الاثنين، 28 مايو 2012

عن نصير الأسعد القائد السياسي والصحافي.. اللقاء الذي تأخر 15 سنة ودام 12 عاماً

========= أنيس محسن

قبل 27 عاما، في 1985، انتدبتني مجلة "الهدف" الناطقة بإسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكنت احد محرريها في هجرتها الأولى إلى دمشق بعد خروجها من بيروت بسبب الاجتياح الاسرائيلي في 1982، للقاء قادة سياسيين لبنانيين، في سياق ملف عن الوضع الفلسطيني في لبنان.

من بين الأسماء التي اختيرت، عضو المكتب السياسي في منظمة العمل الشيوعي الرفيق نصير الأسعد.

كان نصير يداوم في تلك الأيام في مبنى مجلة "بيروت المساء" في وطى المصيطبة. زرت المبنى، لكن نصيرا كان على سفر، فلم نلتق.

في العام 2000، انتقلت للعمل في جريدة "المستقبل"، وكان نصير مدير تحرير فيها ومسؤول عن قسم المحليات.

كان "دينامو" الجريدة، تراه لا يهدأ، نهارا وليلا، يكتب ويوجه وصوته الجهوري يسمع دائما وهو يتكلم مع المحررين في قسمه.

لم يكن باب مكتبه يغلق، لم يكن مكتبه ممنوع على الاخرين، بل كان ملتقى للجميع.

على أن العلاقة الوطيدة بـ"البيك" جاءت عقب اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كوني احد الذين عملوا على رسم الصفحة الأولى، فكان لنا لقاء ليلي دائم. عندما يجهز المنشيت، يهبط الى الطابق الثاني من مكتبه في الطابق الثالث، ليسلمه باليد، ليس خوفا على ضياعه، انما تواضعا وخجلا من ان يرسله مع احد المكلفين العمل بين الطوابق.

يوصي قبل ذهابه الى قريطم لمتابعة التطورات، بالاتصال اذا لزم الأمر، والشيء نفسه اذا كان ذاهبا الى البيت لقليل من الراحة.

في 8/9 أيار 2008، كنا قد بدأنا نرى حصار الجريدة من قبل المليشيات يتصاعد.. كان التوجه ان ننام ليلتنا الثانية على التوالي في فندق البوريفاج.

اصر البيك على البقاء في مكتبه بالطابق الثالث في الجريدة، ومعه زملاء اخرون، فيما توجه معظمنا الى الفندق. فجرا بدأ الهجوم على الجريدة، ونجا نصير والزملاء بأعجوبة.

كان البيك ونحن على موعد مع اصدار الجريدة من مكاتب الأنوار، متحدين كل محاولات كتم الصوت الآخر، الى ان عدنا إلى مبنى الجريدة.

في المؤتمر الأول لتيار "المستقبل" انتخب نصير الأسعد عضوا في المكتب السياسي للتيار، وغادر الجريدة الى مقر التيار في القنطاري. عاد نصير مجددا الى العمل السياسي المباشر، ولم يكن اصلا غادره كصحافي.

في آذار الماضي، وكنت احضر لملف عن التجربة الفسطينية في لبنان، عدت مجددا للقاء نصير ليس كسياسي فقط، انما كصديق واستاذ لطلب النصح بشأن كيفية التعامل مع الملف الدقيق هذا.. دام اللقاء قرابة ساعة ونصف..

حدثني عن مرحلة 1982 ـــ 1985 والدور الذي لعبه في التنسيق بين الرئيس الراحل ياسر عرفات ومن تبقى من القيادات الفلسطينية في لبنان.

كان يعرف كثيرا عن الملف الذي انا بصدده، لكنه اصر على ان لا يدلي بدلوه، "فهناك من هو أكثر دراية بما حصل في التجربة الفلسطينية" وفق تواضعه الدائم.

لم يكن حديثنا كله عن الملف، انما عنه وعني وعن الوضع المعيشي والسياسي وبعض الذكريات..

غادرت لتحضير الملف الذي نشر اعتبارا من 13 نيسان. لم ار نصيرا بعد ذلك... سمعت بالذبحة التي اصابته.. لم أتجرأ على زيارته.. ثم بموته الذي صدمني!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق