الأربعاء، 6 أبريل 2011

صدمة فلسطينية لاغتيال الممثل والمخرج جوليانو خميس
المستقبل - الاربعاء 6 نيسان 2011 - العدد 3961 - الصفحة الأولى - صفحة 1





رام الله ـ أحمد رمضان
خرج مئات المثقفين الفلسطينيين في تظاهرة حاشدة أمس جابت شوارع رام الله وانتهت امام وزارة الثقافة تعبيراً عن صدمتهم، واحتجاجاً على جريمة هي الاولى من نوعها في الاراضي الفلسطينية وقعت اول من امس في مخيم جنين عندما اقدم خمسة ملثمين على اغتيال الفنان الممثل والمخرج جوليانو مير خميس ابن القيادي الفلسطيني المعروف الراحل صليبا خميس من قادة الحزب الشيوعي الاسرائيلي، والذي يقيم هو وزوجته وابنه في مخيم جنين منذ عام 2000 ويدير فيه مسرح الحرية الذي اسسته والدته ايرينا خميس ابان الانتفاضة الاولى.
وبحسب مصادر متعددة ومتطابقة، فقد اقدم خمسة ملثمين كانوا في سيارة توقفت بالقرب من القتيل ونزلوا منها واخذوا باطلاق النار عليه من مسافة قريبة جدا، مفرغين تسع رصاصات في رأسه.
واثر وقوع جريمة الاغتيال، باشرت الاجهزة الامنية في التحقيق واوقفت عددا من المشتبه بهم بينهم احد نشطاء حركة "حماس".
وقد أثارت جريمة اغتيال المخرج خميس، موجة من ردود الفعل المنددة والمستنكرة من المثقفين وأهالي مخيم جنين، ومن أعلى المستويات الرسمية في السلطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية التي اعتبرت هذه الحادثة خرقا للاستقرار الأمني في المخيم.
وأعرب القائد السابق للجناح العسكري لحركة فتح "كتائب الاقصى" في جنين زكريا الزبيدي عن اعتقاده بأن مير خميس وقع ضحية صراع القوى على الساحة الفلسطينية، وان قاتله هو فلسطيني تلقى الدعم من منظمة فلسطينية قوية، او من دولة. واستبعد الزبيدي، الذي كان صديقا للمغدور، ان تكون جريمة القتل قد ارتكبت على خلفية نزاع شخصي.
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، سارع ليل الإثنين الثلاثاء، إلى شجب وإدانة عملية الاغتيال بشدة، وقال، في تصريح: "إن هذه الجريمة البشعة لا يمكن السكوت عنها إطلاقاً، وهي تشكل انتهاكاً خطيراً يتجاوز كل المبادئ والقيم الإنسانية، وتتناقض مع عادات شعبنا وأخلاقه في التعايش".
وقالت وزيرة الثقافة سهام البرغوثي: "إن حادث اغتيال خميس أمر مؤسف جدا، وجريمة ضد الحركة الثقافية في فلسطين، خصوصا أنه استهدف ابن مناضل عريق، وأمه قدمت عطاءً كبيرا لمخيم جنين".
وندد محافظ جنين قدورة موسى "بهذا العمل العدواني الجبان والآثم الذي استهدف مخرجا، ناضل بثقافته وبمسرحه وفنه من خلال فضح ممارسات الاحتلال".
وأدان رئيس اللجنة الشعبية للخدمات في مخيم جنين عدنان الهندي عملية القتل وقال: "هذا أسلوب مرفوض وسنقوم بالتحقيق ومحاسبة مرتكبي هذه الجريمة خاصة أنه لا يجوز لأحد إثارة الفوضى وارتكاب الجرائم".
وقال مدير عام الإدارة العامة للفنون في وزارة الثقافة الفنان وليد عبد السلام: "لقد صعقنا في وزارة الثقافة بخبر اغتيال المخرج خميس، مخرج وممثل مسرح الحرية في مخيم جنين وابن المناضل والقائد الكاتب صليبا خميس".
وعبر مدير مكتب وزارة الثقافة في جنين عزت أبو الرب عن استهجانه وشجبه "لهذه الجريمة النكراء، بحق مناضل عاش وترعرع في المخيم ونقل معاناة شعبنا جراء سياسة الاحتلال من خلال تعريته بفنه وأدبه".
وأعربت "الحركة الثقافية الفلسطينية" عن بالغ صدمتها وأساها الكبير بنبأ "استشهاد الفنان الفلسطيني جوليانو مير خميس، شهيد فلسطين، شهيد الحرية الذي اغتالته أيادٍ آثمة ومشبوهة وحاقدة أمام مسرح الحرية في جنين وهو برفقة ابنه الرضيع".
وقال مسرح الحرية في جنين، في بيان صحافي، "إن جنين والثقافة الفلسطينية وأطفال حرية فقدوا شهيدهم وشهيد الإنسانية جوليانو خميس الذي قضى برصاصات غادرة سوداء أطلقت من قاتل مجهول".
وقالت الأمينة العامة لـ"الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني" (فدا) زهيرة كمال "إن الرصاصات التي استهدفت المخرج والممثل جوليانو خميس تعبر عن الحقد والكراهية وهي رصاصات غادرة لا تعبر إلا عن الظلام والظلاميين".
وتعتبر جريمة اغتيال خميس الاولى من نوعها، وتنطوي على خطورة بالغة، بما هي اغتيال فنان على خلفية نشاطه الفني والابداعي، أي تجاوز لعمليات الاغتيال التي سبق ان وقعت وخاصة في قطاع غزة قبيل انقلاب حركة "حماس" على السلطة واثناء الانقلاب حيث قامت باغتيال عدد كبير من نشطاء حركة "فتح" وقيادات وضباط الاجهزة الامنية، الى اغتيال مثقفين، وهي ممارسة شبيهة بتلك التي نفذتها حركة "طالبان" الافغانية والحركات التكفيرية التي اغتالت المفكر المصري فرج فودة، وحاولت اغتيال الروائي المصري العالمي نجيب محفوظ.
وبحسب مصادر مقربة من المغدور فقد تعرض لتهديدات علنية بالقتل من خلال بيانات وزعت سابقاً في مخيم جنين من قبل بعض الفصائل، وخصوصا "حركة الجهاد الاسلامي"، كما تعرض مسرحه للحرق في نيسان (أبريل) 2009.
وسبق ان وجهت جماعات ظلامية له تهم التطبيع من خلال دورة نظمت في المسرح، لتعليم الموسيقى، وتنظيم رحلات ودورات لاطفال المخيم لمناطق الـ1948 لتعليم الموسيقى. بالإضافة إلى تقديمه عروضاً أكثر تحررا مما اعتاد عليه الأهالي".
وهذا ما كان أكده هو نفسه في لقاء صحافي العام الفائت مع صحيفة عبرية عندما قال انه يخشى على حياته بعد كم التهديدات التي تلقاها من قبل مجهولين في المخيم.
وقد استغلت اسرائيل الحادث، فاقتحمت قوات الاحتلال امس مدينة جنين ودهمت مسرح الحرية في المخيم، وأجرت عملية تصوير واسعة فيه، كما اقتحمت منزل المواطن عدنان نغنغية المحاذي للمسرح واستجوبته.
وفي السياق ذاته كثفت قوات الاحتلال من وجودها في محيط مديرية الداخلية ومقر المقاطعة في مدينة جنين من دون أن يبلغ عن أي اعتقالات.
ونصبت قوات الاحتلال حاجزا عسكريا على مدخل بلدة يعبد وشرع الجنود بتوقيف المركبات وتفتيشها والتدقيق في هويات راكبيها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق