات الإسرائيلية بحجة أنه كان يحتوي على مفاعل نووي.
ويقول سالم "من المهم ملاحظة ان القوة الوحيدة المعارضة لهذه الانظمة خلال ثلاثين عاما كانت الحركات الاسلامية. لكن في واقع الامر، فإن العصيان في تونس ومصر نجح خلال اسابيع في تحقيق ما عجزت عنه الاحزاب الاسلامية طوال عقود من الزمن".
ويختم "هذا الامر يؤكد ان لدى الديموقراطية حاليا اصداء اكثر قوة من الاسلاموية او القومية العربية او الافكار اليسارية".

(وكالة الصحافة الفرنسية، وكالة رويترز، وكالة يونايتد برس إنترناشونال)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق