الأربعاء، 6 أبريل 2011

الفلسطينيون في الاستراتيجية المصرية بعد ثورة 25 يناير
المستقبل - الخميس 7 نيسان 2011 - العدد 3962 - شؤون عربية و دولية - صفحة 17



أنيس محسن
يعقد الرئيس الفلسطيني محمود عباس اليوم لقاء مع رئيس المجلس العسكري الأعلى في مصر المشير محمد حسين طنطاوي. وكان وصل الى القاهرة أمس بدعوة رسمية من المجلس الأعلى، حيث يعقد سلسلة لقاءات تتناول الوضع الفلسطيني بشموليته، ما يتعلق منه بالسلام المفقود مع إسرائيل والمصالحة المنشودة داخلياً.
زيارة عباس تمثل قمة حراك سياسي مصري في مرحلته الأولى، قوامها اعادة النظر باستراتيجية التعامل مع المسألة الفلسطينية، وأيضا في سياق اعادة النظر بالسياسة الخارجية لمصر، باتجاه مأسستها ووضعها في سياق الدور القيادي العربي والإقليمي الذي افتقدته مصر ما بعد جمال عبد الناصر، وتسعى بعد ثورة 25 يناير الى استعادته.
قبل عباس، كانت القيادة المصرية وجهت دعوات الى "حماس" و"فتح" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" وخاضت معها جولة أفق حول ما يريده الفلسطينيون من مصر وما تريده مصر منهم، وكيف يرى كل طرف التطورات العربية من وجهة نظره، ومدى تأثيرها على الوضع العربي عامة والفسطيني خاصة.
يقول قيادي فلسطيني تابع الحراك المصري ما بعد ثورة 25 يناير، ان نقطة الإنطلاق جاءت عقب زيارة قام بها نائب مدير المخابرات المصرية اللواء محمد إبراهيم بعد أيام من سقوط نظام حسني مبارك الى رام الله، ولقائه الرئيس الفلسطيني و"فتح" وفصائل اخرى، ووضعهم في صورة النظرة المصرية الجديدة للتعامل مع الواقع الفلسطيني والعربي ودول الجوار، لوضع استراتيجية عمل مصرية جديدة.
كان اللواء ابراهيم ابلغ من التقاهم من الفلسطينيين ان ملف العلاقات الخارجية، وخصوصا المصرية الفلسطينية، انتقلت من مسربها الأمني الى فضائها السياسي، وبالتالي لم يعد لمديرية المخابرات شأن في الملف السياسي الفلسطيني، وتحديدا المصالحة، وانتقل الملف بكامله، في سياقه السياسي، إلى وزارة الخارجية المصرية.
ومع تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة عصام شرف، وتولي نبيل العربي وزارة الخارجية، وجهت الدعوات الى "حماس" و"فتح" و"الشعبية" لنقاش معمق مع القيادة المصرية الجديدة، عبر وزارة الخارجية هذه المرة، لبلورة رؤية، من جهة، ولإبلاغ الفلسطينيين ان مصر لن تكون على طاولة المفاوضات بشأن المصالحة الداخلية ولن تضع الحلول، انما سوف تتابع حركة الفلسطينيين الداخلية بهذا الشأن وتقدم اقتراحات ايجابية لا اكثر.
على أن الاستراتيجية المصرية الجديدة تلك لن تكون بهذه البساطة، بل ستكون اكثر تعقيداً وعمقاً وتأثيراً، بربط المسار الفلسطيني بمؤثراته العربية والإقليمية.
ينقل القيادي الفلسطيني عن ديبلوماسي مصري منخرط بالشأن الفلسطيني قوله إن الملف الفلسطيني ليس معزولاً عن محيطه، وبالتالي فإن المسار الذي ستتبعه الديبلوماسية المصرية، بعدما بات التعامل معه سياسياً وليس امنياً، متعدد الإتجاهات وفق خطة الطريق التالية:
1 تحفيز الفلسطينيين على الحوار الداخلي ومتابعة الحوار من خلال وزارة الخارجية، وبالتالي المصالحة شأن فلسطيني مباشر، تريد له القاهرة ان ينجز، بتوافق فلسطيني اولاً واخراً، وحينما يتطلب الأمر تدخلاً سيكون للقاهرة رأي ونصائح لا أكثر.
2 تعي مصر أن الملف الفلسطيني، وغيره الكثير من الملفات الخلافية والنزاعية العربية، متشعب ومتداخل مع الوضع العربي العام، وبالتالي فإن استراتيجيتها الجديدة فلسطينياً ستكون جزءاً من استراتيجية عربية جديدة، تعيد احياء محور مصر السعودية سوريا، بغض النظر عمّن يحكم في أي من الدول الثلاث، لأن محوراً كهذا، يستطيع الوقوف بوجه التدخلات الخارجية ويفشلها.
3 وسوف تعيد مصر النظر باسترتيجية العلاقات مع اسرائيل، بحيث تؤكد مصر التزامها كل الاتفاقات الموقعة مع الجانب الاسرائيلي لكن بما يضمن مصلحة الأمن القومي المصري، أي أن التزام اتفاق كامب ديفيد، يعني بالضرورة التزام اسرائيل مفاعيله، ليس المصرية فقط، انما الفلسطينية ايضا، باعتبار ان اي وجود اسرائيلي في كل الاراضي المحتلة منذ العام 1976، هو وجود احتلالي يجب ان ينتهي وفق القانون الدولي. وسوف ينساق الامر ايضاً على العلاقات الاقتصادية، فقضية انبوب الغاز البارزة خلافاتها للعيان حالياً، مسألة نسجت بين شركتين واحدة مصرية والثانية اسرائيلية، وليست اتفاقاً بين دولتين وبالتالي يبت القضاء المصري فيها، وقد قال كلمته بأن الاتفاق مخالف للقانون، والسلطة السياسية سوف تلتزم انفاذ الحكم القانوني.
4 لن يكون لمصر عداء مع دول الجوار، وبالتالي فإنها ستعزز علاقاتها بكل من ايران وتركيا، بما يضمن تعاوناً مشتركاً، وذلك من منطلق ان احتلال طهران وانقرة موقعاً متقدماً في القضايا العربية انما جاء نتيجة لتراجع الموقع العربي، بعدما تراجع الموقع المصري، وان احياء محور القاهرة الرياض دمشق، يصب في تعزيز الدور العربي، ووضع حد للتأثير السلبي للتدخلات الإقليمية، والانتقال بها الى التأثير الإيجابي.
5 لن يحيد المجلس العسكري، وأي سلطة مقبلة، تأتي الإنتخابات الديموقراطية بها، عن الخطوط الحمراء الداخلية والخارجية التي وضعها شباب ثورة 25 يناير.
بناء على هذه الاستراتيجيات، سوف تعمل مصر، في الملف الفلسطيني، على الخطوط الثلاثة: الداخلية عبر تحفيز الحوار واقتراح الحلول، العربية عبر اشراك سوريا وقطر كونهما تقفان في صف "حماس" وتؤازران بقراراتها وبالتالي هناك حاجة لتفاهم معهما لتكريس المصالحة، واقليمياً عبر اقناع طهران وانقرة بتسهيل المصالحة.
اما في ما يتعلق بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، فإن مصر ستدعم الثوابت الفلسطينية والعربية، ولن ترضى بأقل من دولة فلسطينية عاصمتها القدس وعلى الاراضي المحتلة منذ العام 1967 كلها.
ولفت الديبلوماسي المصري، ان وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، سمعت هذا الكلام من القيادة المصرية عند زيارتها القاهرة، عقب تشكيل الحكومة المصرية الجديدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق